يرى البعض أنفسهم في المرآة بصورة مختلفة تمامًا عن الواقع، لا لأنهم يسعون لتحسين مظهرهم فقط، بل لأنهم يعانون من هوس مزعج يُعرف باسم اضطراب تشوه الجسم (Body Dysmorphic Disorder). . في هذا المقال، نسلّط الضوء على أسباب اضطراب تشوه الجسم، وأعراضه، وكيفية التعامل معه بطرق علمية ونفسية فعّالة.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو اضطراب تشوه الجسم؟
اضطراب تشوه الجسم (بالإنجليزية: Body dysmorphic disorder) هو حالة صحية عقلية تجعل صاحبها يبالغ في التركيز على عيوب جسدية قد تكون غير مرئية أو بسيطة في نظر الآخرين؛ مما يسبب له ضيقًا شديدًا ويؤثر سلبًا على ثقته بنفسه وعلى أنشطته الوظيفية والاجتماعية.
ما هي أعراض اضطراب التشوه الجسمي؟
يدقق المصابون باضطراب تشوه صورة الجسم في عيوب ومناطق معينة من الجسم، مثل: الشوائب أو حب الشباب في الوجه، وملامح الوجه كالأنف، والشفتين، والعينين، وكثافة الشعر، ومظهره، ولونه، ومظهر الجلد، وحجم الثدي، وحجم العضلات وقوتها، بالإضافة إلى حجم وشكل الأعضاء التناسلية.فيما يأتي مجموعة من أعراض الإصابة باضطراب تشوه الجسم:
- الإيمان القوي بأن لدى الشخص عيبًا في مظهره يجعله قبيحًا أو مشوهًا.
- الانشغال الشديد بالعيب المتخيل، أو غير الظاهر، أو البسيط.
- اعتقاد المصابين بهذا الاضطراب بأن الأشخاص الآخرين ينظرون إليهم بشكل سلبي أو يتكلمون بسخرية.
- الاندماج بسلوكيات لإصلاح العيب أو إخفائه مثل النظر في المرآة بشكل متكرر، أو الحلاقة، أو شفط الجلد.
- محاولة إخفاء العيوب بالملابس، أو المكياج، أو التصفيف.
- مقارنة مظهرهم بالأشخاص الآخرين.
- تدني احترام الذات.
- تجنب المواقف الاجتماعية.
- انخفاض التركيز في المدرسة أو العمل.
- تجنب المرايا تمامًا.
- تغيير الملابس بشكل متكرر.
- الإفراط في البحث والقراءة عن العيب.
- زيارة جراح الجلد والتجميل لمحاولة تصحيح العيب.
أسباب الإصابة
لم يتم تحديد اسباب اضطراب تشوه الجسم، لكن تشير إحدى النظريات إلى أن الاضطراب يحدث بسبب مشكلة في حجم أو أداء مناطق معينة في الدماغ تعالج المعلومات المتعلقة بالمظهر وشكل الجسم، كما أن هذا الاضطراب يحدث غالباً عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب الشديد.
عوامل الخطر
غالبًا ما يبدأ إضطراب تشوه الجسم في سنوات المراهقة كما يؤثر على كل من الذكور والإناث، وفيما يلي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهذا الاضطراب:
- وجود أقارب من الدرجة الأولى يعانون من اضطراب تشوه الجسم أو اضطراب الوسواس القهري.
- تجارب الحياة السلبية؛ مثل: الصراع العاطفي، أو الأحداث المؤلمة أثناء الطفولة.
- تدني احترام الذات.
- انتقاد مظهر الشخص من قبل الآباء والأشخاص الآخرين.
- الإصابة بحالة عقلية أخرى؛ مثل الاكتئاب والقلق.
مضاعفات اضطراب تشوه صورة الجسم الجسم
في حالات اضطراب التشوه الجسمي من الممكن أن يصبح الشخص خجولًا جدًا بحيث لا يخرج إلى الأماكن العامة ويصاب باضطراب يسمى العزلة الاجتماعية ومن الممكن أن يؤثر هذا على الحياة المدرسية أو الوظيفية، كما أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب الشديد.
كما أن الضيق والاكتئاب المصاحب للاضطراب يعرض الأشخاص المصابين به لخطر الإقدام على الانتحار، ومن الممكن أن يخضع المصابون بهذا الاضطراب لعمليات جراحية كثيرة لمحاولة تصحيح العيب؛ مما يسبب تشوه في أماكن العمليات، وفيما يلي المضاعفات الأخرى التي قد يسببها هذا الاضطراب:
- اضطراب الوسواس القهري.
- اضطراب الرهاب الاجتماعي.
- اضطرابات الأكل.
- تعاطي المواد المخدرة.
تشخيص اضطراب تشوه صورة الجسد
يعد تشخيص هذا الاضطراب من الأمور الصعبة حيث إن الأشخاص المصابين به يشعرون بالعار؛ مما يجعلهم أكثر سرية، واتفق الخبراء أن معظم حالات اضطراب تشوه الجسم لا يتم التعرف عليها، حيث إن الأشخاص المصابين يشعرون بالحرج ويترددون في إخبار الأطباء بما يشعرون به، نتيجة لذلك من الممكن أن تمر سنوات عديدة دون أن يلاحظ أحد.
من إحدى العلامات التحذيرية للأطباء عندما يسعى المريض مرارًا وتكرارًا إلى إجراء جراحة تجميلية، وهنا يأتي دور أطباء الجراحة التجميلية، حيث أجريت دراسة عام 2015 أن من 7 – 8 بالمائة من الأشخاص الذين يخضعون لعمليات تجميلية في الولايات المتحدة يعانون من اضطراب تشوه الجسم.
لهذا يجب على أطباء الجراحة التجميلية أن يكونوا على معرفة بعلامات هذا الاضطراب، وفي حال كانوا يعتقدون أن الشخص مصاب باضطراب تشوه الجسم يجب أن يحثوا المصاب بزيارة الطبيب النفسي، وأحد الطرق للقيام بذلك استخدام الدليل التشخيصي والإحصائي DSM-5.
من الممكن أن يقرر الجراح التجميلي إصابة الشخص بالمرض إذا كان الشخص استوفى معايير دليل DSM-5 لهذا الاضطراب، أو إذا أجرى عمليات جراحية عديدة دون الشعور بالرضى، أو إذا كان قلق الشخص مفرطاً بالنسبة لحجم العيب.
عند تشخيص اضطراب تشوه الجسم من المرجح أن يبدأ الطبيب بفحص بدني وتقييم المريض بتاريخ كامل، وفي حال اشتباه الطبيب إصابة الشخص بهذا الاضطراب فقد يحيل الشخص لطبيب نفسي، ويقوم الطبيب النفسي بالتشخيص بناءً على سلوك المريض والأعراض التي يعاني منها.
شاهد أيضًا: هل تعلم أن مرض الذهان يصيب الملايين؟ كن واعيًا ولا تتجاهل الإشارات
علاج اضطرابات صورة الجسم
غالبًا ما يحتاج المريض باضطراب تشوه الجسد إلى مجموعة من العلاجات:
العلاج السلوكي المعرفي
فيما يلي الأمور التي يركز عليها العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب تشوه شكل الجسم:
- معرفة كيفية تجنب الأفكار السلبية، وردود الفعل الغير طبيعية، والسلوكيات العاطفية على بعض المشاكل.
- تحدي الأفكار السلبية حول العيب في جسم المصاب وتعلم طرق تفكير أكثر مرونة.
- تعلم طرق بديلة للتعامل مع الالحاحات للمساعدة في تقليل فحص المرآة أو الاستخدام المفرط للخدمات الطبية.
- تعليم المريض سلوكيات أخرى لتحسين صحته العقلية، مثل معالجة العزلة الإجتماعية .
العلاج الدوائي
لا يوجد أدوية معينة على وجه التحديد معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لاضطراب تشوه صورة الجسم، لكن من الممكن أن تكون الأدوية المستخدمة لعلاج حالات الصحة العقلية الأخرى مثل: اضطراب الوسواس القهري والاكتئاب أن تكون فعالة، وتشمل:
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية: من الممكن وصف مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية لأن اضطراب تشوه الجسم من الممكن أن يكون ناتجاً عن مشاكل متعلقة بمادة السيروتونين في الدماغ، كما أن هذا النوع من الأدوية أكثر فعالية لعلاج هذا الاضطراب من مضادات الاكتئاب الأخرى، ومن الممكن أن تساعد في التحكم في الأفكار السلبية والسلوكيات المتكررة.
- أدوية أخرى: من الممكن استخدام بعض الأدوية الأخرى في بعض الحالات، ويعتمد نوع الدواء على الأعراض التي يعاني منها مريض اضطراب تشوه صوره الجسد.
علاجات أخرى لعلاج اضطراب تشوه صورة الجسم
- التعرف على الاضطراب: من الممكن أن يساعد التثقيف حول الاضطراب في تحفيز المريض على الالتزام بالخطة العلاجية الخاصة به.
- الانتباه لعلامات التحذير: يجب على المريض أن يعلم من قبل الطبيب النفسي أو مقدم الرعاية الصحية محفزات الأعراض لديه، وأن يضع خطة في حال عودة الأعراض، والاتصال بالطبيب النفسي إذا لاحظ أي تغييرات في الشعور أو الأعراض.
- ممارسة الاستراتيجيات المتعلَّمة في المنزل: يجب على المريض أن يمارس بشكل روتيني المهارات التي تعلمها أثناء العلاج.
- تجنب الكحول والمخدرات: قد تسبب الكحول والمخدرات إلى تفاقم الأعراض، ومن الممكن أن تتفاعل مع الأدوية.
- ممارسة التمارين الرياضية: قد يساعد النشاط البدني والتمارين الرياضية لإدارة الكثير من الأعراض؛ مثل: الشعور بالتوتر، والقلق، والاكتئاب، ومن الأنشطة الرياضي التي ينصح بها المشي، والركض، والسباحة، أو ركوب الدراجة الهوائية، أو أي شكل آخر من التمارين الرياضية التي يستمتع بها المريض، لكن يجب تجنب الإفراط في ممارسة الرياضة لإصلاح العيب الملحوظ.
شاهد أيضًا: متى يجب عليك مراجعة طبيب نفسي؟ إليك 10 علامات لا تتجاهلها
يُعد اضطراب التشوه الجسمي حالة نفسية معقدة قد تخفي وراءها معاناة عميقة لا تظهر للعيان. وبينما يظن البعض أنها مجرد هواجس شكلية، فإنها تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة النفسية والاجتماعية للمصابين بها. إن التوعية بهذا الاضطراب والتعاطف مع من يعانون منه يُعدان خطوة أولى نحو العلاج والتعافي. لذا، فإن طلب المساعدة النفسية والدعم من المتخصصين يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في حياة المريض، ويعيد له ثقته بجسده وذاته.