إن وجود تقدير قوي للذات وثقة بالنفس يساعد الأطفال على تجاوز الكثير من التحديات ومصاعب الحياة، كما أنه يمنحهم الجرأة لخوض التجارب التي تعزز من مهاراتهم؛ مما ينتج عنه إنسانًا قويًا يقف أما العقبات ويبحث عن حلها، لكن للأسف قد يقوم الكثير من الآباء والأمهات ببعض الأفعال التي تدمر ثقة الأطفال بأنفسهم.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
أخطاء تربوية تؤثر على شخصية الطفل
تعد ثقة الأطفال بأنفسهم من أهم عوامل تربيتهم الصحيحة، حيث يؤدي تقدير الذات والثقة بالنفس إلى تخطي التحديات والصعوبات، ومنحهم الجرأة لتجربة الأشياء الجديدة واستكشاف العالم لكن قد يقوم الآباء في كثير من الأحيان بأفعال تؤدي إلى تدمير الثقة بالنفس عند الأطفال حتى لو صحب تلك الأفعال نواياهم الحسنة، فيما يلي نتعرف إلى أبرزها:
تأثير الانتقاد المستمر على الطفل
قد يوجه أحد الوالدين نقدًا قاسيًا للطفل بأسلوب مهين نتيجة لقلقهم أو عدم السيطرة على ردود أفعالهم؛ وهو من أشهر أسباب ضعف ثقة الأطفال بأنفسهم، حيث أنها تؤدي إلى تدمير احترام الطفل لذاته، وتدني إحساسه بقيمة ذاته وقدراته، ويمكن أن تسبب الشعور بالحزن أو الغضب أو الإحباط للطفل.
الحماية المفرطة
الآباء قد يرغبون في بذل كل ما في وسعهم للتأكد من أن أطفالهم لا يعانون في الحياة لكنهم بذلك يخنقون أطفالهم عن طريق التحكم في جميع تصرفاتهم، حيث تؤدي الحماية المفرطة إلى تقليل فرص الطفل في الاستكشاف، والتعلم، وارتكاب الأخطاء، وجميعها أشياء ضرورية لنموه وتعلمه.
تعتبر الحماية المفرطة من سلوكيات الأهل التي تضعف ثقة الطفل بنفسه، إذ أنها تؤدي إلى شعور الطفل بالقلق، والخوف، وعدم الأمن؛ مما يجعله خائفًا من مواجهة العالم بمفرده؛ وبالتالي فغن الطفل يواجه مشكلة في الانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ.
يحتاج الآباء إلى تحقيق التوازن بين حماية أطفالهم والسماح لهم بالمخاطرة ومواجهة التحديات، لمساعدتهم على التطور ليصبحوا أفرادًا واثقين من أنفسهم.
شاهد أيضًا: تعليم الطفل الدفاع عن نفسه ضد العنف
الشعور بالذنب
يحاول الكثير من الآباء غرس الشعور بالذنب داخل أطفالهم مثل سؤال الطفل عن شعوره إذا كان في موقف آخر أو توبيخه بسبب أفكاره، وشعوره، وأفعاله، وغالبًا ما يكون غرس الشعور بالذنب هدفه التحكم في الطفل؛ مما يؤدي إلى زعزعة ثقة الأطفال بأنفسهم.
التحدث بسخرية
من الأخطاء التربوية الشائعة بين الآباء هو استخدام السخرية مع الأطفال، ويكون ذلك بقول أشياء على سبيل المزاح أو عبارات قد تبدو عفوية لكن نبرة الصوت تبدو ساخرة؛ جميع تلك الأفعال هي أشياء تؤذي الطفل بشدة لأنه يشعر بالإحراج والخزي، وتعد السخرية من الأطفال أحد أسوأ الطرق المؤذية والمدمرة لثقة الطفل في نفسه، وتقف عقبة أمام محاولاته التواصل مع الآخرين بطريقة صحيحة، وقد تدمر مستقبله.
العنف من الآباء تجاه الأبناء
يؤثر العنف من الآباء تأثيرًا بالغ الخطورة على ثقة الأطفال بأنفسهم، فهو لا يترك أثرًا جسديًا فحسب، بل يزرع الخوف والاضطراب في نفس الطفل، ويهدم إحساسه بالأمان والانتماء. عندما يتعرض الطفل للعنف اللفظي أو الجسدي، يبدأ في تصديق ما يسمعه أو يشعر به من إهانة، فيفقد احترامه لذاته ويشك في قدراته.
ومع تكرار التجارب المؤلمة، يصبح أكثر خضوعًا أو انعزالًا، ويتراجع أداؤه الدراسي والاجتماعي، ويصعب عليه تكوين علاقات صحية في المستقبل.
إن العنف يضعف ثقة الأطفال بأنفسهم لأنه سلوك عدواني لا يساعد على التربية بل يكسر الروح، ويطفئ الثقة التي يحتاجها الطفل لينمو بشكل سليم ومتوازن. لذلك، من الضروري أن يدرك الآباء أن الحوار والاحتواء والانضباط الإيجابي هي مفاتيح التربية الناجحة، لا الخوف والعقاب.
أهمية تعزيز الشخصية القوية عند الأطفال
الأطفال الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم، ولديهم ثقة بأنفسهم هم الأكثر قدرة على بذل أفضل ما لديهم لفعل الأشياء حيث يشعرون بالفخر والثقة لما يمكنهم فعله، كما أن الثقة بالنفس تساعد الأطفال على التعامل مع الأخطاء والمحاولة عدة مرات حتى لو فشلوا في البداية؛ وبالتالي يتحسن أدائهم في المدرسة والمنزل ومع الأصدقاء.
من جهة أخرى يشعر الأطفال الذين يعانون من تدني الثقة بالنفس بعدم تقبل الآخرين لهم؛ وبالتالي فهم يتجنبون الانضمام إلى أقرانهم؛ مما يؤثر على مهاراتهم الاجتماعية ويدفع الآخرين ليعاملوهم معاملة سيئة.
يواجه أيضًا الأطفال الذين يشعرون بتدني الثقة بالنفس صعوبة في الدفاع عن أنفسهم، وقد يستسلمون بسهولة أو لا يحاولون على الإطلاق مما يقلل من مهاراتهم الاجتماعية، ويجدون صعوبة في التأقلم عندما يرتكبون الخطأ أو يخسرون أو يفشلون نتيجة لذلك قد لا يفعلون ما في وسعهم.
شاهد أيضًا: تربية الطفل الصغير: طرق فعالة وممتعة
طرق تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم
تبدأ ثقة الأطفال بأنفسهم في وقت مبكر منذ الطفولة، وتتطور ببطء مع مرور الوقت، ويختلف كل طفل عن الآخر حيث تصبح الثقة بالنفس أسهل لبعض الأطفال أكثر من غيرهم لكن حتى لو كانت ثقة الطفل بنفسة منخفضة يمكن رفعها عن طريق الخطوات التالية:
تعلم القيام بالمهام
ساعد طفلك على تعلم القيام بالأشياء أثناء الطفولة مثل حمل الأكواب، وتعلم ارتداء الملابس، وركوب الدراجة، والقراءة وغيرها حيث تثير تلك الخطوات الأولى الشعور بالبهجة والإتقان لدى الأطفال، وتعزز من ثقتهم بأنفسهم.
امدح طفلك
المدح المُفرط للطفل ضار ويؤثر على ثقته بنفسه مع ذلك يجب أن يكون هناك بعض المدح لإظهار مدى فخرك بطفلك، واتباع النصائح التالية:
- لا تبالغ في المديح في أشياء مصطنعة على سبيل المثال إذا لم يلعب الطفل جيدًا في المباراة يمكنك القول “أعلم أن هذه ليست أفضل مباراة لديك لكن أنا فخور بك لأنك لم تستسلم، وغدًا ستصبح أفضل”.
- تجنب تركيز المديح فقط على النتائج مثل الحصول على درجات عالية أو الفوز في مباراة بل يجب أن يكون الثناء على الجهد، والسلوك.
التركيز على نقاط القوة
انتبه لما يفعله طفلك باتقان يرافقه الشعور بالمتعة، وركز على نقاط القوة أكثر من نقاط الضعف إذا كنت تريد مساعدة الأطفال على الشعور بالرضا عن أنفسهم وثقتهم بالنفس، كما أن التركيز على نقاط القوة يعزز من مهاراتهم.
شاهد أيضًا: كيف تبني قائدًا؟ أساليب تربوية لتنمية المهارات القيادية
مساعدة الآخرين
دع أطفالك يقومون بمساعدتك في المنزل أو القيام بمشروعات في المدرسة والنادي، لأن ثقة الأطفال في أنفسهم تزداد عند الشعور بأهمية ما يقومون به من أعمال للآخرين؛ وبالتالي يتعاظم لديهم احترام الذات.
شاهد أيضًا: 10 أشياء يراقبها طفلك دون أن تعلمي
في ختام الحديث عن أخطاء الآباء التي تدمر ثقة الأطفال بأنفسهم، علينا أن ندرك أن الكلمات والمواقف التي تبدو بسيطة قد تترك أثراً عميقاً في نفس الطفل يدوم لسنوات. إن بناء الثقة بالنفس يبدأ من البيت، من نظرة الأهل، وتشجيعهم، وطريقتهم في التعامل مع أخطاء أبنائهم. فكل كلمة دعم تُنبت قوة، وكل انتقاد قاسٍ قد يزرع ضعفاً وشكّاً في الذات. لذلك، فلنحرص كآباء وأمهات على أن نكون مصدر الأمان والدعم لأطفالنا، وأن نُربّي فيهم الثقة بدلاً من الخوف، والإصرار بدلاً من التردد، لنمنحهم طفولة سعيدة تؤسس لمستقبل مليء بالثقة والنجاح.