لقد انتشرت الخلافات الزوجية كثيرًا في الآونة الأخيرة، ومع الأسف نجد أن تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال كارثيًا، وليست فقط نفسية الأطفال التي تتأثر، بل ينعكس ذلك أيضًا على تعاملاتهم مع الآخرين.
أصبحت ضغوطات الحياة تمثل عاملًا أساسيًا في كثرة الصراعات الزوجية التي يكون ضحيتها الأبناء؛ فأُجريت العديد من الدراسات لمعرفة أثر اضطراب العلاقة الزوجية على الصحة النفسية للأبناء. سنذكر فيما يأتي نتائج هذه البحوث التي أجراها المختصون؛ حتى يعلم كلا الزوجين الجريمة التي يرتكبانها في حق أبنائهم، وتأثير ذلك على مستقبلهم.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
إدراك الزوجين لتأثير الخلافات الزوجية على الأطفال
يعتبر اضطراب العلاقة الزوجية أمرًا واردًا في كل أسرة خاصةً مع وجود أطفال؛ حيث إن المسؤولية تزداد على كلٍ من الأب والأم، لكن ذلك ليس مبررًا على الإطلاق بجعل هذه الخلافات أمام الأطفال؛ إذ ينعكس ذلك بصورة سلبية للغاية على الصحة النفسية والعقلية للأطفال، كما أنه يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية بمن حولهم، بالإضافة إلى احتمالية إصابتهم بالكثير من الأمراض، وكل ذلك لا يدركه الأبوان إلا بعد فوات الأوان.
الاضطرابات العائلية وتأثيرها النفسي على الأطفال
تتأثر كثير من الجوانب الشخصية للأطفال بسبب الخلافات الأسرية وبالأخص الجانب النفسي والسلوكي، فعواقب ذلك على الأطفال أيًا كانت أعمارهم ليست بالشيء الهين، وقد أظهرت عدد من الدراسات أن تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال أخطر من أثر الطلاق في حد ذاته، ومن هذه الآثار ما يأتي:
- الشعور بالخوف.
- الشعور بالغضب.
- الشعور بالحزن.
- العنف.
- التمرد والعناد.
- الاستخفاف بحقوق الآخرين.
- الكذب.
- السرقة.
- الميل إلى العزلة.
- الإدمان بأي شكل من أشكاله.
- مرض الاكتئاب.
يظهر كذلك تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال الرضع؛ حيث لاحظ الباحثون تأثير الجدال بين الزوجين على ردات فعل بعض الرضع الذين تبلغ أعمارهم 6 أشهر كالتالي:
- القلق.
- الحزن.
- الخوف.
- اضطراب عادات النوم.
أمثلة الخلافات الزوجية المدمرة لنفسية الطفل
لا يخلو أي بيت أسري من المشكلات، لكن درجة وعي وإدراك الأبوين في التعامل معها هو الذي يختلف من أسرة لأخرى، أما عن أمثلة النزاعات التي تضر بالأطفال، فهي:
- التهجم اللفظي: كالسب، والإهانة، والتهديد المستمر بالانفصال.
- العنف الجسدي: مثل: التعدي بالضرب.
- اتباع أسلوب التجاهل: مثل العبوس، أو الإهمال والخصام.
تستقر هذه الأحداث المؤلمة التي يراها الأطفال من والديهم في ذاكرتهم حتى الكبر، وتؤدي إلى الكثير من الآثار الجانبية والمشكلات الصحية للطفل مع مرور الوقت؛ مثل:
- الصداع.
- ألم المعدة.
- المرض المتكرر.
- الربو.
- أمراض القلب.
- داء السكري.
- نقص المناعة.
- ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول بسبب التوتر الدائم.
- نقص الانتباه والتشتت.
- صعوبات في التعلم.
- التأثير على المستوى الدراسي للطفل.
عوامل اختلاف تأثير الشجار بين الأبوين على الأطفال
تلعب عدة عوامل دورًا في التفاوت بين تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال من طفل لآخر، منها على سبيل المثال:
- العمر.
- الجنس.
- أسلوب الطفل في التعامل مع المشكلات.
- رد فعل الطفل عند تعرضه للضغط أو التوتر.
- علاقة الطفل بأبويه.
- الصحة العقلية للوالدين.
شاهد أيضًا: الصحة النفسية لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
هل يمكن أن يكون تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال إيجابيًا؟
قد لا تكون نتيجة كل اضطرابات العلاقة الزوجية سيئةً كما هو الحال عادةً، وهذا يتوقف على حسن التصرف في مثل هذه المواقف دون إلحاق الضرر النفسي بالطفل، بل بالعكس يستفيد منها؛ فعندما يشهد الطفل الخلافات البسيطة والمتوسطة بين والديه، يجد أن التفاهم والمشاعر الإيجابية فيما بينهما يساعدان على حل المشكلة بالدعم والمصالحة. بالتأكيد يصبح هذا النوع من أثر اضطراب العلاقة الزوجية على الصحة النفسية للأبناء مفيدًا للأسباب التالية:
- تنمية المهارات الاجتماعية للأبناء.
- تعلم احترام الذات وتقديرها.
- الشعور بالأمان العاطفي وسط الأسرة.
- تحسين العلاقة مع الوالدين.
- التقدم في المستوى الدراسي.
الانفصال وتخفيف أثر اضطراب العلاقة الزوجية
مما لا شك فيه أنه ليس هناك أفضل من نشأة الطفل مع أبويه، لكن إذا كان يوجد ما يعكر صفو هذا الجو الأسري، مثل: الخلافات الزوجية الشديدة والمتكررة؛ فيكون الأنسب للطفل نفسيًا واجتماعيًا انفصال كل من والديه، وعلى الرغم من أن هذا القرار يؤثر على تواصل الطفل مع الآخرين وتكيفه مع المجتمع، لكنه يظل أقل وطأةً من الآثار المترتبة على بقائه وسط هذا الضغط النفسي الهائل طيلة حياته.
شاهد أيضًا: 10 أشياء يراقبها طفلك دون أن تعلمي
نصائح للتغلب على أثر اضطراب العلاقة الزوجية
قد يصادف الأبناء أحيانًا حضور النزاعات الزوجية الشديدة بين أبويهم؛ لذا سنقدم مجموعة من النصائح التي يمكن أن تساعد الأطفال في التعامل المناسب في مثل هذه المواقف، خاصةً إذا كانوا ناضجين؛ مثل:
الالتزام بالحيادية
يمكن أن يحدث خلال أحد الخلافات الزوجية، أن يطلب أحد الأبوين من الأبناء أن يدعموا أحدهما، في مثل هذه الحالة على الطفل ألا يختار أي طرف؛ حتى لا يزيد من غضب الطرف الآخر.
الابتعاد عن مكان الجدال
إذا كان الطفل لا يستطيع تحمل الضغط بسبب الصوت المرتفع نتيجة النزاع؛ فإنه من الأفضل أن يختار مكانًا بعيدًا بالمنزل لا يستطيع فيه سماع الصراخ والجدال، أو الذهاب إلى أحد الجيران المقربين.
الانشغال بأي نشاط في المنزل
إذا كان اختيار مغادرة المنزل غير متاح، فيمكن الانشغال بأي عمل بالمنزل بعيدًا عن الأبوين؛ مثل: قراءة الكتب، أو إنهاء المهام الدراسية، أو اللعب.
عدم التفكير السلبي في عواقب هذه الصراعات
من الوارد أن يفكر الأطفال في النتائج السيئة التي ستحدث مع كثرة استمرار الجدال بين أبويهم؛ مثل: تشتت الأسرة نتيجة الانفصال، ومدى تأثير ذلك عليهم، بل قد يلوم الأطفال أنفسهم في حدوث مثل هذه المشكلات. لكن يجب تغيير هذه النظرة واعتبار أن ليس مصير كل الخلافات هذه النهاية المشؤومة.
التحدث مع الأبوين عن أثر اضطراب العلاقة الزوجية
غالباً لا يدرك الوالدان مدى تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال؛ لذلك فإن محاولة الأبناء بالتحدث مع والديهم والتوضيح لهم بأن كثرة هذه النزاعات تؤذيهم، وأنهم يشعرون بالقلق والاكتئاب مع هذا التوتر الدائم قد تُحدث فرقًا.
عمل مقارنة بين الجدال الإيجابي والسلبي
يمكن أن تسهم محاولة الأبناء في توضيح الفرق بين الجدال الإيجابي، الذي يعتمد على التفاهم والنقاش المنطقي دون أي تطاول، مقارنةً بالجدال السلبي الذي ينتهي بمشكلات أكبر، في مراجعة الوالدين لأسلوب تعاملهم فيما بينهم في المرات القادمة.
اقتراح إجراء النقاشات والحوارات الخاصة بهم
يوضح الأطفال للأبوين أن مناقشة خلافاتهم في مكان خاص، مثل غرفتهم وليس أمام أطفالهم، يكون أفضل كثيرًا وأقل تأثيرًا على نفسيتهم.
اقتراح حصولهم على المساعدة من أشخاص مختصين
قد تكون النقاشات بين الزوجين لا تجدي نفعًا، بل إنها تزيد الوضع سوءً؛ لذلك فإن محاولة طلب المساعدة من المختصين؛ مثل استشاري العلاقات الزوجية، يساعد كثيرًا في حل الخلافات بطريقة ممنهجة وصحية.
لا نجد سوى نصيحة واحدة في غاية الأهمية نسديها إلى كل الآباء والأمهات، وهي محاولتهم في الحفاظ على أطفالهم بكونهم قدوة لهم في التعامل الراقي والتفاهم فيما بينهم، وألا يجعلوهم ضحيةً لخلافاتهم، ويتجنبوا تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال؛ حتى لا يندموا لاحقًا على النتائج المترتبة على ذلك.