لغة الإشارة في يومها الدولي: صوت الصمت ولغة القلوب

لغة الإشارة هي وسيلة تواصل بصرية وحركية تستخدم الإيماءات وحركات اليدين وتعابير الوجه والجسد للتعبير عن الأفكار والمشاعر، وهي تعد اللغة الأساسية للصم وضعاف السمع للمساهمة في كسر حواجز التواصل بينهم وبين المجتمع؛ مما يمنحهم فرصة أكبر للتعليم والعمل والاندماج. كما أصبحت لغات الإشارة اليوم مجال اهتمام عالمي باعتبارها لغات غنية ومعترف بها تسهم في تعزيز قيم التفاهم والشمولية.

انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.

هل تعتبر لغة الإشارة لغة عالمية؟

الإجابة السريعة لهذا السؤال هي لا .. هناك العديد من لغات الإشارة حول العالم وربما يتجاوز عدد لغات الإشارة حول العالم 300 لغة إشارة، حيث تختلف اللغة التي يستخدمها الصم من دولةٍ لأخرى وحتى ضمن الدول التي تتحدث ذات اللغة يمكن أن تجد بعض الاختلافات في الإشارات المستخدمة للتعبير، عند مقارنة الأمر باللغات المحلية يمكن أن نقول أنّ هذه الاختلافات أشبه باللهجات التي تجدها في المناطق ضمن البلد الواحد.

الاختلافات في لغات الإشارة لا تقتصر هنا على حركات الأصابع واليد وحسب بل يمكن أن تكون تعابير وجه المتحدث وإيماءاته وحتى لغة وحركات الجسد الخاصة به مختلفةً من منطقة لأخرى. هذه الاختلافات منطقية، حيث أنّ لغة الإشارة للصم والبكم في كل منطقة تتطور بشكلٍ مميز لتناسب أسلوب الحياة الذي يعيشه أفراد المنطقة.

 ما هي أهمية لغة الإشارة العالمية؟

لغات الإشارة المحلية يمكن أن تُساعدك على التواصل مع الأفراد الصم المحيطين بك وستكون كافيةً عادةً، لكن العالم اليوم يصبح أصغر حتى بالنسبة للصم، هناك حاليًا عددٌ من الجمعيات العالمية للصم مثل الاتحاد العالمي للصم (WFD) والتي تهتم بشؤون الصم وأسرهم وخاصة من يتواصلون بلغة الإشارة، هناك أيضًا بعض الأحداث العالمية مثل اليوم العالمي للسمع (اليوم الثالث من مارس) المخصص للتوعية والوقاية من فقدان السمع والديفلمبياد (Deaflympics) وهو حدث رياضي يتنافس فيه الصم والبكم يقام مرة كل 4 سنوات منذ 1924.

وجود هذه الأحداث التي يجتمع فيها أشخاص من جنسياتٍ مختلفة حول العالم يخلق الحاجة لوجود وسيلة فعالة للتواصل بين الأفراد الصم ووجود لغة عالمية للإشارة.

شاهد أيضًا: يوم التوحد العالمي 2 إبريل..دليلك الشامل حول طيف التوحد

ما المقصود بالإشارة العالمية؟

مع الحاجة لوجود لغة إشارة عالمية قد تسأل نفسك .. لماذا لم يبتكر أحد لغة إشارة عالمية حتى الآن؟ والإجابة هي أنه قد كان هناك بعض المحاولات التي تخص ابتكار لغة إشارة عالمية يتحدثها الجميع، لكن هذه اللغة لم تلق الانتشار المتوقع لها مع تمسك الجميع بلغاتهم الأصلية، والاسم الشائع لوصف لغة الإشارة العالمية هو “الإشارة العالمية”،

الجدير بالذكر أنّ الإشارة العالمية ليست لغة إشارة كاملة بل هي لغة هجينة ومبسطة أو يمكن اعتبارها مجموعة من الإشارات المتفق عليها بين مترجمي لغات الإشارة من أجل تسهيل التواصل والترجمة بين الصم والبكم الذين يتواصلون بالإشارة.

اليوم العالمي للغات الإشارة

حتى مع عدم تعميم لغة إشارة عالمية موحدة تجمع كافة الصم والبكم حول العالم إلا أنّ الاتحاد العالمي للصم قرر تحديد تاريخ لغة الإشارة يوم 23 سبتمبر من كل عام كيومٍ عالمي لها، وجاء اختيار هذا اليوم لكونه اليوم المصادف لذكرى تأسيس الاتحاد العالمي للصم.

يعتبر اليوم العالمي للغة الإشارة فرصةً فريدة لدعم وحماية الهوية اللغوية والتنوع الثقافي لكافة الصم والبكم من مستخدمي لغات الإشارة حول العالم.

كيف أتعلم لغة الإشارة الدولية؟

حيث أنّ لغة الإشارة الدولية ليست لغةً قائمةً بذاتها فقد كان من الصعب على الأفراد الذين لا يتقنون أي من لغات الإشارة أساسًا أن يتعلموها، الإشارة الدولية هي لغة مساعدة؛ ولذلك يعتمد المترجمون عادةً على الكثير من القواعد اللغوية من لغاتهم الأصلية من أجل استخدام الإشارة الدولية؛ ولهذا كان من الضروري أن تكون على درايةٍ بإحدى لغات الإشارة من أجل تعلم الإشارة الدولية.

في حال كنت تعلم لغة إشارة واحدة على الأقل فمن الممكن أن تستفيد من بعض المواقع التي تتيح تعليم بعض المفردات بلغة الإشارة الدولية، حاليًا قد يكون تعلم الإشارة الدولية أكثر سهولةً على الأفراد الذين يتقنون اللغات الغربية مثل لغة الإشارة الأمريكية، بسبب اعتمادها نوعًا ما على البناء القواعدي، وهو ما يعتبر نوعًا ما من العيوب الخاصة باللغة الدولية، حيث أنها بذلك تكون متحيزةً نحو اللغات الغربية.

تبقى لغة الإشارة أكثر من مجرد وسيلة للتواصل؛ فهي جسر يربط القلوب والعقول، ويمنح الصم وضعاف السمع حقهم الطبيعي في التعبير والتفاعل مع المجتمع. إن نشر الوعي بأهميتها وتعليمها لا يسهم فقط في دمج هذه الفئة الكريمة، بل يعكس قيم الإنسانية والشمولية التي يحتاجها عالمنا اليوم. فلنحتفي بلغة الإشارة ونجعلها لغة يفهمها الجميع. خلال السنوات القادمة يمكن أن تتطور لغة الإشارة العالمية لتُصبح مناسبةً للجميع وحينها ستكون لغةً مناسبةً لتمكين الجميع من التواصل معاً في المحافل العالمية.