من الضروري المُحافظة على استقرار الصحة النفسية عند الإنسان لتجنب التبعات والمُضاعفات الصحية الناتجة عن الاضطرابات والحالات النفسية المُختلفة بما في ذلك أمراض السكري، والضغط، والسكتات الدماغية، وهي من الأمراض المزمنة التي تزداد خطورة الإصابة بها عند الاكتئاب.
لا تقتصر فوائد الصيام على إنقاص الوزن فقط، لكن هناك العديد من الأدلة العلمية التي تثبت جدوى الصوم في تحسين الصحة الجسدية مثل خفض مستوى الكوليسترول والسكر بالدم بالإضافة إلى خفض ضغط الدم، لكن هل يمكن أن يكون لصوم رمضان تأثيرًا إيجابيًا على الصحة النفسية أيضًا؟ أو بمعنى آخر ما هي الفوائد النفسية للصيام؟
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هي الفوائد النفسية للصيام؟
يؤثر الصيام على الصحة النفسية للإنسان بشكل إيجابي؛ فتنتج لنا الفوائد المذهلة التالية:
تحسين المزاج
من أهم الفوائد النفسية للصيام أنه يحسن الحالة المزاجية للصائم نتيجة للعديد من العوامل، وأبرزها: زيادة بعض الهرمونات في الجسم، والشعور بالنشوة والفخر بعدما يتمكن الصائم من إنجاز المهمة الصعبة التي تتمثل في الانقطاع عن الطعام والشراب والكثير من الأمور المباحة أثناء فترة الصوم، هذا بالإضافة إلى زيادة احترام الذات والتقليل من الإحساس بضعف الشخصية.
زيادة اليقظة
يقوم الجسم بتحويل الأطعمة إلى جلوكوز لتخزينها، وإذا ارتفعت مستويات الجلوكوز في الجسم؛ فإن ذلك يؤدي إلى الشعور بالنعس والخمول، لكن من فوائد الصيام الجسدية والنفسية معًا أنه يساعد على تنظيم مستويات سكر الجلوكوز في الدم، ويحد من زيادتها، وهذا يعني أنه يقلل من الشعور بالخمول أو النعاس، ويزيد من الشعور باليقظة.
تحسين الانتباه
بما أن الصيام يؤدي إلى تعزيز الشعور باليقظة عند الإنسان؛ فهذا يعني أنه يُحسن القدرة على الانتباه عند القيام بالأنشطة المختلفة بما فيها النشاطات المُعقدة مثل قيادة السيارة أو النشاطات الطفيفة مثل الاستعداد صباحًا.
تعزيز الذاكرة
يُعزز الصوم من مستويات الذاكرة عند الإنسان لسببين، يعود أحدهما إلى تحسين الانتباه لدى الصائم، وأما الآخر؛ فهو تجديد الخلايا في الحُصين الذي يُعد مركز الذاكرة في الدماغ.
تقليل التوتر
من فوائد الصيام النفسية المذهلة أنه عندما يصوم المرء يقوم الدماغ بإنتاج بعض البروتينات التي تُحاكي عمل الأدوية المضادة للاكتئاب، ويساعد ذلك في التقليل من مستويات التوتر التي يُعاني منها المرء.
تقليل القلق
يستطيع الصيام تقليل درجة القلق عند الشخص بشكل كبير؛ ولذلك فإن بعض الأطباء اقترح الاعتماد على الصيام لعلاج بعض اضطرابات المزاج، وربما يعود السبب في ذلك إلى إنتاج البروتينات التي تقوم بوظيفة مشابهة لتأثير الأدوية المضادة للاكتئاب كما ذكرنا سابقًا.
شاهد أيضًا: التخلص من القلق من خلال 5 أشياء تضعينها في حقيبتك
تحسين جودة النوم
يُمكن للصيام أن يُحسن جودة النوم عند الشخص بشكل كبير، وترتبط هذه الفائدة بالعديد من التحسينات على الصعيد النفسي بما في ذلك تحسين الحالة المزاجية، كما يساعد أخذ القسط الكافي من النوم في المحافظة على استقرار الصحة الجسدية للصائم.
شاهد أيضًا: ما هي اضطرابات النوم في رمضان ..أسباب وحلول؟
تعزيز الاستيعاب
لا تتوقف الفوائد النفسية للصيام عند تحسين الذاكرة والانتباه، وإنما يؤدي الصوم إلى تعزيز الاستيعاب أيضًا، وذلك لأن الجسم ينظف نفسه من السموم المتراكمة بعد مرور عدة أيام من الصوم؛ مما ينتج عنه وصول الدم النظيف إلى الدماغ؛ والذي يؤدي بدوره إلى تحسين الاستيعاب لدى الفرد الصائم.
أطعمة مفيدة للصحة النفسية والعقلية
توجد عدة أطعمة يستطيع الصائم تناولها عند حلول مواعيد الوجبات للمساعدة على تحقيق الفوائد النفسية للصيام، ومنها نذكر التالي:
- السمك: يُمكن تناول العديد من أنواع الأسماك الزيتية؛ مثل: السلمون، والماكريل، والسلمون المرقط، والسردين، والتونة غير المعلبة؛ للمساعدة على التخلص من الاكتئاب، وذلك لأنها غنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية، وهي أحماض تحسن إدارة ناقل السيروتونين العصبي المُهم في تنظيم الحالة المزاجية عند الإنسان.
- المكسرات: يحصل الجسم على مستويات جيدة من أحماض أوميغا 3 الدهنية عند تناول المكسرات، وخاصة: الجوز، ووجدت واحدة من الدراسات بأن مستويات الاكتئاب انخفضت بنسبة 26% عند الأشخاص الذين يتناولون ربع كوب من الجوز يومياً، وهي دراسة أجريت على 26,000 بالغ في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني أن المكسرات تساعد في علاج الاكتئاب أيضاً.
- مصادر البروبيوتيك: تشير الدراسات إلى أن الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في المعدة لها دور أساسي في تحسين الحالة المزاجية عن طريق إنتاج النواقل العصبية الجديدة، والحد من الالتهابات في الجسم، بالإضافة إلى التأثير على استجابة الجسم للتوتر، ومن هذه الكائنات الحية: البروبيوتيك الذي يمكن الحصول عليها من خلال تناول اللبن أو فطر الشاي الكيمتشي وغيرها من الأطعمة.
- الدواجن: تحتوي بعض الدواجن على كميات جيدة من البروتينات الخالية من الدهون، وهو ما يساعد على استقرار المزاج وتوازنه خلال اليوم، كما تحتوي صدور الديك الرومي على حمض التربتوفان الذي يساعد الجسم على إنتاج ناقل سيروتونين العصبي، وهو ناقل يستطيع تحسين الحالة المزاجية والصحة النفسية.
إرشادات للمحافظة على الصحة النفسية
للمحافظة على الصحة النفسية يجب رعاية العلاقات الاجتماعية وعدم إهمالها، ومد يد العون إلى الآخرين ومساعدتهم عند الحاجة، والبحث عن المَعنى الحقيقي للحياة ثم تحديد الأهداف المُهمة فيها، والسعي إلى تحقيقها، كل تلك الأمور هي من فوائد الصيام النفسية والأخلاقية، حيث أنه من تمام الصوم وكماله القيام بصالح الأعمال التي من شأنها أن تدعم العلاقات الاجتماعية وتنشر السلام والأمان في المجتمع.
الفوائد الصحية الجسدية للصيام
بجانب ما ثبت من الفوائد النفسية للصيام فهُناك العديد من الفوائد الصحية المُحتملة أيضًا، وفيما يلي بعضًا منها:
- التغيرات الهرمونية: يؤدي الصيام إلى انخفاض مستويات الأنسولين في الدم، وهو ما يساعد في حرق الدهون، كما يساهم في زيادة مستويات هرمون النمو البشري، ولزيادة هذا الهرمون عدة آثار صحية إيجابية، وأبرزها: بناء الكتلة العضلية بالإضافة إلى تعزيز قدرة الجسم على التخلص من الدهون.
- مقاومة الإجهاد التأكسدي: تزداد مقاومة الإجهاد التأكسدي في الجسم في فترة الصوم؛مما يقلل من مستويات الجذور الحرة التي تؤدي إلى كثير من الأمراض والالتهابات المُختلفة.
- تقليل مقاومة الإنسولين: عند الإصابة بداء السكري من النوع الثاني تزداد مقاومة الإنسولين في الجسم؛ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، وبما أن الصيام يُقلل من مقاومة الإنسولين؛ فهذا يعني أنه مُفيد في إدارة السكر والتقليل من خطورة المضاعفات والأعراض بشكل كبير.
- الوقاية من السرطان: يُمكن أن يساعد الصيام في الوقاية من انتشار الخلايا السرطانية، كما يُمكن أن يُسهم الصوم في الحد من الآثار والأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي عند مرضى السرطان.
- الوقاية من الزهايمر: لم يتمكن الأطباء المُختصون من الوصول إلى علاج لمرض الزهايمر حتى الآن، وإنما تهدف العلاجات إلى الحد من تفاقمه، والتقليل من آثار الأعراض المُختلفة، ومن فوائد الصوم العقلية التقليل من شدة الزهايمر عند المصابين، كما أنه يقي من الإصابة بهذا الاضطراب، ويؤخر ظهور أعراضه عند الأشخاص الذين لديهم خطورة إصابة مرتفعة.
ما هي المخاطر المحتملة للصيام؟
على الرغم من الفوائد النفسية للصيام إلا أنه يُمكن أن يتسبب أحيانًا في الإصابة ببعض المخاطر المُحتملة، ومنها: تحفيز سلوكيات تناول الطعام بكثرة ونهم، بالإضافة إلى الصداع النصفي، والانخفاض الحاد في مستويات سكر الدم عند المصابين بداء السكري.
كما أنه في بعض الأحيان يؤدي إلى انخفاض خطير في الوزن إذا صاحب الصيام تقييدًا شديدًا للسعرات الحرارية؛ وبالتالي فإنه إذا لم يكن الصوم عن الطعام او اتباع حميات قاسية في رمضان خاضعًا للتحكم الجيد؛ فإنه قد يؤدي إلى سوء التغذية.
هناك العديد من فوائد الصوم الصحية والنفسية والاجتماعية التي يكثر الحديث عنها دائمًا، لكن عند التركيز على الفوائد النفسية للصيام يفاجأ اللإنسان بما يستطيع الصوم أن يحققه من تحسين الحالة المزاجية والمساعدة على علاج اضطرابات القلق والتوتر وغيرها من الفوائد التي تجعل الصوم وسيلة نفسية فعالة لتحسين جودة الحياة.