هل عانيت من قبل من الاكتئاب والقلق وفي الوقت نفسه بدأت تشعر بآلام وأوجاع في مناطق مختلفة من جسدك؟ هل تعتقد أن التزامن بين المشكلتين هو من قبيل الصدفة؟ ستجد إجابة وافية على هذه الأسئلة وأكثر من خلال التعرف على الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما المقصود بالأمراض النفسية الجسدية؟
الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي (بالإنجليزية: Psychosomatic Disorders) هي مصطلح عام يطلق على مجموعة من الأعراض الجسدية التي يرجع سببها في الأساس إلى اضطرابات نفسية، لا يوجد سبب طبي واضح يفسر أو يبرر هذه الأعراض الجسدية؛ وهذا ما يجعل المرضى يسعون إلى الحصول على العلاج بشكل متكرر؛ مما يصيبهم بالإحباط نتيجة عدم حصولهم على تشخيص طبي يفسر أعراضهم.
نتيجة النظرة الخاطئة للمرض النفسي في مجتمعاتنا والاعتقاد بأنه وهم في رأس المرضى، نجد أن المصابين بأمراض جسدية ذات منشأ نفسي لا يصرحون عادةً بالضيق والتوتر النفسي الذي يعانون منه؛ مما يؤدي إلى تأخر التعرف على السبب الرئيسي وراء المشكلة، وصعوبة التشخيص؛ وبالتالي تأخر العلاج.
أعراض الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي
من المحتمل أن يؤثر الاضطراب النفسي الجسدي على أي جزء من أجزاء الجسم، وتختلف الأعراض من مريض لآخر اعتمادًا على السن والنوع، ومن أشهر أعراض الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي:
الأعراض الشائعة
هناك العديد من الأعراض الجسدية التي يعاني منها المرضى المصابون ببعض الاضطرابات النفسية، من ضمن هذه الأعراض:
- الدوخة.
- آلام الظهر.
- ضيق التنفس.
- ألم العضلات.
- طفح جلدي.
- الصداع النصفي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الشعور الدائم بالإجهاد.
- تسارع ضربات القلب.
- مشاكل في الجهاز الهضمي، وأشهرها قرحة المعدة، وعسر الهضم.
الأعراض الخاصة والنساء
تختلف علامات التوتر النفسي بين الرجال والنساء نسبيًا، حيث تشكو معظم النساء المصابات بهذه المشكلة من الشعور بالإجهاد المستمر، على الرغم من حصولهم على قسط كاف من النوم، هذا إلى جانب العصبية الزائدة وبعض الأعراض المرتبطة باضطراب الدورة الشهرية، وانتفاخ البطن أغلب الوقت.
الأعراض الخاصة بالرجال
على الجانب الآخر، تظهر أعراض المرض النفسي الجسدي على الرجال عادةً من خلال التاثير السلبي على قدرتهم الجنسية، حيث يعاني أغلبهم من ضعف الرغبة الجنسية، والمشكلات المرتبطة بضعف الانتصاب، إلى جانب بعض الأعراض البيولوجية التي تتضح من خلال ارتفاع ضغط الدم، والشعور بضيق التنفس.
شاهد أيضًا: ما هو تأثير دوالي الخصية على الانتصاب والإنجاب؟
الأعراض المرتبطة بالعمر
تختلف علامات الضغط النفسي أيضًا باختلاف المرحلة العمرية، حيث نجد أن الأطفال عادة لا يجيدون التعبير عن طريق الكلام؛ وبالتالي تتضح أعراض اضطرابهم النفسي على هيئة الشعور بالصداع، وآلام المعدة المتكررة، بينما يعاني المراهقون من أعراض التوتر والقلق خلال فترة المراهقة؛ وينتج ذلك عن الاضطراب الهرموني الذي يحدث خلال هذه الفترة الحرجة.
من جهة أخرى، تختلف الأعراض التي تتضح على كبار السن، حيث يلجأ أغلبهم إلى العزلة والوحدة والشعور بالحزن؛ مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض الجسدية والأمراض المزمنة التي يعانون منها، ومن هنا كانت ضرورة التقرب والتودد إليهم في هذه المرحلة؛ حتى لا يصبحوا فريسة للمزيد من الاكتئاب والاضطرابات النفسية.
ما هي أسباب الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي؟
يجب معرفة دور هرمونات التوتر في الجسم؛ حتى يتسنى لنا فهم الآلية التي تحدث بها الأمراض النفسية الجسدية، فمن المعروف علميًا أن أجسامنا تحتوي على هرموني الأدرينالين، والكورتيزول، وهي ما يطلق عليها هرمونات التوتر، تقوم هذه الهرمونات بآلية للدفاع عن الجسم أثناء مواجهة الضغوط النفسية، تتمثل هذه الآلية في تسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وتثبيط الجهاز الهضمي.
تهدف هذه الآلية إلى مساعدة الجسم على الهروب من الخطر، أو مواجهته عن طريق بذل الجهد اللازم لذلك، باعتبار هذا الخطر هو السبب الأساسي لحالة التوتر التي يمر بها الجسم، وبعد زوال التهديد، تعود هذه الهرمونات إلى معدلها الطبيعي، ويستعيد الجسم حالته الطبيعية التي كان عليها قبل التعرض إلى للضغط النفسي.
في حالة تعرض الجسم إلى حالة مستمرة من التوتر والإجهاد النفسي، تبقى معدلات الكورتيزول والأدرينالين مرتفعة للغاية؛ مما يسبب حدوث اضطرابات في جميع أعضاء الجسم، الأمر الذي ينعكس على تأثر هذه الأعضاء سلبًا، وظهور الامراض الجسدية ذات المنشا النفسي.
كيف يمكن تشخيص الأمراض النفسية الجسدية؟
يعتمد التشخيص على إجراء الفحص البدني للمريض، والتعرف على تاريخه المرضى، والتوقيت الذي بدأت فيه الأعراض، كما يطلب الطبيب مجموعة من الفحوصات الطبية التي تساعد على استبعاد إصابة المريض بمشكلات صحية أخرى والتي تتشابه في أعراضها مع شكوى المريض.
عندما لا يتوصل الطبيب إلى تفسير طبي واضح لتلك الأعراض الجسدية التي يشكو منها المريض، يشتبه عادةً في إصابة المريض بمشكلة نفسية ما، وهناك بعض المعايير التي تؤكد هذا التشخيص، من ضمنها:
- معاناة المريض من عرض أو أكثر من الأعراض الجسدية.
- استمرار الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل.
- شعور المريض بالقلق الدائم بشأن هذه الأعراض.
كيف يمكن علاج الأمراض النفسية الجسدية؟
يهدف علاج الأمراض الجسدية ذات المنشا النفسي إلى الجمع بين العلاج الدوائي للأعراض الجسدية التي يعاني منها المريض، إلى جانب العلاج النفسي للاضطراب الذي أدى إلى حدوث المشكلة، حيث يشبه الأطباء طبيعة الأمراض الجسدية النفسية بأنها تشبه نهر يفيض بعد انهيار سد، وبالتالي فإن الطريقة الأكثر فعالية هي إصلاح السد منعاً لحدوث المزيد من الفيضانات، لكن هذا لا يقلل من أهمية التعامل مع آثار الفيضانات التي حدثت أثناء إصلاح هذا السد.
تتضمن الحلول الطبية المتبعة في علاج هذا النوع من الأمراض:
- العلاج المعرفي السلوكي.
- العلاج القائم على اليقظة.
- علاج الاكتئاب والاضطرابات النفسية بالأدوية.
- علاج الأعراض الجسدية بالأدوية المناسبة.
الوقاية من الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي
ينصح الأطباء باتباع مجموعة من الإجراءات البسيطة أو النصائح التي تساعد على الوقاية من الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي، وتتضمن هذه الإرشادات:
- الإقلاع عن التدخين.
- الحصول على قسط كاف من النوم.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- تجنب المشروبات الكحولية.
- عدم التردد في طلب الدعم النفسي من المقربين عند الحاجة لذلك.
- وضع حدود في التعامل مع الآخرين؛ لتقليل الضغط النفسي.
- الحفاظ على الوزن المثالي واتباع نظام غذائي صحي.
شاهد أيضًا: التخلص من القلق من خلال 5 منتجات تضعينها في حقيبتك.
الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي من مشكلات العصر التي تهاجم الكثيرين، دون أن يعلموا أن السبب الحقيقي وراء مشكلاتهم الجسدية هو اضطراب نفسي لم يتم التعامل معه بشكل سليم، الأمر الذي يزيد من أهمية اتباع نمط حياة صحي، يقلل من التوتر، ويساعد في الوقاية من الإصابة بالاضطرابات النفسية.