تعد المراحل الأولى من عمر الطفل هي الأخطر والأهم على الإطلاق حيث تسهم بقدر كبير في تشكيل قدراته الذهنية والجسدية والاجتماعية؛ لذلك يوجد العديد من العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل، وتساعده على النمو خلال السنوات الأولى من عمره.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
كيف تعمل دماغ الطفل؟
يحدث تطور دماغ الطفل في مراحل يُطلق عليها اسم الفترات الحرجة، المرحلة الأولى منها تحدث في سن الثانية، والمرحلة الثانية تحدث خلال فترة المراهقة.
في بداية هذه الفترات يتضاعف عدد الوصلات بين خلايا الدماغ (الخلايا العصبية) حيث يعاني الأطفال البالغون من العمر عامين من ضعف عدد المشابك العصبية مثل البالغين، وتبدأ الفترة الحرجة الأولى لنمو الدماغ من سن الثانية، وتمتد إلى السابعة، وهي تعد الفترة الأهم على الإطلاق لتعليم الأطفال.
تأثير المشابك العصبية على قدرات الطفل وتعلمه
يمتلك الطفل في سنواته الأولى عددًا ضخمًا من المشابك العصبية التي تربط خلايا الدماغ ببعضها، وهو ما يمنحه قابلية عالية للتعلم واكتساب المهارات الجديدة. ومع مرور الوقت، يبدأ الدماغ بعملية طبيعية تُعرف باسم التشذيب العصبي، حيث يتخلص من الاتصالات غير المستخدمة ليصبح أكثر كفاءة وتنظيمًا. هذه العملية لا تُضعف القدرات، بل تعزز سرعة التعلم والتركيز وتنمية القدرات العقلية لدى الطفل؛ مما يجعل الدماغ أكثر قدرة على التفاعل مع المواقف والتجارب الجديدة بفعالية.
شاهد أيضًا: لماذا يعاني الأطفال من نوبات الغضب عند حل الواجب؟
كيف تساعد طفلك على تنمية قدراته الذهنية؟
تنمية القدرات الذهنية لدى الطفل تبدأ من البيئة التي يعيش فيها والدعم الذي يتلقاه من والديه. فكل لحظة تعلم وتفاعل تشكل فرصة لتعزيز ذكائه وتطوير مهاراته العقلية، ومن أبرز العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل نذكر التالي:
التغذية وتأثيرها على نمو الطفل
يعد النظام الغذائي الصحي من أهم العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل العقلية خلال سنوات التعلم الأولى لأن التغذية الصحية السليمة هي ما تؤدي إلى نمو الدماغ؛ لذلك يشدد الخبراء على أهمية تناول وجبات وأطعمة صحية تحتوي على الخضراوات، والفاكهة، والبروتين الصحي، بالإضافة إلى الحبوب الكاملة، لتمد جسم الطفل بالعناصر الأساسية اللازمة لصحة الدماغ مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية، والحديد، والزنك، والفيتامينات.
يجب أن تحرص العائلة على تشجيع الطفل على عادات الأكل الصحية، ومشاركته لها في إعداد الطعام لتحفيز الطفل، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة، والسكريات مثل الحلوى، والأفضل خلال المرحلة العمرية المبكرة ألا يتناول الطفل أي من تلك الأطعمة الضارة بصحته.
العلاقة بين النشاط البدني وتنمية قدرات الطفل
إن ممارسة النشاط البدني أمر حيوي لصحة الطفل حيث أنه يحسن من تدفق الدم في المخ، ويزيد من قدرته على التركيز والانتباه، كما تساعد الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية الطفل على تطوير المهارات الحركية، وتمنحه فرصة استكشاف العالم الخارجي، أضف إلى ذلك أن ممارسة الرياضة، والرقص، وركوب الدراجات والأنشطة الأخرى في الهواء الطلق تعزز من نمو الدماغ؛ لذلك يجب تخصيص وقتًا للنشاط البدني والابتعاد عن أوقات الكسل والخمول التي يقضيها الطفل أمام الجوال وشاشات التلفزيون.
شاهد أيضًا: أضرار الشاشات على الأطفال
تأثير النوم على تطور قدرات الطفل
من أهم العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل هو جودة النوم ، إذ يعالج دماغ الطفل خلال النوم المعلومات الجديدة مما يساعد على تكوين الذاكرة والتعلم، ويؤدي اتباع روتين ثابت للنوم يضم مواعيد نوم منتظمة، وبيئة نوم هادئة ومريحة إلى دعم دماغ الطفل، إذ يحتاج الأطفال في سن ما قبل المدرسة من 10 – 13 ساعة من النوم كل ليلة بينما يحتاج الأطفال الأكبر سنًا نحو 9 – 11 ساعة.
شاهد أيضًا: هل توجد علاقة بين وقت النوم وذكاء المراهقين؟
اللعب لتعلم ونمو الطفل
لا يعد اللعب وقتًا ممتعًا فقط للطفل بل إنه يشكل جزءً هامًا من نموه العقلي، حيث يمنحه الفرصة لاستكشاف المشكلات ومراقبتها وحلها، كما أن الألعاب والأحاجي والكتب وغيرها من الألعاب تساعد الطفل على تطوير خياله وقدرته المعرفية ووعيه بالمكان، لكن من المهم أن تهدف الألعاب إلى تحقيق توازن بين دعم الطفل والسماح له بتجربة الأشياء بمفرده وأحيانًا ارتكاب الأخطاء ليتعلم؛ لذلك يعد اللعب في السنوات الأولى من أهم العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل.
العلاقات أساس نمو الطفل العقلي والمعرفي
تفاعل الأطفال مع الوالدين أو مقدمي الرعاية يعمل على تحسين القدرات اللغوية، والتطور الاجتماعي العاطفي، والنمو العام للدماغ من خلال مشاركة الطفل في المحادثات، والتواصل مع من حوله.
تؤثر علاقات الأطفال على جميع مجالات ومراحل نموهم حيث تعد العلاقات في المراحل الأولى من العمر من العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل ونموه الصحي، من خلال العلاقات الدافئة والإيجابية يتعلم الطفل معلومات حيوية عن نفسه وعالمه مثل أنه محبوب وآمن، ويتعلم ماذا يفعل عند البكاء أو الضحك.
يتعلم الطفل أيضًا من خلال رؤية العلاقات بين الأشخاص الآخرين مثل كيف يتصرف أفراد عائلته مع الأصدقاء والأقارب؛ وبالتالي يطور من سلوكه ومهاراته الاجتماعية.
تأثير التعليم المبكر على الطفل
يحتاج الأطفال الصغار إلى الاستمتاع بعملية التعلم بدلاً من التركيز على الأداء؛ لذلك يجب أن يركز المعلمون والآباء على متعة تجربة التعلم، وممارسة الأنشطة الجديدة بدلًا من التحصيل الدراسي أو توقع النتائج الجيدة لأنها مرحلة يجب أن يعرف خلالها الطفل أن الأخطاء جزء طبيعي من التعلم.
خلال المرحلة الأولى تنمو عقلية الطفل، ويجب أن يتجنب الآباء والمعلمون تصنيف الأطفال وفقًا لقدراتهم خلال التعلم، وتجنب المجاملات حتى لو كانت إيجابية مثل “أنت ذكي جدًا” لأنها تأتي بنتائج عكسية، لأن الطفل سيتعلم حب التعلم إذا أظهرنا حماسًا للعملية ورحلة التعلم نفسها بدلًا من التركيز على النتائج.
الذكاء العاطفي للأطفال
يجب ألا يتجه تركيزنا على تعلم الطفل للرياضيات واللغات وغيرها من العلوم فقط، بل يجب التركيز أيضًا على الذكاء العاطفي واكتساب مهاراته خلال الفترة الحرجة الأولى من نمو الدماغ، ومن أمثلة ما يجب أن يكتسبه الطفل ويتعمله: اللطف، والتعاطف، والعمل الجماعي.
شاهد أيضًا: تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال..كيف يدفع الأبناء الثمن النفسي؟
الوراثة وقدرات الأطفال
تلعب الوراثة دورًا أساسيًا في تشكيل قدرات الطفل العقلية والجسدية، فهي تحدد جزءً كبيرًا من مستوى الذكاء، وسرعة التعلم، والقدرات اللغوية والإبداعية. ومع ذلك، لا تعمل الوراثة بمعزل عن البيئة؛ إذ يمكن للتربية الجيدة، والتحفيز المستمر، والتغذية السليمة أن تعزز هذه القدرات الوراثية وتساعد الطفل على استثمار إمكاناته إلى أقصى حد.
تشمل العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل الوراثة، والتغذية، والبيئة الأسرية، والتعليم المبكر. لذا، فإن توفير بيئة داعمة ومحفزة يسهم في تنمية ذكاء الطفل ومهاراته، ويمنحه الأساس المتين لبناء مستقبل مليء بالإبداع والنجاح.