رائحتك المفضّلة قد تخدعك: اكتشفي مخاطر العطور وتأثيرها على صحتك

ربما تضعين العطر كل صباح دون تفكير، في لحظة روتينية تُشعرك بالثقة والجاذبية. لكن ماذا لو أخبرك العلماء أن هذه الرائحة الجميلة تُحدث تفاعلات كيميائية “غير مرئية” حول جسمك قد تؤثر على صحتك؟ دراسة جديدة تدق ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن ما تضعينه على بشرتك لا يبقى عليها فقط، بل يخلق مجالًا كيميائيًا جديدًا يلفك بالكامل ويغير تركيبة الهواء المحيط بك. إليك التفاصيل التي توضح مخاطر العطور على الصحة.

انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.

تأثير مستحضرات التجميل على صحتك

أشارت دراسة بعنوان “تأثير مستحضرات العناية الشخصية على مجال الأكسدة البشري في البيئات المغلقة”، المنشورة في مجلة التقدم العلمي (بالإنجليزية: Science Advances)، الصادرة عن الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، إلى أن المواد الكيميائية المنبعثة من العطور ومرطبات البشرة قد تؤثر بشكل مباشر على التفاعلات الكيميائية التي تحدث حول الجسم، والمعروفة باسم مجال الأكسدة البشري.

هذا المجال يُعدّ بمثابة “درع غير مرئي” يتفاعل مع الملوثات في الهواء بهدف تقليل ضررها، لكن المستحضرات الشائعة قد تُضعفه، مما يؤدي إلى تكوين نواتج ثانوية كيميائية قد يكون لها تأثيرات غير معروفة على صحة الإنسان، خاصة في الأماكن المغلقة حيث تتضاعف التراكيز الكيميائية بسبب قلة التهوية.

شاهد أيضًا: سر جمال بشرتك يكمن في حمايتها: دليلك لفهم حاجز البشرة وكيفية تقويته

مخاطر العطور على الصحة

على الرغم من  أن العطور تضفي لمسة من الأناقة والجاذبية، إلا أنها قد تحمل في طياتها تهديدات صحية صامتة لا يشعر بها المستخدم. فقد كشفت دراسات حديثة أن بعض مكوناتها تتفاعل مع الهواء والجسم بطرق قد تكون ضارة، ومن أبرز مخاطر العطور على الصحة ما يلي:

• تعطيل “مجال الأكسدة البشري”: وهو حاجز كيميائي طبيعي يحيط بالجسم ويعمل على تحييد الملوثات.

• زيادة استنشاق المركبات الضارة: مثل الإيثانول والفينوكسي إيثانول التي تتراكم قرب الأنف.

• إنتاج نواتج كيميائية غير معروفة التأثير: خاصة عند التفاعل مع الأوزون في الهواء.

• تهيج الجهاز التنفسي والجلد: لدى بعض الأشخاص الحساسين للعطور الصناعية.

• تقليل قدرة الجسم على مقاومة الملوثات الهوائية: مما يزيد خطر التأثر بالجسيمات السامة.

شاهد أيضًا: أسرار حب الشباب: ماذا تكشف البثور عن صحتك؟

تفاعلات العطور والكريمات مع الجسم

المفاجأة التي كشفتها الدراسة المنشورة في مجلة التقدم العلمي (بالإنجليزية: Science Advances) كانت صادمة:

• عند استخدام العطور أو الكريمات المرطبة، تزداد انبعاثات مركبات مثل الإيثانول والفينوكسي إيثانول.

• هذه المركبات ترتفع تركيزاتها بشكل كبير حول الأنف، ما يزيد من احتمالية استنشاقها.

• عند تعرّض الغرفة للأوزون، تقل قدرة الجسم على إنتاج جذور OH بنسبة تصل إلى 34%.

هذا يعني أن مستحضرات التجميل قد تُعطّل آلية الجسم الطبيعية في تنقية الهواء المحيط، وتُطلق بدلاً من ذلك نواتج كيميائية جديدة وغير مفهومة التأثير، مما يؤكد ضرورة الحذر من مخاطر العطور على الصحة.

مخاطر العطور داخل الأماكن المغلقة

يشير البروفيسور جوناثان ويليامز، أحد القائمين على الدراسة، إلى أن هذه التفاعلات تحدث مباشرة في منطقة التنفس وعلى سطح الجلد، ما يجعل مخاطر العطور على الصحة أكثر خطورة مما نتخيل.

في عالم نميل فيه إلى الاطمئنان لما هو مألوف، تُسلّط هذه النتائج الضوء على تهديد صامت قد يتسلل إلينا دون أن ندرك. فالتفاعلات الكيميائية الناتجة عن استخدام العطور ومرطبات الجلد لا تحدث فقط في الهواء الطلق، بل تتكثف آثارها داخل الأماكن المغلقة، مثل المنازل والمكاتب، حيث نقضي الجزء الأكبر من حياتنا اليومية.

تحدث هذه التفاعلات مباشرة عند مناطق التنفس وعلى سطح الجلد، مما يجعلها أكثر خطورة مما قد يتصوره الكثيرون، خصوصًا أن الجزيئات المنبعثة تتفاعل مع الأوزون لتنتج مواد جديدة قد تكون غير معروفة التأثير على المدى البعيد.

ما يزيد القلق أن الأجسام البشرية نفسها تُصبح عاملًا بيئيًا نشطًا، تغير طبيعة الهواء الداخلي من حولها عبر هذه التفاعلات، ما يفرض تحديات جديدة في فهم كيمياء المساحات المغلقة. لذا، لم يعد تحسين جودة الهواء الداخلي يرتبط فقط بالتهوية أو تنظيف الأسطح، بل بات من الضروري إعادة النظر في طبيعة المنتجات التي نستخدمها على أجسامنا، وتأثيرها الكيميائي غير المرئي على محيطنا القريب، حيث أكد البروفيسور من خلال هذه الدراسة  على ضرورة إعادة النظر في كيمياء الأماكن المغلقة التي نقضي فيها معظم أوقاتنا، مشيرًا إلى أن الأجسام البشرية نفسها قد تُصبح عاملاً مغيرًا للهواء الداخلي بطرق لم تكن مفهومة من قبل.

شاهد أيضًا: جفاف البشرة: 5 علامات يجب معرفتها

ماذا يعني ذلك لصحتك؟

رغم أن الدراسة لم تؤكد وجود ضرر مباشر حتى الآن، فإنها أثارت أسئلة مهمة حول مخاطر العطور على الصحة:

• هل يمكن أن تُسبب هذه النواتج الكيميائية أمراضًا مزمنة على المدى الطويل؟

• ما تأثير هذه المواد على الأطفال أو أصحاب الأمراض التنفسية؟

• هل نحتاج إلى تشريعات جديدة لضبط تركيبة العطور ومنتجات العناية الشخصية؟

الأمر الواضح حاليًا هو أن العطور ليست مجرد رائحة، بل مكوّن نشط يدخل في تفاعلات كيميائية مع البيئة المحيطة بك.

شاهد أيضًا: 6 أسباب تجعلك تتجنب السيليكون في منتجات العناية

كيف تحمين نفسك؟

حتى تُحسم المسألة علميًا، إليك بعض التوصيات الاحترازية لحماية نفسك من مخاطر العطور على الصحة:

• تجنّبي الإفراط في استخدام العطور أو الكريمات المعطرة في الأماكن المغلقة.

• افتحي النوافذ أو استخدمي أجهزة تنقية الهواء لتقليل تركيز المواد الكيميائية الطيارة.

• اختاري منتجات تحتوي على مكوّنات طبيعية وبتركيبات بسيطة قدر الإمكان.

• لا تضعي العطور مباشرة على الجلد، بل اكتفي برشها على الملابس عند الضرورة.

شاهد أيضًا: 9 طرق مضمونة لتكثيف الحواجب

خلاصة

تذكّري أن “ما لا ترينه لا يعني أنه غير موجود”. العطور ومستحضرات التجميل ليست مجرد رفاهية، بل تدخل في تفاعلات معقدة قد تمس صحتك دون أن تشعري. ومن هنا، تُعد هذه الدراسة دعوة لإعادة التفكير في عاداتنا اليومية، واختيار منتجاتنا بعين علمية واعية.