تؤثر الذئبة الحمراء مثل أي مرض مزمن آخر على نواحي عدة في حياة المريضة المصابة بها، ولعل أهم هذه النواحي هي الزواج والحمل لأهميتهما الكبيرة في إنشاء أسرة وعائلة سليمة متعافية، فما هي العلاقة بين الذئبة الحمراء والزواج؟
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
هل تستطيع مريضة الذئبة الحمراء الزواج؟
إن وجود الجهاز المناعي بمكوناته المعقدة في جسم الإنسان هو نعمة لا تقدر بثمن، لما يقوم به من الدفاع عن صحة الجسم بشكل يومي ضد العوامل المحيطة والممرضة التي لا تعد ولا تحصى، كما أن تنظيم الجهاز المناعي الدقيق يضمن تعرفه على خلايا الجسم وعدم مهاجمته لها.
يفشل جهاز المناعة في التمييز بين العوامل الممرضة وخلايا الجسم ذاته عند وجود خلل به فيقوم بمهاجمة خلايا الجسم ذاتها؛ مما يؤدي لما يعرف بأمراض المناعة الذاتية، وتعتبر الذئبة الحمراء من أكثر هذه الأمراض شيوعًا، وهي تعد مرضًا مناعيًا يصيب أعضاء وأجهزة متعددة في الجسم مؤديًا إلى تلفها، وتشكل الإناث النسبة العظمى من المصابين بالمرض.
لا تعتبر الذئبة الحمراء مرضًا يمنع الزواج بشكل عام، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض المشاكل والعقبات التي تبرز نتيجة معاناة أحد الزوجين من مرض مزمن خطير يؤثر عليه جسديًا ونفسيًا، خصوصًا أن الألم والتعب الناتج عن هذا المرض قد يعيق كثيرًا من الجوانب المهمة في الحياة الزوجية، مثل: الممارسة الطبيعية للجنس والقيام بالواجبات والأعمال المنزلية والاهتمام بتربية الأطفال؛ لذلك فإن أهم ما يمكن أن يساعد في تخطي محنة المرض وتأثيره على كلا الزوجين هو التواصل الفعال والتفاهم لما له من أثر بناء يساعد على دعم وتحسين حياة مريضة الذئبة الحمراء.
شاهد أيضًا: الثقافة الزوجية للرجل والمرأة والمقبلين على الزواج
مرض الذئبة الحمراء والزواج
يحدث خلال الفترة التي يتفعل بها المرض (الهجمة الحادة) خللًا في الممارسة الجنسية الطبيعية، والذي يسبب اضطرابًا في الحياة الزوجية، ويرجع ذلك لعدة أسباب نذكر منها:
- التعب المزمن الناتج عن المرض: إن التعب والإنهاك اللذين تعاني منهما مريضة الذئبة غالبًا ما يكونان أكبر عائق للممارسة الجنسية الطبيعية، كما تشكو المريضة خلال هجمات المرض من فقدان الرغبة الجنسية، وذلك لكون الجنس يحتاج للطاقة والنشاط وهما ما تفتقدهما المريضة أثناء هجمات المرض.
- الألم أثناء الجماع وجفاف الأعضاء التناسلية: في بعض الأحيان قد تعاني مريضة الذئبة من آلام في المفاصل تزداد عند اتخاذ وضعيات معينة أثناء ممارسة الجنس، كما أن جفاف المهبل وفرط حساسية الجلد لديها يعتبر أحد الأسباب المهمة لحدوث الألم أثناء الجماع، والذي يمنع في كثير من الأحيان الممارسة الجنسية الطبيعية خاصة أثناء هجمات المرض الفعال.
- الآثار الجانبية لأدوية علاج الذئبة الحمراء: إن تنوع الأدوية الموصوفة للمريضة يؤدي لكثرة التأثيرات الجانبية التي تحصل في سياق العلاج والتي تؤثر بشكل أو بآخر على قدرتها على الزواج والممارسة الجنسية السليمة، فمثلًا تعد زيادة الوزن من أبرز التأثيرات الجانبية غير المرغوبة للعلاج بالستيروئيدات، كما أن بعض الأدوية المضادة للاكتئاب تنقص من الرغبة الجنسية لدى المريضات المعالجات بها؛ لذلك يجب دومًا مناقشة التأثيرات غير المرغوبة للأدوية ومدى تحمل المريضة لها مع الطبيب المعالج.
- التصورات السلبية عن الذات وقلة الثقة بالنفس: قد يملك المرض تأثيرًا نفسيًا على المريضة يتمثل في تدهور ثقتها بنفسها ورضاها عن ذاتها، والذي يحدث غالبًا بسبب زيادة الوزن في سياق العلاج بالستيروئيدات أو بسبب ظهور الطفح الواضح على جلد الوجه خاصة، الأمر الذي يجعل المريضة تشعر بأنها أقل جاذبية وجمالًا.
الذئبة الحمراء والحمل
لا تعتبر الذئبة الحمراء مرضًا يمنع الحمل بشكل نهائي، ومع هذا يعتبر الحمل عند مريضة الذئبة حملًا عالي الخطورة يجب مراقبته بشكل لصيق لضمان سلامة الأم وجنينها، كما أنه يجب أن يتم تحقيق هجوع المرض (المقصود هدوء هجماته) وتوقف فعاليته قبل التخطيط للحمل، حيث أن أغلب الأبحاث تؤكد أن بعد فترة الهجوع حوالي 6 أشهر يمكن للمرأة الحمل.
يجب التعديل في الأدوية المستخدمة عند التخطيط للحمل، لتجنب استعمال عقاقير تسبب تشوه للجنين (مثلاً يتم إيقاف استخدام دواء الميكوفينولات الذي يسبب تشوه الأجنة واستبداله بدواء الآزاثيوبرين الآمن نسبيًا خلال الحمل)، كما يجب الانتباه إلى أن الحمل يمكن أن يعيد تفعيل المرض بعد هجوعه، لكن يبقى ذلك قليل الشيوع.
هل يمكن علاج الذئبة الحمراء نهائيًا؟
يعد مرض الذئبة من الأمراض التي تحدث بآليات معقدة بسبب خلل متأصل في الجهاز المناعي، ومع الأسف، فإنه حتى هذه اللحظة لم يتوصل العلم إلى علاج نهائي لهذا المرض، بل إن معظم الأدوية والعلاجات تهدف إلى تعديل سير المرض وضبط أعراضه المزعجة للمريضة، حيث يتحدد العلاج بخطورة المرض وأعراضه ودرجة الإصابة، وتتنوع سبل العلاج لتشمل:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية NSAIDs: مثل دواء الإيبوبروفين ونابروكسين الصوديوم، والتي تستخدم لتخفيف الألم والتهاب المفاصل والوذمات، لكن يجب استشارة الطبيب قبل استعمالها عند وجود مشاكل معدية أو كلوية.
- الأدوية المضادة للملاريا: مثل الهيدروكسي كلوروكين، ويستخدم لعلاج الذئبة بسبب تأثيره الكابح لجهاز المناعة، حيث من الممكن أن يساعد في إبطاء سير المرض وتخفيف حالات النكس.
- الستيروئيدات: مثل الميثيل بريدنيزولون، وتستخدم غالبًا في الحالات الشديدة التي تتضمن إصابة الكلية أو الدماغ، كما يتم البدء بها لعلاج الهجمات الحادة من المرض بسبب فعاليتها التي تخفف الالتهاب وتكبح المناعة.
- مثبطات المناعة: مثل دواء الميكوفينولات، والسيكلوفوسفاميد، والميثوتريكسات، والأزاثيوبرين، وهي أدوية تستخدم في الحالات الشديدة وحين تفشل الأدوية الأخرى في تحقيق الاستجابة المرجوة منها، حيث توقف عمل الجهاز المناعي بالكامل؛ وبالتالي فهي تتوقف فعالية المرض، لكن يوجد لهذه الأدوية آثار خطيرة جدًا، أهمها أنها تزيد احتمالية الإصابة بالالتهابات الجرثومية والفيروسية الشديدة، والتي تعد السبب الأهم للوفيات عند من يتناولها.
هل الذئبة الحمراء قاتلة؟
يسبب المرض الذئبة العديد من الإصابات الخطيرة في الجسم:
- إصابة الكليتين والذي تعتبر السبب الأول للوفاة عند المرضى.
- إصابات القلب والدماغ والرئتين والتي تشكل أيضًا سببًا هامًا للوفيات.
- الالتهابات الجرثومية والفيروسية التي تزداد نسبة حدوثها عند مريضة الذئبة بسبب تلقيها العلاج بالأدوية المثبطة والكابتة للمناعة.
ملاحظة: وعلى الرغم من ذلك، فإن أغلب الوفيات تحدث بسبب إهمال العلاج أو تلقي العلاج الخاطيء، حيث إن العلاج الجيد والفعال للمرض قلل نسبة الوفيات والاختلاطات بشكل كبير حتى تكاد الوفيات أن تكون معدومة عند اتباع طرق العلاج الصحيحة، لذلك يجب الاطمئنان واتباع تعليمات الطبيب المعالج بحذافيرها لتقليل اختلاطات المرض وتأثيراتها السلبية على الحياة اليومية للمريضة.
كم سنة يعيش مريض الذئبة الحمراء؟
أصبح الإنذار بمرض الذئبة حاليًا أفضل بكثير من ذي قبل وذلك بفضل الأدوية والعلاجات الحديثة التي سمحت في كثير من الأحيان في التحكم بسير المرض وضبط شدته -وعلى الرغم من كون إنذار المرض ومأمول الحياة يختلف حسب درجة وشدة الإصابة- إلا أنه في معظم الحالات تعيش مريضة الذئبة الحمراء التي تتلقى العلاج الجيد فترة حياة تقارب ما يعيشه الإنسان الطبيعي الذي لا يعاني من المرض.
نصائح ممارسة الجنس بدون ألم لمريضة الذئبة الحمراء
إن التعب والألم المزمن الذي تعاني منه مريضة الذئبة قد يجعل من النشاط الجنسي أمرًا متعبًا للمريضة، لكن مع ذلك يوجد بعض النصائح التي قد تساعد في التغلب على هذه المشكلة والحصول على حياة جنسية سليمة ومرضية للمريضة وزوجها، ومنها:
- يجب تجنب الوضعيات الجنسية التي تتضمن الوقوف أو الاتكاء على الركبتين، ومن الممكن اللجوء إلى وضعية الاستلقاء على الظهر لتفادي ظهور الألم المفصلي الشديد لدى المريضة.
- قد تعاني المريضة أحيانًا من آلام في مفصل الورك تشتد عند ممارسة الجنس بوضعيات معينة، والوضعية الأفضل في هذه الحالة هي أن تكون المريضة مستلقية على جنبها لتفادي تحميل وزن الجسم على مفاصل الورك.
- يشكل الجفاف المهبلي أحيانًا واحدًا من أهم أسباب الألم أثناء الجماع؛ لذلك ينصح باستعمال المزلقات المرطبة للمهبل قبل نصف ساعة من ممارسة الجنس.
مما لا شك فيه أن مرض الذئبة الحمراء يشكل عبئًا لا يستهان به على حياة المريضة لكن بالعلاج الصحيح واتباع النصائح المذكورة أعلاه يمكن التمتع بحياة أقرب ما تكون للطبيعية، كما يمكن المحافظة على صحة الجسم قدر الإمكان.