في السنوات الأخيرة، لم يعد انقطاع التنفس أثناء النوم مجرد اضطراب يسبب الشخير أو الإرهاق الصباحي، بل بات مرتبطًا بصحة الدماغ على المدى الطويل. دراسة علمية حديثة سلّطت الضوء على علاقة مقلقة بين انقطاع التنفس الانسدادي النومي وحدوث نزيف دماغي دقيق، وهو عامل قد يرفع خطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر مع التقدم في العمر. هذه النتائج تفتح بابًا جديدًا لفهم كيف يؤثر النوم غير الصحي على شيخوخة الدماغ.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما العلاقة بين انقطاع التنفس أثناء النوم ونزيف الدماغ الدقيق؟
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأشخاص المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم من الدرجة المتوسطة إلى الشديدة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بما يعرف بالنزيفات الدماغية الدقيقة. وأجريت هذه الدراسة في معهد دراسة الجينوم البشري، كلية الطب، مستشفى كوريا أنسان (بالإنجليزية: Institute of Human Genomic Study, College of Medicine, Korea University Ansan Hospital)، ما يعزز مصداقية النتائج العلمية.
على الرغم من أن هذه النزيفات صغيرة الحجم ولا تظهر عادة في الأعراض المبكرة، إلا أن تأثيرها على الدماغ كبير، إذ أظهرت الدراسات ارتباطها بتسارع التدهور الإدراكي، وزيادة احتمالية حدوث السكتات الدماغية مع التقدم في العمر. وتعد النزيفات الدماغية الدقيقة شائعة بشكل خاص لدى كبار السن، وتُعتبر مؤشرًا مبكرًا على شيخوخة الدماغ وتسارع تراجع وظائفه.
يساهم انقطاع التنفس أثناء النوم في نقص الأكسجين المتكرر خلال الليل، ما يجهد الأوعية الدموية الدقيقة ويزيد من احتمال حدوث نزيف دموي مجهري. كل حلقة توقف أو قصور في التنفس تؤدي إلى نقص مؤقت في الأكسجين يصل إلى الدماغ، ومع تكرار هذه الحلقات يوميًا، يتراكم الضرر تدريجيًا على الأنسجة العصبية، مما يفسر العلاقة بين اضطرابات النوم وتراجع القدرات الإدراكية لاحقًا.
وعلى الرغم من أن الدراسة أشارت إلى وجود ارتباط بين انقطاع التنفس أثناء النوم والنزيف الدماغي الدقيق، إلا أنها لا تثبت علاقة سببية مباشرة بعد، مما يفتح الباب لمزيد من الدراسات لمعرفة ما إذا كان علاج اضطراب التنفس الليلي يمكن أن يقلل من احتمالية هذه النزيفات ويحمي الدماغ على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: أطعمة تسرع الشيخوخة قد تفاجئك… تجنبيها قبل فوات الأوان

ما هو انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم؟
يُعد انقطاع التنفس أثناء النوم من الاضطرابات الشائعة التي تؤثر على جودة النوم وصحة الدماغ والجسم على المدى الطويل. يحدث هذا الاضطراب عندما يواجه الجسم صعوبة في التنفس الطبيعي أثناء النوم نتيجة انسداد مجرى الهواء، مما يؤدي إلى توقف التنفس بشكل متكرر ويؤثر على مستويات الأكسجين في الدم، والجدير بالذكر أن انقطاع التنفس الانسدادي يختلف عن النوع المركزي، ويمكن تمييزه من خلال ما يلي:
-
يحدث بسبب انسداد جزئي أو كامل لمجرى الهواء نتيجة ارتخاء أو سماكة الأنسجة الرخوة في الحلق، ما يؤدي إلى توقف التنفس لثوانٍ تتكرر عدة مرات في الليل.
-
يختلف عن انقطاع النفس النومي المركزي، حيث يكون السبب خللًا في إشارات الدماغ التي تتحكم في عملية التنفس، وليس انسدادًا ميكانيكيًا في مجرى الهواء.
لماذا يُعد هذا الاضطراب خطرًا على الدماغ؟
يوضح اختصاصيو الأعصاب أن الخطر لا يكمن فقط في اضطراب النوم، بل في التأثير التراكمي لنقص الأكسجين الليلي المتكرر، وتشمل المخاطر ما يلي:
-
تسريع شيخوخة الدماغ.
-
زيادة احتمالية النزيف المجهري.
-
ارتفاع خطر الإصابة بالخرف وألزهايمر لاحقًا.
-
ضعف الذاكرة والتركيز على المدى الطويل.

هل تعني الدراسة أن انقطاع التنفس يسبب النزيف مباشرة؟
الدراسة تؤكد وجود ارتباط علمي وليس علاقة سببية قاطعة. أي أن انقطاع التنفس أثناء النوم قد يكون علامة إنذارية مبكرة أو عاملًا مساهمًا، وليس سببًا مباشرًا مثبتًا حتى الآن، ما يستدعي مزيدًا من الأبحاث لمعرفة ما إذا كان علاج الاضطراب يقلل فعليًا من خطر النزيف الدماغي.
اقرأ أيضًا: عشبة القنفذية: مكافحة السرطان والشيخوخة وتعزيز المناعة
علامات قد تشير إلى الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم
هناك أعراض لا يجب تجاهلها، خاصة إذا كانت متكررة:
-
توقف التنفس أو اللهث أثناء النوم.
-
نعاس شديد خلال النهار.
-
صعوبة التركيز وضعف الذاكرة.
-
تقلب المزاج والانفعال الزائد.
-
الصداع الصباحي.
-
التعرق الليلي.
-
الاستيقاظ المتكرر ليلًا.
-
صرير الأسنان أثناء النوم.
كيف يمكن الوقاية أو تقليل خطر انقطاع التنفس أثناء النوم؟
اتباع نمط حياة صحي قد يحدث فرقًا واضحًا في شدة الأعراض، ويساعد في تأخير الشيخوخة:
-
إنقاص الوزن الزائد: حتى فقدان بسيط للوزن قد يقلل ضغط الأنسجة على مجرى الهواء.
-
ممارسة الرياضة بانتظام: 30 دقيقة من النشاط المعتدل معظم أيام الأسبوع تدعم صحة التنفس والنوم.
-
تعديل وضعية النوم: النوم على الجانب بدلًا من الظهر يساعد في إبقاء مجرى الهواء مفتوحًا.
-
الالتزام بالعلاج الطبي: مثل أجهزة CPAP أو الأجهزة الفموية عند الحاجة.

الخلاصة
تكشف الأبحاث الحديثة أن انقطاع التنفس أثناء النوم ليس مجرد اضطراب ليلي مزعج، بل قد يكون جرس إنذار مبكر لمشكلات أعمق تمس صحة الدماغ. التشخيص المبكر والعلاج المنتظم لا يحسّنان جودة النوم فحسب، بل قد يلعبان دورًا حاسمًا في حماية القدرات العقلية وتقليل مخاطر الخرف مستقبلًا. الاهتمام بالنوم الجيد لم يعد رفاهية، بل استثمار حقيقي في صحة الدماغ.