في صمتٍ ثقيل وتحت وطأة الحرج، يعاني ملايين الرجال من ضعف الانتصاب دون أن يفصحوا عن أزمتهم. هذه المشكلة، التي طالما أُحاطت بالوصمة وسوء الفهم، ليست مجرد خلل جنسي عابر، بل قد تكون إنذارًا مبكرًا لحالة صحية أعمق. في هذا المقال، نفتح الملف الشائك بكل علمية وإنسانية، ونكشف الأسباب الشائعة والخفية التي قد تقف وراء ضعف الانتصاب، بدءًا من نمط الحياة والعوامل النفسية، وصولًا إلى الأمراض المزمنة والتغيرات الهرمونية. المعرفة هنا ليست رفاهية… بل بداية لاستعادة القوة والثقة.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو ضعف الانتصاب
ضعف الانتصاب (بالإنجليزية: Erectile Dysfunction) هو حالة طبية تؤثر فقط على الرجال، وتتمثل في عدم القدرة على تحقيق انتصاب كافٍ للعضو الذكري أو الحفاظ عليه خلال ممارسة العلاقة الجنسية بشكل طبيعي. تشير الدراسات إلى أن واحدًا من كل عشرة رجال يعاني من هذه المشكلة في مرحلة معينة من حياته.
من الجدير بالذكر أن ضعف الانتصاب قد يكون أمرًا طبيعيًا في بعض الأحيان، حيث يحدث عدم الانتصاب في حوالي 20% من الحالات الجنسية بشكل طبيعي. أما الحالات التي تتسم بضعف مستمر، فتشمل أكثر من 50% من الحالات التي يفشل فيها الرجل في تحقيق أو الحفاظ على الانتصاب.
هذه الفروقات توضح أهمية التمييز بين الحالات العابرة والضعف الجنسي المزمن، ما يجعل من الضروري فهم الأسباب والظروف المحيطة لكل حالة على حدة.
شاهد أيضًا: مقويات الانتصاب لمرضى السكر: الدليل الكامل للعلاج الآمن والفعّال
أعراض ضعف الانتصاب
تتنوع أعراض ضعف الانتصاب بين حالات مؤقتة وأخرى قد تستمر لفترات طويلة، وتشمل العلامات التالية:
-
عدم القدرة على تحقيق الانتصاب في بعض المناسبات.
-
صعوبة في الحفاظ على الانتصاب أثناء العلاقة الجنسية.
-
حدوث الانتصاب بشكل غير منتظم أو غير كافٍ لممارسة علاقة طبيعية.
-
في بعض الحالات، قد يشير ضعف الانتصاب إلى وجود مشكلة صحية أكثر خطورة تتطلب تقييمًا طبيًا.
أسباب ضعف الانتصاب
تُقدّر نسبة الإصابة بضعف الانتصاب في الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي 20% من الرجال البالغين، مع ارتفاع هذه النسبة إلى أكثر من 50% بين من تزيد أعمارهم عن 50 عامًا. تتأثر وظيفة الانتصاب بعدة عوامل، تشمل اضطرابات تدفق الدم، مشاكل في الجهاز العصبي، واختلال مستويات الهرمونات في الجسم.
يجدر التنويه إلى أن ضعف الانتصاب ليس دائمًا حالة مرضية، إذ تلعب العوامل النفسية دورًا كبيرًا في تأثيره لدى الرجال. كما أن كثيرًا من حالات ضعف الانتصاب تكون أولية، حيث تظهر المشكلة بعد فترة من الأداء الطبيعي للانتصاب. في بعض الحالات، يعاني الشخص من ضعف انتصاب أولي يتمثل في عدم القدرة على تحقيق الانتصاب مطلقًا.
بشكل عام، تتعدد أسباب ضعف الانتصاب وتشمل ما يلي:
العوامل الجسدية
يمكن أن ينتج ضعف الانتصاب عن عدة أسباب جسدية تستدعي مراجعة الطبيب المختص لتشخيص الحالة بدقة وتحديد العلاج المناسب، ومن أبرز هذه الأسباب:
-
ارتفاع ضغط الدم.
-
الإصابة بمرض السكري.
-
مرض الشلل الرعاشي (باركنسون).
-
التصلب المتعدد.
-
أمراض القلب والأوعية الدموية.
-
ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والكولسترول.
-
السمنة المفرطة.
-
متلازمة التمثيل الغذائي.
-
اضطرابات هرمونية، مثل مشاكل الغدة الدرقية أو نقص هرمون التستوستيرون.
-
مشاكل هيكلية أو تشريحية في العضو الذكري، بما في ذلك مرض بيروني.
-
الإصابات في منطقة الحوض أو الحبل الشوكي.
-
الخضوع للعلاج الإشعاعي في منطقة الحوض.
-
التدخين وتعاطي المشروبات الكحولية بكثرة.
-
استخدام المخدرات مثل الكوكايين.
-
علاجات أمراض البروستاتا.
-
مضاعفات ما بعد الجراحة.
-
تصلب الشرايين، الذي يعيق تدفق الدم إلى العضو الذكري، مما يمنع حدوث الانتصاب الطبيعي.
-
تأثير بعض الأدوية، مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم، أدوية القلب (كالديجوكسين)، مضادات الاكتئاب، المسكنات الأفيونية، بعض أدوية العلاج الكيميائي، والأدوية الهرمونية.
على الرغم من أن العوامل النفسية قد تسهم في ضعف الانتصاب، إلا أنها تمثل أقل من 10% من الحالات، بينما تعود 90% من حالات ضعف الانتصاب لأسباب جسدية.
شاهد أيضًا: علاج التثدي عند الرجال ليس أمرًا مستحيلًا..دليل شامل لاستعادة الثقة
العوامل النفسية
تُعد العوامل النفسية من الأسباب المهمة التي قد تؤدي إلى ضعف الانتصاب، أو تساهم في تفاقم المشكلة، وتشمل مجموعة من الاضطرابات النفسية والعاطفية التي يمر بها الرجل يوميًا، ومن أبرز هذه العوامل:
-
الكآبة والاكتئاب.
-
الخوف والقلق من ممارسة العلاقة الجنسية.
-
اضطرابات القلق العام.
-
اضطراب الأداء الجنسي، حيث يشعر الرجل بقلق مستمر من عدم القدرة على تحقيق الانتصاب، ويُعد هذا الاضطراب من أكثر الأسباب النفسية شيوعًا، إذ يؤثر على نسبة تتراوح بين 9% إلى 25% من الرجال.
-
تداخل العوامل النفسية مع الجسدية، مثل وجود مشاكل عضوية كالبدانة التي تؤدي إلى اضطرابات في تدفق الدم نحو العضو الذكري، مما يزيد من ضعف الانتصاب.
علاج ضعف الانتصاب
بالاعتماد على الفحوصات التشخيصية يضع الطبيب خطة علاجية لضعف الانتصاب التي تتضمن العديد من الخيارات بما فيها الآتي:
العلاجات الدوائية
تُستخدم العلاجات الدوائية الفموية لعلاج ضعف الانتصاب من خلال تعزيز تأثير مادة أكسيد النيتريك، التي يفرزها الجسم بشكل طبيعي، ما يؤدي إلى ارتخاء عضلات العضو الذكري وزيادة تدفق الدم إلى القضيب، مما يسمح بحدوث الانتصاب عند وجود محفز جنسي. من أبرز هذه الأدوية:
-
سيلدينافيل (الاسم التجاري: فياغرا)
-
فاردينافيل (الاسم التجاري: ليفيترا)
من المهم التأكيد على أن هذه الأدوية لا تسبب الانتصاب تلقائيًا، إذ يتطلب عملها وجود محفز جنسي لتحفيز إفراز أكسيد النيتريك من أعصاب القضيب، وتقوم الأدوية بتضخيم هذه الإشارة، ما يساعد على تحقيق انتصاب طبيعي.
تختلف هذه العلاجات في الجرعة، ومدة الفعالية، والآثار الجانبية، التي قد تشمل:
-
احمرار الوجه
-
احتقان الأنف
-
آلام في الظهر
-
اضطرابات في المعدة
لذلك، يُنصح باستشارة الطبيب قبل البدء باستخدام أي من هذه الأدوية لضمان سلامة الاستخدام وتحديد العلاج الأنسب لكل حالة.
مضخات العضو الذكري والجراحة
في بعض الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الدوائية، قد يوصي الطبيب باللجوء إلى إجراءات طبية أكثر تدخلاً، مثل استخدام مضخات خاصة أو التدخل الجراحي. وتشمل هذه الخيارات:
-
مضخة القضيب (جهاز الشفط): هو أنبوب أسطواني مجوف يُوضع فوق العضو الذكري، ويتم استخدام مضخة يدوية أو تعمل بالبطارية لسحب الهواء خارج الأنبوب. يؤدي هذا الفراغ إلى تدفّق الدم داخل القضيب، ما يسبب الانتصاب. بعد ذلك، يتم وضع حلقة مرنة حول قاعدة القضيب للمساعدة في الحفاظ على الانتصاب، ثم يُزال الجهاز بعد تحقيق النتيجة المطلوبة.
-
زراعة القضيب (القضبان القابلة للنفخ أو الثني): في هذه الجراحة، تُزرع قضبان داخل العضو الذكري، إما قابلة للنفخ أو مرنة. تتيح هذه التقنية للرجل تحقيق انتصاب يتحكم به وقتًا وشكلًا، وتُعد خيارًا فعالًا في الحالات التي لا تنجح فيها الوسائل الأخرى.
يُعد اختيار هذا النوع من العلاجات خطوة دقيقة تستند إلى تشخيص شامل، ويجب مناقشتها مع الطبيب لتحديد الأنسب حسب حالة المريض واحتياجاته.
اتباع نمط حياة صحي
إلى جانب العلاجات الطبية، يُوصي الأطباء باتباع نمط حياة صحي لدعم وظيفة الانتصاب وتحسين الصحة الجنسية بشكل عام، وتشمل هذه التدابير:
-
الحفاظ على وزن صحي ومستقر.
-
التوقف عن تدخين السجائر.
-
ممارسة النشاط البدني بانتظام.
-
تجنّب تناول المشروبات الكحولية.
اعتماد أسلوب حياة متوازن لا يساهم فقط في تحسين الانتصاب، بل يقلل أيضًا من عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض المزمنة التي قد تؤثر على الأداء الجنسي.
الخلاصة
ضعف الانتصاب مشكلة شائعة بين الرجال، وقد تكون نتيجة أسباب جسدية أو نفسية أو مزيج منهما. فهم الأسباب يساعد في اختيار العلاج المناسب، سواء كان دوائيًا، جراحيًا، أو من خلال تعديل نمط الحياة. التشخيص المبكر وطلب المشورة الطبية خطوة أساسية نحو استعادة الأداء الجنسي والثقة بالنفس، خصوصًا أن معظم الحالات قابلة للعلاج عند التعامل معها بشكل صحيح ومدروس