ارتفاع الكوليسترول لم يعد مشكلة صحية صامتة فحسب، بل عامل خطر مباشر لأمراض القلب والسكتات الدماغية وحتى التراجع المعرفي مع التقدم في العمر. ورغم أن أدوية الستاتين تُعد الخيار الأول طبياً، إلا أن آثارها الجانبية وعدم استجابة بعض المرضى دفعت الباحثين للبحث عن بدائل غذائية فعالة. هنا يبرز نظام غذائي لخفض الكوليسترول يُعرف باسم “نظام بورتفوليو”، والذي أظهرت الدراسات أنه قادر على خفض الكوليسترول الضار خلال فترة قصيرة وبنتائج تقترب من تأثير الأدوية.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
هل يوجد نظام غذائي لخفض الكوليسترول حقًا؟
نظام بورتفوليو الغذائي هو خطة غذائية علمية مبتكرة صمّمها باحثون كنديون بهدف خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL بطريقة طبيعية وآمنة، دون الاعتماد الكلي على الأدوية. ما يميّز هذا النظام هو اعتماده على دمج عدة مكونات غذائية لكلٍ منها دور محدد وموثّق علمياً في التحكم بالكوليسترول. الدراسات أظهرت أن كل مجموعة غذائية تعمل بشكل مستقل لتقليل LDL، ولكن عند دمجها جميعاً ضمن نظام واحد، يتحقق تأثير تراكمي قوي يضاهي أحياناً فعالية أدوية الستاتين.
يعتمد النظام على أربعة عناصر رئيسية:
-
الألياف القابلة للذوبان: موجودة في الشوفان، والشعير،و العدس، والفاصوليا، والتفاح، والحمضيات، وبذور الكتان والشيا. تعمل هذه الألياف على الالتصاق بالكوليسترول في الأمعاء ومنع امتصاصه، ما يجبر الجسم على التخلص منه بشكل طبيعي.
-
البروتينات النباتية: مثل الحمص، البقوليات والمكسرات، والتي تقلل من إنتاج الكوليسترول في الكبد وتوفر بديلًا صحيًا للبروتين الحيواني الغني بالدهون المشبعة.
-
الدهون غير المشبعة: كزيت الزيتون البكر، وزيت الكانولا، وزيوت دوار الشمس وفول الصويا، والتي تعمل على تحسين توازن الدهون في الدم وخفض LDL عند استبدالها بالدهون المشبعة.
-
الستيرولات النباتية: توجد طبيعيًا في المكسرات والبازلاء وزيوت معينة، أو في المنتجات الغذائية المدعمة، وتساهم بشكل مباشر في منع امتصاص الكوليسترول من الأمعاء.
الأبحاث أثبتت أن الالتزام بهذا النظام يمكن أن يحقق انخفاضاً في الكوليسترول الضار يصل إلى 30–35% خلال 4 أسابيع فقط، ما يجعله خياراً فعالاً للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى لدعم التحكم بالوزن وتقليل مخاطر السكري من النوع الثاني.
كما أن النظام يتميز بالمرونة والتنوع؛ إذ يمكن تعديل المكونات بحسب التفضيلات الشخصية والثقافية، مع الحفاظ على فعاليته. يمكن إضافة مصادر محدودة للبروتين الحيواني الخالي من الدهون مثل الدجاج أو الأسماك، لكن الأساس يبقى النباتات.

لماذا يُعد هذا النظام فعالاً؟
تشير دراسات سريرية منشورة في دوريات مثل مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (بالإنجليزية: Journal of the American Medical Association) ومجلة نيو إنغلاند الطبية (بالإنجليزية:The New England Journal of Medicine) إلى أن الالتزام الصارم بنظام بورتفوليو يمكن أن:
-
يخفض الكوليسترول الضار بنسبة تصل إلى 30–35% خلال شهر واحد.
-
يحقق نتائج مماثلة لبعض أدوية الستاتين منخفضة إلى متوسطة الجرعة.
-
يقلل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.
كما أظهرت دراسة متابعة طويلة الأمد أجرتها جامعة هارفارد أن هذا النظام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تقارب 14%.
اقرأ أيضًا: حمية البحر الأبيض المتوسط للتخسيس وحماية القلب
المكونات الأساسية في نظام غذائي لخفض الكوليسترول
يعتمد النظام على أربع مجموعات غذائية رئيسية، لكل منها دور محدد في تحسين دهون الدم:
الألياف اللزجة
-
توجد في الشوفان، والشعير، والعدس، والفاصوليا، والتفاح، والحمضيات، وبذور الشيا وبذور الكتان.
-
تعمل على الارتباط بالكوليسترول والأحماض الصفراوية في الأمعاء.
-
تساعد الجسم على التخلص من الكوليسترول بدلاً من امتصاصه.
البروتينات النباتية
-
مثل البقوليات كالحمص، والفول، والمكسرات أيضًا.
-
تقلل تصنيع الكوليسترول في الكبد.
-
تشكل بديلاً صحياً للبروتينات الحيوانية الغنية بالدهون المشبعة.
الدهون غير المشبعة
-
زيت الزيتون البكر الممتاز، زيت الكانولا، زيت دوار الشمس، زيت فول الصويا.
-
تحسّن توازن الدهون في الدم.
-
تقلل من LDL عند استبدالها بالدهون المشبعة.
الستيرولات النباتية
-
موجودة طبيعياً في المكسرات والبقوليات والزيوت النباتية.
-
أو مضافة إلى بعض المنتجات المدعّمة مثل الزبادي والسمن النباتي.
-
تمنع امتصاص الكوليسترول من الأمعاء بشكل مباشر.

فوائد إضافية تتجاوز خفض الكوليسترول
لا يقتصر تأثير هذا النظام الغذائي لخفض الكوليسترول على صحة القلب فقط، بل أظهرت أبحاث حديثة فوائد أخرى، من بينها:
-
تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، خصوصاً لدى النساء بعد سن اليأس.
-
تعزيز الإحساس بالشبع، ما يساعد على التحكم بالوزن.
-
تحسين صحة الجهاز الهضمي بفضل محتواه العالي من الألياف.
نموذج ليوم غذائي متوازن
اتباع النظام لا يعني الحرمان، بل يعتمد على تنويع ذكي للأطعمة:
-
الإفطار: شوفان محضّر مع حليب الصويا، مع التوت وحفنة مكسرات.
-
الغداء: سلطة حمص مع خضروات ورقية، أفوكادو، بذور دوار الشمس وزيت الزيتون.
-
العشاء: جبن التوفو المطهو مع البروكلي والأرز البني.
-
تحلية: زبادي مع فواكه طازجة.
اقرأ أيضًا: حمية الجريب فروت: أكثر من 5 فوائد لحرق الدهون
هل يغني النظام عن الأدوية؟
رغم فعالية نظام بورتفوليو الغذائي المثبتة علميًا في خفض الكوليسترول الضار، إلا أنه لا يمكن اعتباره بديلًا كاملًا لأدوية الستاتين، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ من أمراض القلب أو خطر مرتفع للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. تؤكد مؤسسة القلب البريطانية (بالإنجليزية: British Heart Foundation) أن النظام الغذائي يكمّل العلاج الدوائي ولا يستبدله في الحالات عالية الخطورة.
يمكن استخدام النظام الغذائي في عدة سياقات:
-
للوقاية: الأفراد الأصحاء نسبيًا والذين لديهم مستويات كوليسترول مرتفعة قليلًأ يمكنهم الاعتماد على النظام كوسيلة طبيعية للحفاظ على مستويات صحية للدهون في الدم، وتقليل تراكم الدهون في الشرايين على المدى الطويل.
-
لتحسين النتائج مع العلاج: المرضى الذين يتناولون أدوية الستاتين قد يجدون أن الالتزام بالنظام يساهم في زيادة فعالية العلاج، ما يسمح بخفض الجرعات أو الوصول إلى مستويات الكوليسترول المستهدفة بسرعة أكبر.
-
للأشخاص الذين يعانون من آثار جانبية دوائية: بعض المرضى يواجهون مشاكل مثل آلام العضلات، اضطرابات الجهاز الهضمي أو صداع عند استخدام الستاتين. في هذه الحالات، يمكن أن يخفف النظام الغذائي من اعتمادهم على الدواء، مع الاستمرار تحت إشراف الطبيب، مما يقلل من التعرض للآثار الجانبية دون التضحية بالتحكم في الكوليسترول.
باختصار، نظام بورتفوليو ليس مجرد حمية مؤقتة، بل استراتيجية صحية متكاملة تعمل جنباً إلى جنب مع العلاج الدوائي أو كأداة وقائية قوية، مع التأكيد دائمًا على أهمية مراجعة الطبيب قبل أي تعديل في النظام الغذائي أو العلاج.

خلاصة
اتباع نظام غذائي لخفض الكوليسترول مبني على أسس علمية، مثل نظام بورتفوليو، قد يُحدث فرقًا حقيقيًا خلال 30 يومًا فقط، فهو أسلوب حياة أكثر من كونه حمية مؤقتة، يجمع بين الفعالية والمرونة والأمان. ومع ذلك، تبقى استشارة الطبيب خطوة أساسية قبل تعديل النظام الغذائي أو إيقاف أي علاج دوائي.