يعاني الأطفال من ارتفاع درجة الحرارة بشكل متكرر في السنوات الأولى من العمر، ويعتبر الأمر طبيعيًا. لكن، من الممكن أن يرتكب الوالدان العديد من الأخطاء أثناء محاولتهم خفض درجة حرارة طفلهم، والذي قد يؤدي إلى تفاقم حالته أو إصابته بمضاعفات. إليك أخطاء خفض حرارة الأطفال الشائعة في هذا المقال، والطرق الصحيحة للتعامل مع الحمى.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا
أخطاء خفض حرارة الأطفال الأكثر شيوعًا
نذكر تاليًا أهم الأخطاء التي قد يرتكبها الوالدان أثناء محاولتهما التعامل مع ارتفاع درجة الحرارة لدى طفلهما، ومخطار هذه الأخطاء على صحته.
عدم قياس درجة الحرارة بطريقة صحيحة
يعد عدم قياس درجة حرارة الطفل بطريقة صحيحة واحدًا من أكثر أخطاء خفض حرارة الأطفال شيوعًا بين الأهل، إذ يؤدي الاعتماد على وسائل غير دقيقة إلى تقدير خاطئ لشدة الحمى واتخاذ قرارات علاجية غير مناسبة. تعتمد دقة القياس على اختيار الجهاز الصحيح، فالترمومتر الرقمي المعتمد هو الخيار الأكثر موثوقية، بينما تعتبر اليد أو اللمس وسيلة غير دقيقة ولا يمكن أن تعكس الحرارة الحقيقية للجسم. كما يؤثر مكان القياس في النتيجة؛ فالقياس الشرجي غالبًا ما يكون الأقرب للصحيح لدى الأطفال الصغار، في حين يناسب القياس الفموي أو تحت الإبط الأطفال الأكبر سنًا.
يرتكب بعض الأهل خطأ شائعًا بعدم الانتظار المدة الكافية لظهور القراءة النهائية، أو استعمال ميزان حرارة منخفض الجودة يقدم أرقامًا مضللة. كذلك قد تؤدي الملابس الثقيلة، البكاء الشديد، أو النشاط البدني قبل القياس إلى نتائج مرتفعة بشكل غير واقعي. ويسهم سوء الفهم هذا في بدء علاج غير ضروري أو تأخير طلب المساعدة الطبية في الوقت المناسب. لذلك ينصح بقياس الحرارة بطريقة موثوقة، وتكرار القراءة عند الشك، لضمان متابعة حالة الطفل بدقة واتخاذ القرار الصحيح.
اقرأ أيضًا: وداعًا للحمى: أسرع خافض حرارة للرضيع والطفل والشخص البالغ

إعطاء الطفل جرعات زائدة من خافضات الحرارة
يعتبر إعطاء الطفل جرعات زائدة من خافضات الحرارة من أخطر أخطاء خفض حرارة الأطفال التي قد يرتكبها الأهل عند التعامل مع الحمى، إذ يؤدي تجاوز الجرعة الموصى بها إلى مضاعفات قد تفوق خطورة الحمى نفسها. يعتمد تأثير الباراسيتامول أو الإيبوبروفين على الجرعة المناسبة المرتبطة بوزن الطفل وعمره، وقد تسبب أي زيادة غير محسوبة أضرارًا على الكبد أو الكلى، أو تؤدي إلى انخفاض شديد في حرارة الجسم بشكل يربك آلية التنظيم الحراري الطبيعية.
يلجأ بعض الأهل إلى تكرار الجرعات ظنًا أنها تسرع خفض الحرارة، بينما يحتاج الدواء وقتًا ليظهر فعاليته، وقد يؤدي إعطاء جرعتين متقاربتين إلى التسمم الدوائي تدريجيًا. كما يشكل خلط نوعين من الخافضات دون استشارة طبية خطرًا إضافيًا، إذ قد يتداخل تأثيرهما ويصعب تحديد الجرعة الفعلية التي حصل عليها الطفل خلال اليوم.
وتزداد الخطورة عندما تستخدم ملاعق المطبخ بدلًا من السرنجة المخصصة للجرعات، مما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في كمية الدواء. لذلك ينصح بالالتزام الدقيق بتعليمات العبوة أو وصف الطبيب، وتسجيل مواعيد الجرعات لتفادي تكرارها، مع ضرورة طلب المشورة الطبية عند استمرار الحرارة رغم العلاج.
أعطاء الطفل دواء الأسبرين
قد يكون إعطاء الطفل دواء الأسبرين من أخطاء خفض حرارة الأطفال الخطيرة للغاية، إذ يمنع استخدام الأسبرين تمامًا للأطفال والمراهقين دون سن 16 عامًا بسبب ارتباطه بمتلازمة خطيرة تعرف باسم متلازمة راي. تؤثر هذه الحالة النادرة وشديدة الخطورة على الكبد والدماغ، وقد تتطور بسرعة خلال ساعات إذا تلقى الطفل الأسبرين أثناء إصابته بعدوى فيروسية مثل الإنفلونزا أو الجدري المائي.
يلجأ بعض الأهل إلى إعطاء الأسبرين ظنًا منه أنه يعمل مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين، بينما تختلف آلية تأثيره ومخاطره بشكل كبير. كما قد يؤدي الأسبرين إلى تهيج المعدة، واضطرابات في تجلط الدم، وانخفاض غير آمن في الصفائح الدموية لدى الأطفال، مما يجعل استخدامه لتخفيف الحمى خيارًا غير مناسب إطلاقًا في هذه الفئة العمرية.
ويزداد الخطر حين يحصل الطفل على الأسبرين دون علم الأهل بوجوده في بعض الأدوية المركبة لعلاج نزلات البرد، لذلك يجب قراءة مكونات الدواء بعناية قبل إعطائه للطفل. وينصح دائمًا بالاعتماد على خافضات الحرارة الموصى بها للأطفال، مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين، وطلب استشارة طبية عند عدم تحسن الحرارة أو ظهور أي أعراض مقلقة.
استخدام الكحول على الجلد
من الطرق الخاطئة لخفض حرارة الأطفال التي ما تزال منتشرة بين بعض الأهالي وضع الكحول على جلد الطفل بهدف تبريده. هذه الطريقة خطيرة لأنها تسبب تبخرًا سريعًا قد يخفض حرارة الجلد فقط، بينما تبقى حرارة الجسم الداخلية مرتفعة.
الأخطر أن الكحول يمتص عبر الجلد بسرعة، خصوصًا عند الأطفال، وقد يؤدي إلى تسمم كحولي يظهر على شكل دوخة، ونعاس شديد، وتقيؤ أو صعوبة في التنفس، كما قد يسبب تهيجًا وحروقًا بسيطة للجلد الحساس. لذلك لا يجب استخدام الكحول نهائيًا، والأفضل الاعتماد على الطرق الآمنة مثل الكمادات الفاترة، والترطيب الجيد، والجرعات الصحيحة من خافض الحرارة.

عدم الاستجابة المناسبة لنوع الحمى
يبالغ بعض الأهالي برد فعلهم تجاه الحمى الخفيفة، فيشعرون بالذعر ويعطون الطفل خافضات حرارة بشكل متكرر دون داعٍ، مما قد يسبب اضطراب نوم الطفل أو آثار جانبية للأدوية. في المقابل، هناك حالات أخرى يتجاهل فيها الأهل الحمى العالية ولا يطلبون المشورة الطبية، معتقدين أنها ستزول من تلقاء نفسها، وهذا قد يؤدي إلى تفاقم الحالة أو تأخر تشخيص أمراض خطيرة. من المهم معرفة درجة حرارة الطفل الصحيحة والتصرف بما يتناسب مع شدتها، مع استشارة الطبيب عند الحاجة.
لف الطفل بالكثير من الملابس والأغطية
من أكثر أخطاء خفض حرارة الأطفال شيوعًا أيضًا، اعتقاد الأهل أن تغطية الطفل جيدًا تساعده على التعرق وبالتالي خفض الحرارة. لكن الحقيقة أن الإكثار من الملابس والأغطية يمنع الجسم من فقدان حرارته الطبيعية عبر الجلد، مما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة أكثر بدل خفضها.
كما قد يسبب الطفل الانزعاج، والتعرق الزائد، والجفاف، أو حتى خطر السخونة الزائدة (بالإنجليزية: Overheating) عند الرضع. الأفضل هو إلباس الطفل طبقة خفيفة فقط، والمحافظة على حرارة الغرفة معتدلة، والسماح للجسم بتبديد الحرارة بشكل طبيعي وآمن.
اقرأ أيضًا: مع العودة للمدرسة: أمراض تنتشر بين الأطفال احذر منها

طرق خفض الحرارة بشكل صحيح
ارتفاع حرارة الطفل أمر شائع، لكن التعامل الصحيح معها مهم لتجنب المضاعفات وضمان راحته. يمكن اتباع الطرق الآمنة التالية:
- قياس الحرارة بدقة: استخدمي ميزان حرارة مناسب للتأكد من درجة الحرارة الحقيقية.
- خافضات الحرارة حسب التعليمات: أعطي الدواء بالجرعة المناسبة وفي الوقت المحدد، مع الانتباه للفارق بين الجرعات.
- الحفاظ على الترطيب: شرب الماء أو الحليب لتجنب الجفاف.
- الملابس الخفيفة: ارتداء ملابس قطنية خفيفة لتسهيل خفض الحرارة بشكل طبيعي.
- الكمادات الفاترة: وضعها على الجبهة أو الإبطين لتخفيف الحرارة.
- استشارة الطبيب عند الضرورة: إذا استمرت الحرارة أو ارتفعت فجأة أو ظهرت أعراض خطيرة.
اقرأ أيضًا: تحذير عاجل: أدوية البرد للأطفال قد تشكل خطرًا على صحتهم

الخاتمة:
قد تسبب أخطاء خفض حرارة الأطفال العديد من الأضرار الصحية، فقد يؤثر إعطاء الطفل جرعات الأدوية الخاطئة على الكبد والكلى، او قد يسبب إعطاء الأسبرين متلازمة راي الخطيرة. ينصح أيضًا بعدم استخدام الكحول لتبريد الطفل، فقد يسبب التسمم الكحولي وتهيج الجلد. ينصح باستشارة الطبيب عندما تكون حرارة الطفل مرتفعة للغاية، كما ينصح بعدم الذعر في حال إصابته بحمى منخفضة، فقد تشفى من تلقاء نفسها دون الحاجة لأدوية قوية.