كتمانك سر قوتك: 9 أسرار يجب أن تحتفظ بها لنفسك وفقًا للخبراء النفسيين

في زمن أصبحت فيه المشاركة علنًا على مواقع التواصل جزءًا من الحياة اليومية، قد يبدو كتم بعض الأمور أمرًا غير طبيعي أو حتى مرفوضًا اجتماعيًا. لكن علماء النفس يرون الصورة من زاوية مختلفة. إذ يقولون إن هناك أشياء معينة في حياتنا، عندما  نشاركها مع الآخرين، قد تؤذينا نفسيًا أو تضر علاقاتنا من دون قصد.

انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.

9 أسرار يجب أن تحتفظ بها لنفسك

بناءً على رؤى نخبة من الأخصائيين النفسيين، أمثال د. نويل سانتوريللي ود. جيمي زوكيرمان، نستعرض في هذا المقال أبرز الأمور التي يُنصح بكتمانها في الحياة اليومية. هذه التوصيات مدعومة بأبحاث في علم النفس الاجتماعي والتحليلي، وتسلط الضوء على مهارة تُعد اليوم من علامات الذكاء العاطفي والنضج: فن الصمت الانتقائي.

رأيك في أسلوب حياة الآخرين

إبداء الملاحظات على خيارات الآخرين سواء تعلّق الأمر بعاداتهم الغذائية أو أنماط عملهم أو حتى طريقة استرخائهم ، يُعبّر غالبًا عن قيمك الخاصة أكثر مما يعكس أي خلل لديهم. تقول د. سانتوريللي: “الأثر أهم من النية”. وقد تُفهم هذه التعليقات على أنها انتقاد أو تقليل من الشأن، خصوصًا إذا جاءت تحت تأثير الانفعال أو ظروف غير متزنة، كما تشير د. كيلي.

التربية: خط أحمر لا يُتجاوَز

تربية الأطفال من أكثر المواضيع حساسية. أي تعليق غير مطلوب يُعتبر تدخّلًا مباشرًا في مساحة شخصية للغاية. توضح د. سانتوريللي أن “النقد لا يُغيّر، بل يبني حواجز”، وتنصح بعدم تقديم أي ملاحظات في هذا الشأن إلا إذا طُلب منك ذلك بوضوح، وحينها يجب أن يكون الكلام مدروسًا وخاليًا من الأحكام.

لا تفشي ما ليس لك

الثقة تُبنى على صون الخصوصية. نقل أسرار الآخرين—حتى بحسن نية—يُعد خيانة للعلاقة، ما لم يكن هناك خطر حقيقي على حياة الشخص أو من حوله، وهنا، كما تشرح د. زوكيرمان، يصبح التدخل ضرورة أخلاقية لا خيارًا.

“قلت لك”: جملة تجرح أكثر مما تُفيد

رغم أن نية التذكير قد تبدو بريئة، فإن عبارة “قلت لك” بعد فشل شخص في تجربة ما تُعد قاسية ومحبطة. د. كيلي تنصح: “دعها تمر في ذهنك، لا على لسانك”، لأن الغرض ليس إثبات صحة رأيك، بل دعم الآخر في لحظة ضعفه.

المخاوف العميقة: ليست للجميع

مشاركة المخاوف والهواجس مع شخص مقرّب أمر صحي ومفيد، لكن بثّها أمام الجميع قد يعرّضك للأذى أو الاستغلال. تؤكد د. سانتوريللي أن “الضعف لا يعني كشف كل شيء، بل اختيار من يستحق أن يرى هذا الجزء الحساس منك”.

اقرأ أيضًا: اكتشف قوة الشخصية الانبساطية وتعرف على أسرارها

لا تُعلّق على الآخرين

حتى المديح المرتبط بالمظهر قد يحمل نتائج عكسية. فقدان الوزن قد يكون بسبب مرض، والمظهر المرتب لا ينفي وجود اكتئاب. تقول د. سانتوريللي: “ما تراه لا يروي القصة كاملة”، لذا الأفضل ترك المساحة الآمنة للجسد دون تعليقات.

احفظ سر الحديث

المحادثات الخاصة ليست للنقل أو التسلية، حتى في لحظات “الفضفضة”. كشف ما قيل في إطار خاص دون إذن يُفقد الثقة ويُصنَّف كثرثرة أو نميمة، وهو ما يهدد العلاقات العاطفية والمهنية على حد سواء.

النصيحة غير المطلوبة… إهانة متنكرة

حتى النصيحة الجيدة تفقد معناها عندما تأتي دون طلب. بحسب د. كيلي، تُفهم هذه المبادرات على أنها تقليل من عقل الشخص المقابل أو تلميح إلى عجزه. القاعدة بسيطة: إن لم يُطلب منك رأي، امتنِع عن تقديمه.

التعليقات الجارحة تُدمّر… بصمت

قد يبدو لك التعليق “عادياً” أو “من باب المزاح”، لكنك لا تعرف معاناة من أمامك. تقول د. زوكيرمان: “أنت لا ترى ما يحمله الشخص في داخله”. وقد تكون كلماتك، ولو بدت تافهة، هي ما يُجهز على ما تبقى له من صبر.

الصمت مهارة نفسية… لا ضعف

كتمان بعض الأمور ليس كذبًا أو انعزالًا، بل شكل من أشكال الذكاء العاطفي والاجتماعي. بحسب دراسة كلاسيكية أجراها Derlega & Chaikin عام 1977، فإن الإفراط في الإفصاح عن الذات قد يسبب قلقًا اجتماعيًا ويضر بالعلاقات. فليس كل ما يُعرف يُقال، ولا كل ما يُقال يُناسب كل مقام.

اختر كلماتك، وانتقِ لحظات البوح بعناية… لأن الصمت أحيانًا لا يخفي الضعف، بل يُجسِّد النضج والثقة.

اقرأ أيضًا: 8 خطوات تزيد من الثقة بالنفس

متى يكون الصمت أنضج من الكلام؟

الصمت ليس دائمًا علامة ضعف أو هروب من المواجهة، بل في كثير من الأحيان يُعبّر عن نضج داخلي واستيعاب عميق لسياق الحديث. الصامت الحكيم لا ينقصه الرأي، لكنه يدرك أن الوقت أو المكان أو الشخص المقابل ليسوا مستعدين لتلقي الحقيقة أو تقبُّل وجهة نظر مختلفة. تؤكد د. سانتوريللي أن “الوعي الاجتماعي يبدأ عندما تسأل نفسك: هل سيفيد ما سأقوله؟”، مضيفةً أن اختيار الصمت في لحظة توتر قد يحمي العلاقة أكثر مما تفعل الكلمات، مهما كانت صادقة.

الصراحة المفرطة: هل هي شجاعة أم عبء؟

تُعد الصراحة من القيم المحبذة في التواصل الإنساني، لكن الإفراط فيها قد يتحوّل إلى أداة جرح أو هدم للثقة. الشخص الذي “يقول كل شيء كما هو” دون اعتبار للسياق، قد يُنظر إليه كشخص قاسٍ أو غير ناضج عاطفيًا. في هذا السياق، تُشير د. زوكيرمان إلى أن “الشجاعة الحقيقية ليست في قول كل شيء، بل في معرفة ما الذي يستحق أن يُقال ولمن.” فالصراحة، إن لم تُضبط بالحساسية والنية الصافية، قد تُثقِل كاهل الآخرين بدلًا من أن تُضيء دروب التفاهم.

العلاقة بين الإفصاح والراحة النفسية: حدود دقيقة

الإفصاح عن المشاعر، خاصة في العلاقات الوثيقة، مهم وأساسي للصحة النفسية، لكنه يصبح عبئًا حين يُستخدم بلا وعي أو تمييز. تشير دراسات علم النفس الاجتماعي إلى أن التوازن في الإفصاح يُعزز القرب العاطفي ويخفف التوتر، في حين أن الإفراط فيه، خصوصًا في المراحل الأولى من العلاقة قد يولّد نفورًا أو شعورًا بالضغط على الطرف الآخر، حيث إن  الإفراط في الكشف عن الذات قد يؤدي إلى القلق الاجتماعي وتدهور العلاقات. الفارق بين الفضفضة الصحية والتورّط العاطفي غير المدروس هو ما يحدد ما إذا كان الإفصاح مفيدًا أم مُستنز

الخلاصة:

كتم بعض الأمور لا يعني الكذب أو الانغلاق، بل هو نوع من الذكاء الاجتماعي والوعي النفسي. تعلم متى تتحدث ومتى تصمت هو مهارة تحتاج للتمرين، وهو ما تؤكده دراسات متعددة في علم النفس الاجتماعي عن الإفصاح الذاتي، والتي وجدت أن الإفراط في الكشف عن الذات قد يسبب القلق الاجتماعي ويفسد العلاقات. احمِ ذاتك، وكن حريصًا في انتقاء ما تشاركه… ففي بعض الأحيان، الصمت هو أقوى تعبير عن النضج والثقة.