اضطراب الشخصية الارتيابية (بالإنجليزية: Paranoid Personality Disorder)، أو اضطراب جنون العظمة كما يطلق عليه هو مرض نفسي يصعب الشفاء منه لكن يمكن إدارة أعراضه، فما هي أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الباروني؟ وكيف يمكن تشخيصه؟ وما هي طرق العلاج المتاحة للسيطرة على أعراض هذا الاضطراب؟
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
المقصود باضطراب جنون العظمة أو اضطراب الشخصية المرتابة
اضطراب الشخصية الارتيابية (بالإنجليزية: Paranoid Personality Disorder)، أو اضطراب جنون العظمة، أو اضطراب الشخصية الزوراني ، أو اضطراب الشخصية الباروني، كلها أسماء تطلق على أحد الاضطرابات النفسية التي يعاني صاحبها من فقدان الثقة فيمن حوله، والشك المستمر فيهم دون أي سبب لذلك، كما أن لديه شعورًا دائمًا برغبة الآخرين في إلحاق الأذى به، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على علاقته بمن حوله، وقدرته على أداء مهامه اليومية.
تبدأ أعراض اضطراب الشخصية الارتيابية عادةً في مرحلة الطفولة أو البلوغ، وتشير بعض الأبحاث أنه يؤثر بشكل أكبر على الرجال مقارنةً بالنساء.
أسباب اضطراب الشخصية الارتيابية
لم يتمكن علماء الطب النفسي من تحديد أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الزوراني حتى الآن، لكن هناك بعض النظريات التي ترجح ارتباط اضطراب الشخصية الباروني أو جنون العظمة ببعض العوامل الوراثية، حيث يزيد معدل الإصابة به في العائلات التي لديها تاريخ مرضي للإصابة بالفصام والاضطراب الوهمي، كما يرجح بعض العلماء دور صدمات الطفولة الجسدية والنفسية في ظهور الأعراض وتطورها.
هناك بعض العوامل التي يعتقد أنها تزيد من معدل الإصابة باضطراب الشخصية الباروني، من ضمنها:
- النشأة في أسرة منخفضة الدخل.
- فقدان الزوج أو الزوجة.
- الطلاق أو الانفصال.
- عدم الزواج مطلقًا.
شاهد أيضًا: اضطراب الشخصية شبه الفصامية: الأسباب والعلاج
أعراض اضطراب الشخصية الارتيابية
لا يشعر مريض اضطراب الشخصية الارتيابية أن سلوكه غير طبيعي أو خارج عن المألوف، بل على العكس يجد لنفسه دوافع مستمرة للشك في من حوله، أو التعامل معهم بطريقة عدائية في كثير من الأوقات؛ مما يثير غضب من حوله؛ فيجعله ذلك يتأكد من شكوكه الأصلية، وهناك بعض السمات التي تميز أصحاب الشخصية الارتيابية، ومن أبرز هذه السمات:
- الشك المستمر في ولاء وصدق من حوله، واعتقاده أنهم يستغلونه أو يخدعونه دائمًا.
- عدم كشفه عن أي معلومات شخصية لمن حوله؛ خوفًا من استخدام هذه المعلومات ضده.
- تحميل العبارات البريئة التي يسمعها من الآخرين معنًى بعيدًا تمامًا عن معناها الحقيقي.
- الإفراط في الحساسية وعدم تقبل النقد من الآخرين.
- الغيرة المستمرة والرغبة في السيطرة على من حوله.
- عدم القدرة على التسامح أو العفو عن الآخرين عندما يخطئون.
- الشك المستمر في خيانة شريك الحياة وعدم إخلاصه له.
- الشعور الدائم بهجوم الآخرين عليه، والرغبة المستمرة في الانتقام.
- إيجاد صعوبة كبيرة في الاسترخاء.
تشخيص اضطراب الشخصية البارونية
في أغلب الحالات، يعانى مريض الشخصية الارتيابية من أمراض نفسية مصاحبة مثل الاكتئاب والقلق، كما تتشابه أعراض بعض الاضطرابات النفسية الأخرى مع اضطراب الشخصية الارتيابية؛ مثل: اضطراب الشخصية الحدية والفصام، الأمر الذي يزيد من صعوبة التشخيص في كثير من الأحيان.
يبدأ الطبيب في تشخيص الحالة بتجميع التاريخ الطبي الكامل للمريض، واستبعاد إصابته بأي مشكلة أخرى من المحتمل أن تتسبب في الأعراض، فعلى سبيل المثال يجري الطبيب بعض التحاليل الطبية؛ للتأكد من عدم تعاطي المريض للمواد المخدرة، نظرًا لوجود أعراض مشتركة بين اضطراب الشخصية الارتيابية والإدمان.
هناك بعض الأعراض المميزة التي تساعد الطبيب على تشخيص الشخصية الزورانية، واستبعاد إصابة المريض بأي اضطراب نفسي مشابه، فعلى سبيل المثال يفتقد مريض الشخصية الارتيابية الهلاوس السمعية والأفكار الوهمية الغريبة التي يتعرض لها مرضى الفصام والاضطراب الوهمي، كما يستند الأطباء إلى بعض الآليات التي تساعدهم في تقييم الحالة، وتحديد نوع الاضطراب الذي يعاني منه المريض.
شاهد أيضًا: العلاقة بين اليوغا والعلاج النفسي وقوائدها في علاج الاكتئاب
كيفية التعامل مع الشخصية الارتيابية
- يواجه الأشخاص المحيطون بمريض الشخصية الارتيابية تحديًا كبيرًا في التعامل معه، فهو لا يراهم على حقيقتهم، بل يبدو كأنه يرتدي نظارةً تشوه صورة كل من حوله.
- يفقد الثقة فيمن حوله جميعًا؛ لهذا السبب ينبغي تشجيع المريض على اتخاذ قرار العلاج مبكرًا؛ لأنه سيختصر على المريض رحلة طويلة من المعاناة قد يتعرض فيها لخسارة من يحبهم.
- ينصح الأطباء دائمًا بضرورة وضع حدود في التعامل مع مرضى الشخصية الارتيابية من البداية، وعدم تقبل المعاملة السيئة من المريض مطلقًا على اعتبار أن ذلك يساعده في التخلص من شعوره بالإحباط؛ لأن ذلك لن يساعده على تخطي المشكلة بل بالعكس، فغنه يشجعه على التمادي في سلوكه المتطرف.
- يمكن أن يساعدك المعالج النفسي في تحديد الخطوط العريضة للتعامل مع المريض وفهم توقعاته، حتى تتمكن بمرور الوقت من التعامل الأمثل مع شخصيته.
علاج اضطراب الشخصية الارتيابية
لا يعد اتخاذ القرار بالعلاج أمرًا سهلًا عند مريض الشخصية الارتيابية، فهو من ناحية لا يشعر أن لديه سلوكًا استثنائيًا مرفوضًا ممن حوله ، أو ان هذا السلوك يستدعي العلاج من الأساس، ومن ناحية أخرى فإن أزمة الثقة التي يعاني منها هذا المريض تجعله يشك فيمن حوله وقد يشكك في دوافع المعالج النفسي في بعض الأحيان.
العلاج النفسي
يعد العلاج النفسي عن طريق الحوار هو الأساس في علاج أعراض اضطراب الشخصية الارتيابية أو الشخصية الشكاكة، ومن خلاله يتعلم المريض كيفية التعامل مع هذا الاضطراب وكيفية التعامل مع الآخرين في المواقف المختلفة، كما يركز الطبيب النفسي أثناء الجلسات على زيادة مهارات التأقلم، وتعزيز احترام الذات.
العلاج الدوائي
لا يعد العلاج الدوائي من المحاور الرئيسية التي يعتمد عليها علاج الشخصية البارونية، لكن يمكن استخدام الأدوية إذا كان المريض يعاني من بعض الاضطرابات النفسية المصاحبة؛ مثل: الاكتئاب واضطراب القلق، ومن أشهر الأدوية التي تستخدم في العلاج مضادات الاكتئاب ومثبتات الحالة المزاجية والبنزوديازيبينات.
شاهد أيضًا: العلاج المعرفي السلوكي للقلق واضطرابات ما بعد الصدمة
مضاعفات اضطراب الشخصية الزورانية
لا يوجد حتى الآن علاج نهائي يقضي على أعراض اضطراب الشخصية الارتيابية؛ لهذا السبب يحتاج المريض إلى تلقي العلاج مدى الحياة؛ حتى لا تعود إليه الأعراض مرة أخرى، وإلا سيكون أكثر عرضة للمضاعفات التي يمكن أن تؤثر عليه، ومن أشهر هذه المضاعفات:
- عدم القدرة على تكوين العلاقات أو الحفاظ عليها.
- الفشل في العمل أو خسارة الوظيفة في بعض الأحيان.
- تورط صاحب الشخصية الارتيابية في معارك قانونية باستمرار.
- مقاضاة أشخاص أو شركات؛ اعتقادًا منه أنهم يحتالون عليه.
تناولنا بشيء من التحليل والتفصيل كل ما يهمك معرفته عن اضطراب الشخصية الارتيابية أو جنون العظمة، وتطرقنا إلى أهم العوامل التي تزيد فرصة الإصابة بالشخصية الارتيابية أو الشخصية البارونية، كما تعرفنا على طرق التشخيص والعلاج، وما قد يعانيه المصاب بجنون العظمة من مضاعفات تعوق نجاحه في حياته الاجتماعية.