يوم التوحد العالمي 2 إبريل..دليلك الشامل حول طيف التوحد

تعترف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بيوم التوحد العالمي الموافق ل 2 إبريل من كل عام باعتباره يومًا لتذكر حقوق الأفراد المصابين بالتوحد في جميع أنحاء العالم، وهذا اليوم هو واحد من الأيام السبعة الرسمية الخاصة بالصحة التي تعترف بها الأمم المتحدة.

التوحد حالة طبية واضطراب يعاني منه المريض مدى الحياة، حيث ترافقه منذ سنينه الأولى، لكن ما هو المقصود باضطراب طيف التوحد، وما هي أعراضه وأسبابه وسُبل علاجه؟

كيف تتم التوعية بيوم التوحد؟

يوافق تاريخ يوم التوحد العالمي  الثاني من شهر إبريل، حيث يسمح في هذا اليوم للعديد من مؤسسات السياسة العامة والمنظمات الأخرى بالالتقاء والاتفاق على مبادرات جديدة للتثقيف وخلق الوعي حول مرض التوحد، وإحدى المبادرات هي “Light It Up Blue“، التي نظمتها منظمة Autism Speaks، والمقصود بهذه المبادرة أن أولئك الذين يدعمون القضية والذين يرغبون في زيادة الوعي يرتدون اللون الأزرق تضامنًا مع المصابين بالتوحد، حيث تتوهج باللون الأزرق العديد من المعالم في العالم في يوم التوحد العالمي مثل شلالات نياجرا ومبنى إمباير ستيت الأمريكي والبيت الأبيض.

وتشمل المبادرات الأخرى تنظيم البرامج التعليمية والتعليمية في جميع أنحاء العالم، كما يتم التعرف على شهر أبريل بأكمله باعتباره شهر التوعية بالتوحد.

ما هو رمز طيف التوحد؟

حددت جمعية التوحد عام 1999 شعار يوم التوحد العالمي برمز اللانهاية فهو يشير إلى الإمكانيات والقدرات غير المحدودة للمصاب بالتوحد، يحتوي الرمز على قطع متداخلة ترمز إلى التعقيد والتنوع في أعراض طيف التوحد، كما يرمز تعدد الألوان بها إلى الأمل.

نماذج من عبارات يوم التوحد العالمي

من الاقتباسات الملهمة للمصابين بطيف التوحد:

1. حواسي خارجة عن المألوف.
2. أنا أترجم الكلام حرفيًا ودقيق في تفكيري.
3. أنا أتعلم بالمشاهدة لا الكلام..فأرني الطريقة لفعل الأشياء ولا تحدثني عنها.
4. ساعدني في التواصل الاجتماعي.
5. حاول أن تتعرف على الأمور والأشياء التي تثير غضبي.
6. اغمرني دائمًا بالحب.

مفهوم اضطراب طيف التوحد

التوحد (بالإنجليزية: Autism) هو اضطراب يطلق عليه أيضًا اسم اضطراب طيف التوحد (بالإنجليزية: Autism spectrum disorder) وهو المصطلح الجديد له، ويعني اضطراب طيف التوحد اضطرابًا في النمو العصبي لدى المريض.

يظهر هذا الاضطراب على شكل صعوبات في التواصل الاجتماعي اللفظي وغير اللفظي، مع ظهور أنماط سلوك واهتمامات مميزة ومختلفة، علاوة على وجود صعوبات في التعلم وتطوير اللغة الناتجة عن وجود إعاقات ذهنية وضعف تنسيق حركي.

يعود السبب في تغيير مصطلح التوحد إلى اضطراب طيف التوحد، أن مصطلح اضطراب طيف التوحد شامل، يغطي فيه اضطراب التوحد واضطراب النمو الشامل غير المحدد (بالإنجليزية: Pervasive developmental disorder – not otherwise specified) ومتلازمة أسبرجر أيضًا (بالإنجليزية: Asperger syndrome)، وبذلك يتضمن اضطراب طيف التوحد الأعراض جميعها للاضطرابات السابقة.

كيف ومتى يحدث اضطراب طيف التوحد؟

تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد على سلوكيات الطفل منذ عامه الأول، وقد تتراوح في ظهورها بين 1-3 سنوات من العمر، ويرجح حدوثه بسبب اضطراب في النمو المبكر للدماغ، هذا ويعتبر مرض طيف التوحد أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذكور من الإناث.

أسباب اضطراب طيف التوحد

الأسباب الكامنة وراء إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد مجهولة، وعلى الرغم من دعم بعض الأبحاث العلمية لعوامل وراثية وجينية تسبب طيف التوحد، إلا أن الأمر غير مؤكد، لكن مما قد يكون سببًا في الإصابة بهذا الاضطراب:

1. كِبر سن الوالدين.
2. انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
3. الخداج.
4. تناول الأم حمض الفالبرويك (بالإنجليزية: Valproic acid) أو الثاليدومايد (بالإنجليزية: Thalidomide) أثناء حملها بالطفل.
5. إصابة الأشقاء؛ وذلك في حالة تشخيص إصابة طفل واحد بالتوحد، تكون نسبة إصابة الطفل الثاني أكثر ب20%؛ لذلك يكون غالباً أول طفلين مصابين بالتوحد، والثالث معرض للإصابة بنسبة 32%.
6. عوامل واضطرابات وراثية، مثل متلازمة الهش X (بالإنجليزية: fragile X syndrome).
7. التعرض للسموم والمعادن الثقيلة أو التهابات الفيروسية أثناء الحمل يسبب مرض التوحد.
8. الاختلالات الأيضية.

أعراض التوحد

تتراوح أعراض اضطراب طيف التوحد في شدتها بين الخفيفة والمتوسطة والشديدة، يكون ذلك باختلاف كل مريض عن الآخر في أعراضه الظاهرة، وفي المجمل فإن الأعراض التالية تدل على الإصابة بطيف التوحد:

أعراض حسية وتعبيرية للمصاب بالتوحد

فيما يأتي ذكر لمجموعة من الأعراض الحسية والتعبيرية للإصابة باضطراب طيف التوحد:

1. عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه على الإطلاق، أو أن استجابته تكون بشكل غير متسق مع المناداة.
2. الطفل المصاب بالتوحد لا يبتسم ولا يعبر عن مشاعر دافئة ومبهجة في سن 6 شهور.
3. عدم تفاعل الطفل المصاب في سن 9 شهور مع النشاطات المبهجة؛ مثل الرسم، وإصدار الأصوات مع الوالدين، أو مع أشخاص آخرين.
4. عدم ثرثرة الطفل في عامه الأول.
5. عدم إصدار أي حركات أو إيماءات؛ مثل التلويح، أو التأشير في سن 16 شهرًا.
6. عدم وجود عبارات ذات معنى من كلمتين معًا قبل عامه الثاني (24 شهرًا).
7. في الشهر رقم 60 لا يمارس الطفل لعبة تبادل الأدوار مع الدمى.
8. عدم وجود مهارات اجتماعية أو التحدث والثرثرة غالبًا.
9. تطور المهارات اللغوية بشكلٍ غير متساوِ، بحيث يرجع ذلك لاهتمامات الطفل المصاب، فقد يتم تكوير مصطلحات للحديث عن موضوع محدد فقط وغير ذلك فهو يواجه صعوبة فيه.
10. التحدث إما بصوتٍ عالٍ أو بنغمة موسيقية؛ كالغناء، أو بشكل آلي، أو مسطح.
11. عَرَض فرط المنعكسات، وذلك بالقيام بما هو غير متوقع في أعمارهم؛ مثل: قراءة العديد من الكتب، وتعلم القراءة أبكر ممَن هم في مثل أعمارهم، لكن القراءة غالبًا ما تكون دون فهم.

شاهد أيضًا: اليوم العالمي لمتلازمة داون..معًا لدعم حقوق متساوية للجميع

الأعراض الحركية للطفل المصاب بالتوحد

تظهر أعراض حركية وسلوكية أيضًا على المصابين، وهي كالآتي:

1. الطفل المصاب بالتوحد لديه حركات جسدية متكررة مثل التأرجح أو الدوران أو الجري.
2. الترتيب الصارم للأشياء والانزعاج عند الإخلال بالنظام.
3. التعلق بالروتين والنظام الشديد والصارم مثل أوقات الذهاب إلى المدرسة والنوم.
4. تكرار الكلمات المسموعة.
5. الانزعاج من التغييرات حتى الطفيفة منها.
6. التركيز على تفاصيل الأشياء وأجزائها مثل عجلة شاحنة اللعبة.
7. رد فعل غير معتاد أو متوقع اتجاه الأصوات والروائح وما إلى ذلك من مدخلات حسية.
8. التمتع بقدرات استثنائية مثل موهبة موسيقية أو ذاكرة قوية.

أعراض أخرى

فيما يأتي ذكر لمجموعة من الأعراض الأخرى للإصابة باضطراب طيف التوحد:

1. التأخر في الحركة.
2. الإصابة بأعراض في الجهاز الهضمي؛ مثل الإمساك، والإسهال.
3. المعاناة من القلق المفرط. مستوى عال من الخوف.
4. المتوحد لديه نشاط مفرط واندفاعية.
5. ظهور ردود فعل عاطفية غير متوقعة.
6. وجود عادات تفضيلية في تناول الطعام والنوم.

تشخيص اضطراب طيف التوحد

تتضمن طريقة تشخيص مرض التوحد عددًا من الاختبارات والتحاليل مثل الاختبارات الجينية والتقييمات السلوكية للمريض، ويمكن شرح عملية التشخيص بشكل مفصل كالتالي:

الفحوصات التنموية لتشخيص التوحد

يقصد بها خضوع الطفل المشتبه بإصابته ما بين العمر 18-24 شهرًا ووالديه إلى اختبار تشخيص مبكر للتوحد، يتضمن هذا الاختبار عدد من الأسئلة والتقييمات التي يتم بناءً عليها تحديد الإصابة من عدمها، وتجدر الإشارة إلى أن نتيجة هذا الفحص ليست بالضرورة مؤكدة للإصابة وإنما تساعد الوالدين والطفل على تحديد المشاكل الموجودة وطرق الحل المناسبة لها.

الفحوصات الأخرى

1. فحص الحمض النووي للكشف عن الأمراض الوراثية للطفل.
2. اختبارات السمع والنظر.
3. التقييم السلوكي.
4. تشخيص التوحد.

شاهد أيضًا: اضطراب عسر القراءة أو ديسليكسيا

علاج اضطراب طيف التوحد

لا يوجد علاج واحد ومحدد يناسب جميع مرضى طيف التوحد، وذلك لكونه مختلف الأعراض من شخص إلى آخر، كما أنه متفاوت في شدته أيضًا؛ لذلك يكون علاج التوحد بتعليم الطفل وزيادة قدرته على العمل والتعلم والتطور، بالأخص في سنواته الأولى قبيل الالتحاق بالمدرسة.

تتغير احتياجات طفل اضطراب طيف التوحد مع مرور الوقت، وهنا قد يلزم اللجوء لمقدم رعاية مختص لتحديد أفضل الطرق والخيارات العلاجية للطفل، والتي قد تشتمل على الآتي:

1. علاج السلوك والتواصل: وهو القيام على معالجة الصعوبات الاجتماعية واللغوية والسلوكية المرتبطة بالتوحد، وذلك بتعليم الأطفال كيفية التصرف والتواصل مع الآخرين.
2. العلاجات التربوية: وهي برامج تعليمية عالية التنظيم يتم تحسين مهارات الطفل الاجتماعية فيها عبر مجموعة من الأنشطة المُربية له.
3. العلاج الأسري: وهي برامج مخصصة لجميع أفراد العائلة، لتعلم كيفية التفاعل مع طفل التوحد وتعزيز تفاعلهم الاجتماعي معه.
4. علاجات أخرى: تتضمن هذه الفئة علاجات متنوعة؛ مثل علاج النطق، والحركة، والعلاج النفسي، وعلاج السلوك.
5. الأدوية: الدواء ليس خيارًا متوفراً لعلاج التوحد، لكنه يستخدم للسيطرة على الأعراض وتخفيفها مثل فرط النشاط ومضادات الاكتئاب والمكملات الغذائية، ويجب الحرص على عدم صرف أي من هذه الأدوية إلا بعد استشارة الطبيب المختص.

العلاج البديل للتوحد

يتضمن العلاج البديل تعليم الطفل مهارات وسلوكيات تناسب اهتماماته، و يلجأ الآباء لهذا النوع من العلاج للسيطرة على مرض التوحد وأعراضه مثل:

1. العلاج الإبداعي: المقصود به التركيز على الجانب الإبداعي للطفل المتوحد مثل تعليمه الفن أو الموسيقى.
2. العلاج الحسي: وهو العمل على تقليل الحساسية تجاه اللمس والأصوات وتحسين التوازن.
3. العلاج بالتعامل مع الحيوانات الأليفة أو الخيول: وهو القيام بحث الطفل المتوحد على تربية حيوان أليف بغرض الرفقة والترفيه للطفل ولتحسين تفاعله مع المجتمع المحيط.

العلاج التكميلي للتوحد

هي ليست علاجات ناجحة بشكل قطعي لكنها مفيدة على الصعيد الغذائي والصحي للطفل، وهي تشتمل على:

1. نظام غذائي خاص يناسب نمو الطفل المتوحد وأسلوب طعامه اليومي.
2. مكملات الفيتامينات والبروبيوتيك.
3. الوخز بالإبر.
4. إزالة المعادن الثقيلة من الجسم مثل الزئبق، وهو أمر غير مثبت فعاليته.
5. العلاج بالأكسجين عالي الضغط؛ بوضع الطفل داخل غرفة غنية بالأكسجين ليتنفس فيها.
6. حقن الغلوبولين المناعي الوريدي (بالإنجليزية: Intravenous Immunoglobulin) وهو علاج غير موافق عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ولا يوجد دليل على تحسينه لاضطراب طيف التوحد.

التعايش مع طفل التوحد وتربيته

وجود طفل مصاب بالتوحد داخل الأسرة هو أمر مرهق للعائلة من الناحية الجسدية والعاطفية، لكن يمكن تدبر الأمر والتعايش مع الطفل المصاب من خلال الأخذ بالنصائح والتدابير الآتية:

1. البحث عن فريق محترف يشمل أخصائي اجتماعي ومدرس ومعالج لتقديم الدعم اللازم للعائلة والطفل.
2. الاحتفاظ بملف زيارة مقدم الخدمة والرعاية للمساعدة على اتخاذ القرارات العلاجية فيما بعد.
3. التثقيف بمرض التوحد والتعرف عليه بشكل أفضل.
4. أخذ وقت للراحة والاسترخاء، وذلك لتجنب الإرهاق؛ وبالتالي ممارسة الأنشطة مع الطفل بيسر وسهولة.
5. البحث على عائلات أطفال مصابين بالتوحد آخرين لإيجاد الدعم النفسي والاجتماعي.
6. سؤال الطبيب عن التقنيات والعلاجات الجديدة ومواكبة أخبار المرض.

شاهد أيضًا: الصحة النفسية لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

عوامل الخطر

هناك عدد من العوامل التي قد تزيد من فرصة إصابة الطفل بالتوحد؛ مثل:

1. جنس الطفل إذ إن الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث بالتوحد، وذلك بحوالي 4 مرات.
2. تاريخ العائلة المرضي فيما لو كان هناك طفل مصاب بالتوحد من قبل.
3. بعض الاضطرابات الوراثية؛ مثل متلازمة ريت (بالإنجليزية: Rett syndrome) والتصلب الحدبي الذي ينتج عنه أورام حميدة في الدماغ.
4. الأطفال الخدج.
5. عمر الوالدين الكبير.

مضاعفات اضطراب طيف التوحد

ينتج عن الإصابة بمرض التوحد عدة مضاعفات تؤثر على الطفل والمجتمع المحيط به؛ مثل:

1. طفل التوحد لديه مشاكل في المدرسة.
2. مشاكل في العمل.
3. عزل اجتماعي.
4. توتر داخل العائلة.
5. المصاب بالتوحد يتعرض للمعاملة القاسية والإيذاء.
6. عدم القدرة على العيش بشكل مستقل.

متى يجب زيارة الطبيب؟

ينصح غالبًا الآباء بمراجعة الطبيب المختص في حالة ملاحظة أي من الأعراض السابقة على الطفل، أو وجود مشاكل في التواصل معه، كما ان زيارة الطبيب هي أمر هام للتشخيص المبكر للتوحد، والبدء بمعالجة السلوك وتطويره بشكل أفضل.

يعد يوم التوحد العالمي فرصة حقيقية للتعريف باضطراب طيف التوحد الذي لا يمكن الوقاية منه،لكن عبر التشخيص المبكر للإصابة يمكن تطوير مهارات الطفل، وتعليمه ما هو مناسب لمهاراته واهتماماته، من هنا يمكن التأقلم والتعايش مع الطفل بشكل جيد.