يُعدّ تغيير التوقيت من التحديات التي يواجهها جسم الإنسان مرتين في العام في بعض الدول، سواء بالانتقال إلى التوقيت الصيفي أو العودة إلى التوقيت الشتوي. ورغم أن الفرق لا يتجاوز ساعة واحدة غالبًا، إلا أنّ هذه التغييرات الصغيرة قد تؤثر بشكل ملحوظ على إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، والتي تتحكم في النوم، واليقظة، والشهية، والمزاج. ويشعر كثير من الأشخاص باضطرابات في النوم، وصعوبة في التركيز، أو تغير في مستوى النشاط خلال الأيام الأولى بعد التغيير؛ مما يبرز أهمية فهم هذا التأثير والتعامل معه بوعي للحفاظ على التوازن الصحي.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
كيف نشأت فكرة تغيير التوقيت؟
نشأت فكرة تغيير التوقيت أو ما يُعرف بالتوقيت الصيفي بهدف الاستفادة القصوى من ضوء النهار وتقليل استهلاك الطاقة. تعود جذور الفكرة إلى مقترح بنجامين فرانكلين عام 1784، ثم أعاد طرحها العلماء والمصلحون في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل ويليام ويليت في بريطانيا. وتم تطبيقها لأول مرة بشكل واسع في ألمانيا عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى لتوفير الفحم والطاقة، ثم تبعتها دول أخرى، لتصبح فكرة مثيرة للجدل بين مؤيد لفوائدها الاقتصادية ومعارض لآثارها الصحية.
تأثير التوقيت الشتوي على الصحة
التوقيت الشتوي وتأخير ساعة واحدة قد يكون له بعض التأثيرات المباشرة على الصحة، أبرزها ما يلي:
سلبيات تغيير التوقيت والعودة للتوقيت الشتوي
زيادة حوادث الطرق
مع تغير الوقت والظلام المبكر ترتفع وتيرة التعرض لحوادث السيارات لأن الأجواء تصبح مظلمة عند العودة إلى المنزل، ويؤكد ذلك بحثًا أجرته شركة زيوريخ للتأمين، والذي أشار إلى أن ثلث حوادث السيارات في نوفمبر تحدث بين الساعة 4 مساءً و7 مساءً، مقارنة بربعها في هذا الإطار الزمني قبل تغيير ساعة الخريف.
الإرهاق في العمل
العودة إلى التوقيت الشتوي في الخريف يعني أن اليوم يصبح أقصر، وتقليل ضوء النهار في المساء لمدة ساعة مما يعني أن الشمس ستشرق مبكرًا في الصباح لكن لفترة قصيرة فقط مع تقدم الموسم؛ مما يؤثر على أماكن العمل بنفس الطريقة التي يؤثر بها التوقيت الصيفي في فصل الربيع، حيث يحدث ارتفاع مفاجئ وكبير في عدد الأخطاء، والتشتت بين العمال بسبب اضطراب جدول نومهم، ويؤثر الإرهاق على سلامة الموظفين وجودتهم وإنتاجيتهم.
اكتئاب الشتاء
يمكن أن يؤدي تغيير الساعات إلى “اكتئاب الشتاء” أو الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) وهو نوع من الاكتئاب المرتبط بالتغيرات في الفصول، ويلعب فقدان ضوء النهار عاملاً كبيرًا في الحزن العاطفي، وتشمل الأعراض ما يلي:
- الشعور بالاكتئاب كل يوم.
- صعوبة التركيز.
- النوم الزائد.
- انخفاض الطاقة والنشاط.
- الرغبة في تناول الطعام خاصة الكربوهيدرات.
- الإفراط في تناول الطعام، وزيادة الوزن.
قد يحدث الشعور بالاكتئاب أيضًا نتيجة الاستيقاظ في الظلام للعمل ثم العودة إلى المنزل في الظلام مما يزيد من أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي، كما يمكن أن يسبب نقص ضوء الشمس أيضًا آلامًا وتعبًا في العضلات حيث يصبح من الصعب امتصاص ما يكفي من فيتامين D.
إيجابيات تغيير التوقيت إلى التوقيت الشتوي
من مميزات تغيير التوقيت والعودة إلى التوقيت الشتوي هو النوم لفترة أطول وتنشيط الدماغ، وعلى الرغم من وجود بعض العيوب للتوقيت الشتوي (توقيت الخريف) إلا أن الشخص يحتاج إلى المزيد من النوم لفترة أطول خلال الشتاء مما يؤثر على حركة العين السريعة (REM) التي تزيد نشاط الدماغ، والأحلام، وكلاهما ضروري لتكوين الذكريات وتنظيم عواطفنا.
أضرار التوقيت الصيفي على الصحة
تأثير التوقيت الصيفي قد يؤدي إلى زيادة حدوث مشاكل صحية ضارة عند مقارنتها مع التوقيت الشتوي، فيما يلي أهم أضرار التوقيت الصيفي التي تجعل الخبراء يفضلون التوقيت الشتوي طوال العام:
- يتعارض تغيير أنماط النوم حتى ولو بساعة واحدة مع إيقاعات الساعة البيولوجية الطبيعية للشخص وله عواقب سلبية على الصحة حيث وجدت إحدى الدراسات أن خطر الإصابة بنوبة قلبية يزيد بنسبة 10٪ في اليومين التاليين عند التغيير إلى التوقيت الصيفي.
- وجد الباحثون زيادة في الصداع العنقودي (الصداع المفاجئ والمنهك) بعد تغيير التوقيت الشتوي إلى الصيفي.
- زيادة في حوادث السيارات بعد يوم أو ربما خلال الأسبوع الأول من التوقيت الصيفي.
- يُطلق على يوم الاثنين بعد تغيير وقت الربيع اسم “الاثنين النائم” في بعض الولايات الأمريكية والبلاد الأخرى لأنه أحد أكثر أيام السنة حرمانًا من النوم، ويُصاب الأشخاص بالتعب.
شاهد أيضًا: دراسة جديدة تكشف العلاقة بين السهر ليلًا والإصابة بالاكتئاب
أيهما أفضل التوقيت الشتوي أم الصيفي؟
عندما نقوم بتأخير ساعة واحدة في الخريف يُعرف بالتوقيت القياسي أو التوقيت الشتوي، وعندما يحدث التوقيت الصيفي في الربيع وتتقدم الساعات ساعة يُعرف بالتوقيت الصيفي.
اختلاف التوقيت يؤثر على الصحة وأسلوب الحياة كما يؤثر السفر إلى مناطق زمنية مختلفة على الساعة الداخلية لجسمك، على الرغم من أنها ساعة واحدة فقط لكنها تؤثر على جميع الأشياء التي يتم القيام بها وفقًا لجدول زمني مثل النوم، والأكل، كما يمكن أن تؤثر أيضًا على صحتك العقلية.
من الجيد للجسم الحصول على ساعة إضافية من النوم خلال التوقيت الشتوي حيث تذهب إلى النوم وتستيقظ بعد ساعة من توقيتك المعتاد، بينما قلة النوم تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الجسم والصحة العقلية.
غالبًا ما تشعر بتحسن ونشاط، وقدرة على النوم العميق لفترة أطول مع اعتماد التوقيت الشتوي وتأخير الساعة؛ لذلك يفضل الكثير من الأشخاص التوقيت الشتوي بدلًا من الصيفي.
شاهد أيضًا: تحذير: قلة النوم قد تسبب الوفاة! وهذا ما حدث مع يوتيوبر كوري شهير
الاستعداد للتوقيت الشتوي
الاستعداد لتغيير التوقيت والانتقال من التوقيت الصيفي إلى الشتوي يجعل فترة الانتقال سلسة وخالية من المشكلات، وعادة يستغرق الأمر ما يصل إلى أسبوعين للتكيف مع تغيير الوقت مع ذلك يوجد بعض النصائح التي تساعدك على التكييف أسرع، وتشمل ما يلي:
- إذا كنت ترغب في الاستعداد لتغيير وقت الخريف يمكنك أن تبدأ الأسبوع السابق عن طريق تأخير وقت النوم والاستيقاظ بمقدار 15 دقيقة.
- نظرًا لأننا نعيد ساعاتنا ساعة واحدة إلى الوراء يجب عليك الحصول على ساعة كاملة إضافية من النوم لتحمي نفسك من اضطرابات النوم التي قد تواجهها في الأيام اللاحقة.
- تجنب الكافيين مثل الشاي والقهوة عندما يقترب وقت النوم أثناء الانتقال إلى التوقيت الشتوي.
- توقف عن تصفح هاتفك أو الكمبيوتر قبل النوم بساعتين على الأقل لأن الضوء الأزرق قبل النوم مباشرة يؤثر على جودة النوم، وقد يؤدي إلى صعوبات النوم.
- يجب عليك التعرض للشمس مبكرًا في الصباح للتخلص من هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم، وتعزيز فيتامين D لصحة العظام، والحفاظ على عمل ساعة الجسم بشكل جيد.
إنّ تغيير التوقيت، رغم بساطته الظاهرية، يحمل تأثيرات ملموسة على جسم الإنسان نتيجة اضطراب الساعة البيولوجية الطبيعية. فقد يسبب اضطرابات في النوم، ضعف التركيز، وتغيرات في المزاج أو النشاط البدني، خاصة خلال الأيام الأولى من التكيف. ومع ذلك، فإنّ وعي الإنسان بهذه التغيرات واتّباع عادات صحية مثل النوم المبكر، التعرض للضوء الطبيعي، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، يمكن أن يساعد على التكيف بشكل أسرع وتقليل الآثار السلبية. وفي النهاية، يبقى تأثير تغيير التوقيت تذكيرًا بأهمية التوازن بين إيقاع حياتنا الخارجي وساعة أجسامنا الداخلية.