في تصريح أثار جدلًا واسعًا، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تناول الباراسيتامول أثناء الحمل، مشيرًا إلى ارتباطه المحتمل بزيادة خطر التوحد لدى الأطفال. وبين تضارب الدراسات وتوصيات الأطباء، يطرح السؤال نفسه: هل يشكل الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد علاقة تستحق القلق؟ تابع القراءة لاكتشاف الحقائق العلمية وراء هذا الجدل.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
هل يشكل الباراسيتامول خطراً على الحوامل؟
الباراسيتامول، المعروف أيضاً باسم أسيتامينوفين أو “تايلينول”، يُستخدم على نطاق واسع لتخفيف الألم وخفض الحرارة، ويُعتبر من أكثر الأدوية تداولاً بين النساء الحوامل. لكن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، التي ربط فيها بين تناول الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد، أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الطبية والعلمية، ودفعت إلى إعادة النظر في سلامة استخدام هذا الدواء خلال فترات الحمل الحساسة:
- قال ترامب: “لا تتناولنه!” موجهاً حديثه للنساء الحوامل، مشيراً إلى أن الدواء “غير مفيد” إلا في حالات الحمى الشديدة.
- رئيس إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، الدكتور مارتي ماكاري، أشار إلى وجود ارتباط بين تناول تايلينول أثناء الحمل وبين اضطرابات مثل فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد.
- رغم هذه التصريحات، فإن الأدلة العلمية لا تزال متضاربة؛ فبعض الدراسات وجدت علاقة محتملة، بينما لم تؤكد أخرى وجود صلة مباشرة.
حمض الفولينيك: علاج واعد أم أمل مؤقت؟
في سياق متصل، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية موافقتها على استخدام حمض الفولينيك لمعالجة بعض أشكال التوحد، وهو مشتق من حمض الفوليك ويُستخدم لدعم وظائف الدماغ.
- أظهرت التجارب أن “ليوكوفورين”، وهو شكل من أشكال حمض الفولينيك، قد ساعد في تحسين الأعراض لدى ثلثي الأطفال الذين تناولوه.
- وزارة الصحة الأمريكية وصفت العلاج بأنه “واعد”، لكنه لا يُعد علاجًا شافيًا، بل قد يساعد في تحسين القدرة على الكلام لدى بعض المصابين.
- الخبراء يؤكدون أن هذه النتائج تحتاج إلى مزيد من الأبحاث قبل اعتمادها كعلاج رسمي.
اقرأ أيضًا: وداعًا للحمى: أسرع خافض حرارة للرضيع والطفل والشخص البالغ
دراسات حول ارتباط الباراسيتامول باضطرابات لدى الجنين
يشار دائمًا إلى أمان استخدام الباراسيتامول بين النساء الحوامل، لكن بدأت الأوساط الطبية تطرح تساؤلات جادة حول تأثير هذا المسكن الشائع على نمو الدماغ لدى الأجنة. فبينما يُعتبر الباراسيتامول خيارًا آمنًا نسبياً لتخفيف الألم والحمى، ظهرت دراسات حديثة تربطه بزيادة خطر الإصابة باضطرابات مثل فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) واضطراب طيف التوحد. هذه النتائج أثارت جدلًا علميًا واسعًا، ودعت إلى إعادة تقييم استخدامه خلال الحمل.
دراسة كلية إيكان للطب – نيويورك
- أجرت كلية إيكان للطب في نيويورك مراجعة شاملة لـ 46 دراسة رصدية، شملت أكثر من 2.4 مليون حالة حمل وولادة.
- وجدت الدراسة أن استخدام الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) قبل الولادة مرتبط بارتفاع معدلات الإصابة ب ضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، واضطراب طيف التوحد ،واضطرابات النمو العصبية الأخرى.
- الدراسات التي اعتمدت على مؤشرات حيوية مثل دم الحبل السري أو أول براز للطفل حديث الولادة أكدت هذا الارتباط.
- الباحثون أشاروا إلى أن الدواء يعبر المشيمة بسرعة، ويصل إلى الجنين خلال أقل من ساعة، مما قد يؤدي إلى إجهاد تأكسدي في أنسجة الدماغ النامية، ويؤثر على أنظمة الهرمونات والتعبير الجيني.
دراسة مجلة Environmental Health – أغسطس 2025
- الدراسة أكدت أن طول فترة استخدام الباراسيتامول وتكراره يزيد من حجم المخاطر.
- قياسات مستويات الدواء في دم الحبل السري وبراز المواليد أظهرت أن العلاقة مرتبطة بالدواء نفسه، وليس بالأمراض التي دفعت الأمهات لتناوله.
- الباحثون شددوا على ضرورة استخدام أقل جرعة فعالة ولأقصر مدة ممكنة، وتحت إشراف طبي مباشر.
دراسة مجلة Nature Mental Health – مارس 2025
- وجدت الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا للباراسيتامول في الرحم كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات لتشخيص ADHD.
- لدى الإناث، ارتفع الخطر إلى ستة أضعاف خلال السنوات العشر الأولى من العمر.
- الباحثون دعوا إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد المخاطر بدقة، مع التأكيد على أهمية استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء أثناء الحمل.
اقرأ أيضًا: المسكنات الآمنة للحامل: اختيارات ذكية لصحة الأم والجنين
دواعي استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل
رغم الجدل المتصاعد حول ارتباط الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد، لا يزال هذا الدواء يُستخدم على نطاق واسع بين النساء الحوامل لتخفيف الألم وخفض الحرارة، نظراً لفعاليته وسلامته النسبية مقارنة بمسكنات أخرى. وتوصي الهيئات الطبية باستخدامه عند الضرورة، مع الالتزام بالجرعة الموصى بها وتحت إشراف طبي، لتجنب أي تأثير محتمل على نمو الجنين،فيما يلي أبرز دواعي استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل:
- الحمى المرتفعة: ارتفاع درجة الحرارة لدى الحامل قد يؤثر سلباً على نمو الجنين، ويُعد الباراسيتامول الخيار الآمن لخفضها.
- الصداع المزمن أو التوتري: يُستخدم لتخفيف آلام الرأس الناتجة عن تغيرات هرمونية أو إجهاد جسدي.
- آلام المفاصل والعضلات: خاصة في الثلث الثالث من الحمل، حيث تزداد الضغوط على العمود الفقري والحوض.
- ألم الأسنان أو التهاب اللثة: يُعتبر الباراسيتامول آمناً لتسكين هذه الآلام دون التأثير على الجنين.
- أعراض نزلات البرد والإنفلونزا: مثل آلام الجسم والحرارة، بشرط عدم الجمع بينه وبين أدوية أخرى دون استشارة الطبيب.
الخلاصة
رغم أهمية النقاشات التي أثارها الرئيس الأمريكي، فإن التصريحات المتعلقة بالأدوية واللقاحات يجب أن تستند إلى إجماع علمي واضح، لا إلى مواقف فردية أو انطباعات شخصية. فسلامة الأم والطفل تتطلب قرارات مدروسة، قائمة على الأدلة، وتخضع لإشراف طبي متخصص، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة مثل الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد، لذلك ينصح الأطباء النساء الحوامل بعدم التوقف عن تناول أي دواء دون استشارة مباشرة من الطبيب المختص، خصوصاً في حالات الحمى أو الألم الشديد، حيث قد تكون المخاطر الناتجة عن الامتناع عن العلاج أكبر من تلك المرتبطة باستخدامه.