مع بداية عام جديد، يشعر كثيرون برغبة صادقة في تغيير نمط حياتهم، وتحسين صحتهم، واستعادة طاقتهم. وبين كل القرارات الشائعة، يظل الجري واحدًا من أكثر الأنشطة التي تُكتب في قائمة الأهداف، لكنه أيضًا من أكثرها التي يتم التخلي عنها بعد أسابيع قليلة.
السؤال الحقيقي ليس فقط كيف تبدأ الجري، بل: كيف تحوّله إلى عادة ثابتة ترافقك طوال العام؟
في هذا المقال، نقدم لك دليلًا عمليًا مبنيًا على أسس علمية ونفسية، يساعدك على البدء بالجري بطريقة صحيحة، والأهم: الالتزام به دون ضغط أو إحباط.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
لماذا يعتبر الجري خيارًا مثاليًا لبداية السنة؟
قبل الحديث عن الخطوات، من المهم أن نفهم لماذا يُنصح بالجري تحديدًا مع بداية العام.الجري ليس مجرد تمرين بدني، بل نشاط متكامل يؤثر على الجسم والعقل معًا، وقد أظهرت دراسات منشورة في المجلة البريطانية للطب الرياضي (بالإنجليزية: British Journal of Sports Medicine) أن الجري المنتظم يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويحسن المزاج، ويعزز الصحة النفسية بشكل واضح.
فوائد الجري في بداية السنة
-
يعزز الإحساس بالإنجاز منذ الأسابيع الأولى.
-
يرفع مستوى الطاقة والتركيز.
-
يساعد على تنظيم النوم.
-
يخفف التوتر المرتبط بضغوط الحياة والعمل.
كيف تبدأ الجري بطريقة صحيحة دون إرهاق؟
الخطأ الأكثر شيوعًا لدى المبتدئين هو الحماس الزائد. كثيرون يبدأون بسرعة وقوة، ثم يتوقفون بسبب التعب أو الإصابة. البداية الصحيحة هي مفتاح الاستمرارية.
ابدأ بالمشي قبل الجري
إذا كنت لم تمارس الجري من قبل، فلا تبدأ بالجري مباشرة. الجسم يحتاج إلى التهيئة.
-
خصص الأسبوع الأول للمشي السريع من 20 إلى 30 دقيقة.
-
في الأسبوع الثاني، امزج بين المشي والجري (دقيقة جري إلى دقيقتان مشي).
-
زد مدة الجري تدريجيًا وفق شعورك.
اختر وقتًا واقعيًا يناسب نمط حياتك
الالتزام لا يأتي من الوقت المثالي، بل من الوقت الممكن.
-
الجري الصباحي مناسب لمن يحب الهدوء وبداية نشطة.
-
الجري المسائي مناسب لتفريغ التوتر بعد يوم طويل.
-
اختر وقتًا ثابتًا، حتى لو كان قصيرًا.
لا تهمل الإحماء والتهدئة
كثير من الإصابات لا تأتي من الجري نفسه، بل من تجاهل التحضير.
-
قم بتمارين إطالة خفيفة قبل الجري.
-
بعد الانتهاء، خصص 5 دقائق للمشي البطيء.
-
ركّز على التنفس العميق.
هذه العادات تقلل خطر الإصابات وتحسن الأداء على المدى الطويل.

كيف تلتزم بالجري ولا تتوقف بعد الحماس الأول؟
هنا يكمن التحدي الحقيقي. البداية سهلة، لكن الالتزام يحتاج وعيًا واستراتيجية.
اربط الجري بهدف شخصي واضح
الجري من أجل “الصحة” هدف عام، لكنه غير محفز بما يكفي.
-
هل تريد تحسين لياقتك؟
-
هل تسعى لتخفيف التوتر؟
-
هل تريد إنقاص الوزن؟
كلما كان الهدف شخصيًا وواضحًا، زادت فرص الاستمرار.
لا تقارن نفسك بالآخرين
وسائل التواصل قد تكون سيفًا ذا حدين.
-
كل شخص له لياقته وظروفه.
-
التقدم البطيء أفضل من التوقف.
-
ركّز على تطورك أنت، لا على أرقام غيرك.
علم النفس الرياضي يؤكد أن المقارنة تقلل الدافع الداخلي وتزيد الإحباط.
اجعل الجري تجربة ممتعة لا واجبًا ثقيلًا
العقل يهرب من الألم، ويبحث عن المتعة.
-
استمع إلى موسيقى تحبها.
-
اختر مسارًا جميلًا أو مكانًا مفتوحًا.
-
غيّر الروتين من وقت لآخر.
عندما ترتبط العادة بمشاعر إيجابية، تصبح جزءًا من نمط الحياة.
تقبّل التوقف المؤقت دون جلد الذات
قد تمر أيام تتوقف فيها عن الجري، وهذا طبيعي.
-
لا تعتبر التوقف فشلًا.
-
عد في اليوم التالي دون تعويض مبالغ فيه.
-
الاستمرارية تُقاس على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: أيهما أفضل لإنقاص الوزن.. هل المشي قبل تناول الطعام أم بعده؟

فوائد الجري على المدى الطويل
الجري على المدى الطويل يُحدث تغييرات تراكمية إيجابية لا تظهر فجأة، لكنها تُحدث فرقًا حقيقيًا في الصحة الجسدية والنفسية مع الاستمرار والانتظام.
-
تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية: يساعد الجري المنتظم على تقوية عضلة القلب وتحسين الدورة الدموية، مما يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب على المدى البعيد.
-
تحسين كفاءة الجهاز التنفسي: يزيد من قدرة الرئتين على استيعاب الأكسجين واستخدامه بكفاءة أعلى أثناء النشاط اليومي.
-
الحفاظ على وزن صحي: يساهم في حرق السعرات الحرارية وتنظيم التمثيل الغذائي، مما يساعد على تثبيت الوزن بشكل مستدام.
-
تقوية العضلات والعظام: يدعم كثافة العظام ويقوي عضلات الساقين والجذع، مما يقلل خطر الإصابات مع التقدم في العمر.
-
دعم الصحة النفسية: يخفف من التوتر والقلق ويحسن المزاج بفضل إفراز هرمونات السعادة أثناء الجري.
-
تحسين جودة النوم: يساعد على النوم بشكل أعمق وأكثر انتظامًا، خاصة عند الالتزام بروتين ثابت.
-
رفع مستوى الطاقة والتركيز: يعزز النشاط الذهني والقدرة على التركيز نتيجة تحسين تدفق الدم إلى الدماغ.
-
تعزيز الانضباط والثقة بالنفس: يطوّر الالتزام الذاتي ويمنح شعورًا بالإنجاز مع كل هدف يتم تحقيقه.
اقرأ أيضًا: 5 عادات صحية يومية أبدا بها يومك ستغير حياتك بأكملها

خلاصة
في بداية هذا العام، تذكّر أن الجري لا يتعلق بالسرعة ولا بعدد الكيلومترات، بل بالاستمرارية والنية الصادقة للعناية بنفسك.
إذا فهمت كيف تبدأ الجري بطريقة صحيحة، ومنحت نفسك الوقت والصبر، ستجد أن الجري لم يعد مجرد قرار في بداية السنة، بل عادة ترافقك وتدعم صحتك طوال العام. ابدأ بخطوة بسيطة اليوم، ودع الطريق يتكفل بالباقي.