يشعر كثير من الآباء والأمهات بالقلق من الأضرار الناتجة عن تلقي بعض اللقاحات الجديدة، لدرجة تصل إلى رفضها في بعض الأحيان، ويعد لقاح سرطان عنق الرحم من اللقاحات التي أثارت جدلًا في المجتمع العربي منذ سنوات، فما هو تطعيم سرطان عنق الرحم؟ وهل هناك موانع للحصول عليه؟ كل هذا وأكثر سيتضح من خلال السطور القادمة من هذا المقال.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو تطعيم سرطان عنق الرحم؟
يطلق على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (بالإنجليزية: Human Papillomavirus Vaccine) مجازًا تطعيم سرطان عنق الرحم، وهو لقاح تم تصنيعه ليساعد على الوقاية من الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، يوجد حوالي 200 نوع من فيروس (HPV)، ينتشر حوالي 40 نوعًا منها عن طريق الاتصال الجنسي المباشر، وهناك نوعان آخران يسببان الثآليل التناسلية وهما HPV6 وHPV11.
يشترك عشرة أنواع من فيروس الورم الحليمي البشري في تسببهم في الإصابة ببعض أنواع السرطان، منها:
- سرطان عنق الرحم.
- سرطان المهبل.
- سرطان القضيب.
- سرطان الشرج.
- سرطان الفم.
- سرطان البلعوم.
على الرغم من أن فيروس الورم الحليمي يختفي في بعض الأحيان من تلقاء نفسه، إلا أن هناك بعض الأنواع التي تسبب مخاوف طبية، خاصةً الأنواع التي تسبب سرطان عنق الرحم، الأمر الذي يفرض أهمية تلقي تطعيم سرطان عنق الرحم؛ لأنه يقلل بشكل كبير من معدلات الإصابة بالأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري.

أهمية لقاح HPV
تشير الأبحاث إلى أن الجمع بين تطعيم سرطان عنق الرحم وإجراء فحص عنق الرحم من أهم العوامل التي توفر أكبر حماية من الإصابة بسرطان عنق الرحم، ومن فوائد لقاح HPV أيضًا التقليل بشكل ملحوظ من معدل الإصابة بأنواع السرطان الأخرى التي يسببها فيروس الورم الحليمي البشري والسابق ذكرها في الفقرة السابقة.
لا يقتصر التأثير الإيجابي للقاح على الأشخاص الذين حصلوا عليه فقط، لكنه يقلل من انتشار الفيروس بين السكان بشكل عام؛ وبالتالي تقل معدلات الإصابة بين الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم، وهو ما يطلق عليه مناعة القطيع، وهو ما أوضحته إحدى الدراسات التي أجريت في أستراليا، حيث تم تطعيم البنات ضد HPV، وانعكس ذلك على انخفاض نسبة الإصابة بالثآليل التناسلية بين الذكور والإناث الذين لم يتلقوا التطعيم لمدة أربع سنوات متتالية.
شاهد أيضًا: اضطراب فموي شائع قد يكون عرضًا من أعراض السرطان!
الفئات التي يجب أن تحصل على اللقاح
أظهرت الأبحاث فعالية اللقاح في الوقاية من الأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري كلما كان سن المتلقي صغيرًا، كما أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض الوقائية بعض التوصيات الخاصة بالفئات التي ينبغي أن تتلقى تطعيم سرطان الرحم (لقاح فيروس الورم الحليمي البشري)، نستعرض هذه الفئات كالتالي:
الأطفال والمراهقون
تتضمن التوصيات إعطاء لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للفتيات والفتيان الذين تتراوح أعمارهم من 11 – 12 عامًا، إذ ينبغي أن يحصل الطفل على جرعتين بفاصل ستة أشهر بينهما على الأقل، ولا يوجد مانع من حصول المراهقين الذين تتراوح أعمارهم من 13 – 14 عامًا على اللقاح إذا تأخروا في تلقي جرعاتهم قبل ذلك.
يمكن أيضًا أن يحصل الأطفال الأصغر سنًا الذين تتراوح أعمارهم من 9 – 10 سنوات على اللقاح، وقد أظهرت الأبحاث أنه لا يوجد علاقة بين تلقي اللقاح في سن مبكر، وبين بداية النشاط الجنسي، وهو من ضمن المعتقدات الخاطئة التي تجعل بعض الآباء والأمهات يرفضون فكرة تلقي أبنائهم اللقاح من الأساس.
شاهد أيضًا: تأخير تطعيم الأطفال: تعرف على العواقب الصحية الخطيرة

البالغون حتى سن 26 عامًا
ينبغي أن يتلقى الشباب والمراهقون الذين تتراوح أعمارهم من 15 – 26 عامًا ثلاث جرعات من اللقاح بدلًا من جرعتين فقط، وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض الوقائية بإعطاء تطعيم سرطان عنق الرحم لجميع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 26 عامًا، في حالة عدم حصولهم على اللقاح من قبل.
البالغون من 27 حتى 45 عامًا
على الرغم من اعتماد تطعيم فيروس الورم الحليمي البشري من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ليتم إعطاؤه للبالغين من سن 27 – 45 عامًا، إلا أن التطعيم يوفر حماية أقل لهذه الفئة العمرية مقارنةً بالأطفال والمراهقين؛ نظرًا لأن كثيرًا من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 27 – 45 قد تعرضوا بالفعل للفيروس.
تتضمن التوصيات الخاصة بهذه الفئة العمرية مناقشة الطبيب للمرضى الذين لم يحصلوا على اللقاح من قبل، والتحقق من جدوى تلقي اللقاح بالنسبة لهم في هذه المرحلة.
شاهد أيضًا: الأمراض الجنسية بين الزوجين: حقائق صادمة ونصائح للوقاية
هل يوجد آثار جانبية لتطعيم HPV؟
يتساءل كثير من الأشخاص عن أضرار تطعيم سرطان عنق الرحم، وهل هناك مضاعفات خطيرة مصاحبة لتلقي هذا اللقاح أم لا، والحقيقة أن تطعيم سرطان عنق الرحم مثله مثل باقي الأدوية أو التطعيمات التي قد يكون لها بعض الآثار الجانبية، لكن لا ينبغي أن يؤثر ذلك على تلقي التطعيم. نخصص هذا الجزء من المقال لنوضح أشهر أضرار لقاح HPV.
الآثار الجانبية الشائعة
تم الإبلاغ عن مجموعة من الآثار الجانبية البسيطة التي شعر بها بعض المرضى بعد حصولهم على تطعيم سرطان عنق الرحم، تتضمن هذه الآثار:
- حمى.
- غثيان.
- صداع.
- إسهال.
- شعور بالتعب.
- قيء وغثيان.
- ألم في العضلات والمفاصل.
- ألم في الذراع في موضع الحقن.

الإغماء
تعد الدوخة والإغماء من الأعراض الجانبية المصاحبة لكثير من الإجراءات الطبية، ومن ضمنها التطعيم -خاصةً بين المراهقين- ولتجنب حدوث هذه المشكلة، ينبغي على الأشخاص الذين يتلقون لقاح HPV الجلوس أو الاستلقاء أثناء حصولهم عليه، إلى جانب مراقبة المرضى لمدة 15 دقيقة بعد تلقي اللقاح.
رد الفعل التحسسي
قد يعاني بعض المرضى في حالات نادرة من رد فعل تحسسي تجاه تطعيم سرطان عنق الرحم عند تلقيه للمرة الأولى، ينبغي أن يتجنب هؤلاء المرضى ألا يحصلوا على باقي الجرعات؛ تجنبًا لتكرار نفس المشكلة.
هل تطعيم سرطان عنق الرحم آمن؟
يعد لقاح سرطان عنق الرحم من اللقاحات الآمنة إلى حد كبير، فقد مرت جميع أنواعه المعتمدة باختبارات السلامة المكثفة لعدة سنوات قبل أن يتم ترخيصها والموافقة عليها من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهي الجهة المسؤولة عن اعتماد اللقاحات الآمنة والفعالة في حالة تفوق فوائدها على المخاطر أو الأضرار المصاحبة لها.
بالإضافة إلى ذلك، تستمر مراقبة اللقاحات بعد الموافقة عليها من قبل مراكز السيطرة على الأمراض الوقائية؛ للبحث عن الآثار الجانبية النادرة، والأضرار التي قد تحدث بعد انتشار استخدام التطعيم على نطاق واسع، وإلى الآن لم تظهر أي علامات تتعلق بأمان لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، وجاءت جميع النتائج مطمئنة منذ اعتماده في عام 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية.
هل لقاح HPV يقي تمامًا من سرطان عنق الرحم؟
اللقاح يقلل بشكل كبير خطر الإصابة بأنواع فيروس الورم الحليمي البشري المسببة للسرطان، لكنه لا يغني عن الفحص الدوري (مسحة عنق الرحم)، لأن بعض أنواع الفيروس الأخرى قد تسبب السرطان أيضًا.

موانع الحصول على اللقاح
هناك بعض الحالات التي لا ينبغي أن يتم إعطاء تطعيم سرطان عنق الرحم فيها، تتضمن هذه الحالات:
- رد الفعل التحسسي: ينبغي على المرضى الذين عانوا من حساسية شديدة من اللقاح عند تلقي جرعات سابقة له ألا يحصلوا عليه مجدداً، كما ينبغي أن يتحدث المرضى الذين يعانون من أي نوع آخر من الحساسية مع الطبيب قبل تلقي التطعيم.
- الحوامل: لا ينصح بإعطاء تطعيم سرطان عنق الرحم للنساء الحوامل، وإن كان لا يوجد حتى الآن ما يثبت خطورته عليهن، لكن من الأفضل الانتظار بعد الولادة.
- الأمراض: ينبغي أن يؤجل المرضى الذين يعانون من حمى متوسطة، أو أعراض برد أو سعال شديدة الانتظار حتى تتحسن هذه الأعراض، ولا يوجد مانع من إعطاء التطعيم للمرضى الذين يعانون من حمى خفيفة لا تتجاوز فيها درجة حرارة المريض 38 درجة مئوية.
-
اضطرابات المناعة الشديدة: بعض الحالات تحتاج استشارة طبيب قبل التطعيم (مثل أمراض نقص المناعة أو العلاج المثبط للمناعة).
-
الرضاعة: ليس موانعًا صارمًا، لكن بعض الأطباء يفضلون التأجيل عند وجود أمراض مصاحبة.
شاهد أيضًا: أضرار لقاح الانفلونزا: هل تفوق فوائده؟
يعد تطعيم سرطان عنق الرحم من التطعيمات الآمنة إلى حد كبير، وتقتصر أضراره على بعض الآثار الجانبية البسيطة التي لا تمثل أي خطورة، ولا ينبغي أن تؤثر على قرار أي شخص بالتراجع عن تلقي التطعيم.