ظاهرة الأكل العاطفي: العلاقة بين التوتر وتناول الطعام

1

x77eq3
ظاهرة الأكل العاطفي: العلاقة بين التوتر وتناول الطعام

فهرس الصفحة

إن التصرّف الطبيعي عند شعور الإنسان بالجوع هو الأكل وتناول الطعام، وقد يشتهي الإنسان: الحلو والحامض والمالح وغيرها، لكن هناك العديد من الحالات التي لا يأكل فيها الشخص لإرضاء جوعه الجسدي، بل أحيانُا ما يلجأ الشخص إلى الطعام بقصد الراحة، أو التخفيف عن النفس، أحيانًا تخفيف التوتر أو تقديم مكافأة للنفس! طبعًا يمكنك ملاحظة الحاجة النفسية للأكل هنا، وهذا ما نسميه “الأكل العاطفي”.

انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.

مفهوم الأكل العاطفي

يقوم الإنسان بفعل الأكل العاطفي لسدّ احتياجاته العاطفية، يستخدم الشخص الطّعام كوسيلة لإرضاء جوعه النفسي وليس الجسدي، قد يبدو لك الموضوع طبيعيًا، كون الطعام والأكل شيء صحي للجسم، لكن للأسف هذا غير صحيح، فعندما تأكل وأنت لستَ جائعًا، هذا سيضع في جعبتك مواد مغذية أنت بغنىً عنها، وهو ما يساهم في زيادة وزنك أولًا، كما قد يتسبب في مشكلات صحية أخرى في المستقبل.

يكون الطعام المستخدم في حالة الأكل العاطفي غالبًا غير صحيًا، مثل الوجبات السريعة، والشيبس والحلويات بأنواعها، يشعر الإنسان بسعادة وراحة عند تناول هذه المواد، ويزيد هذا الإحساس عندما يمرّ الإنسان بوضع نفسي معيّن، فيميل إلى تناول هذه الأطعمة بشراهة.

الأكل العاطفي شائع لدى الجنسين، لكنه أكثر شيوعًا لدى النساء مقارنةً بالرّجال، وهو أمرٌ طبيعي كون النساء كائنات حساسة أكثر من الجنس الآخر؛ حيث تمرّ النساء بتقلّبات مزاجية أكثر، وهو ما يجعلها تلجأ للأكل العاطفي أكثر، وهذا جزء من أسباب الأكل العشوائي والشهية المفتوحة أثناء الدورة الشهرية

لمَ يُعتبر الأكل العاطفي عادة سيئة؟

في العموم، ومن حين لآخر، فإن استخدام الأكل بمختلف أنواعه كوسيلة لمكافأة النفس أو للاحتفال بأمر مفرح، ليس بالضرورة أن يكون أمرًا سيئًا، لكن عندما نُدمن الأكل أو نعتمده كآلية للتأقلم العاطفي؛ بمعنى تُصبح الثلاجة أو السوبر ماركت هو الوجهة الأولى لنا كلما شعرنا بالتوتر أو الانزعاج، أو الغضب، أوالإرهاق، أو الوحدة، أو الانهزام أو غيرها، هنا قد يتطور الموضوع ويصبح مشكلة.

لا تكمن المشكلة في الأكل العاطفي نفسه، لكن في طريقة ملء الفراغ الذي أنتجه الجوع العاطفي، وفي تبعيات هذا الفعل، إذ أن الأكل العاطفي لا يحلّ المشاكل العاطفية، قد يكون تأثير تناول الطعام جيدًا في تلك اللحظات العاطفية، لكن بعد فترة، ستلاحظ أن المشاعر التي أدت إلى هذا النوع من الأكل لا تزال موجودة! لذا سيجعلك ذلك تشعر بالسوء فيما بعد، بل قد تكون مشاعرك أسوأ مما قد كانت عليه قبل الأكل، وبالتالي ستظهر لديك عدة مشاكل، منها:

  1. تبقى مشكلتك العاطفية كما هي دون أن تُحل.
  2. تشعر بالذنب للإفراط في تناول الطعام واكتساب سعرات حرارية غير ضرورية.
  3. تشعر بآلام في معدتك لأكل الطعام بشراهة وبدون وعي، وهو ما يجعلك تعاني من الغثيان، وأحيانًا بالآلام المعوية في وقتٍ لاحق وليس بنفس اللحظة.
  4. يؤدي الأكل العاطفي المتكرر إلى زيادة الوزن بالتأكيد.
  5. يزيد الأمر سوءً بسبب المشاكل الصحية التي تتبع ذلك: السكري، ارتفاع ضغط الدم والتعب المستمر.

الأكل العاطفي يتجه نحو الطعام غير الصحي

الأسباب الشائعة لحدوث الأكل العاطفي

حتى نعالج أي مشكلة، يجب أن نبدأ من الجذور، فما هي المحفّزات التي تجعلك تلجأ إلى الطعام لتأمين بعض الراحة النفسية؟ ما هي المشاعر التي تدفعك إلى الأكل العشوائي؟ كما قلنا في فقرة سابقة، قد ينجم الأكل العاطفي عن بعض المشاعر الإيجابية مثل مكافأة نفسك لتحقيق هدف معين أو الاحتفال بحدث سعيد، لكن للأسف غالبًا ما يرتبط حدوث الأكل العاطفي بالمشاعر غير الجيدة، وإليك أهم ما يودي بك إلى تناول الطعام لأسباب نفسية عاطفية:

الاكل الناتج عن التوتر والضغط العصبي

غالبًا ما يلاحظ مدمنو الأكل العاطفي لجوئهم للأكل كوسيلة لتفريغ الغضب أو التوتر، خاصةً بعد شعورهم بفراغ المعدة بعد التوتر، ولهذا الأمر تفسير علمي: عند حدوث التوتر بشكل متكرر، ينتج جسمنا مستويات عالية من هرمون التوتر المعروف بالكورتيزول، طبعًا يثير إفراز هذا الهرمون الرغبة في تناول الأطعمة خاصةً المالحة والحلوة والمقالي، تلك التي تمنح الجسم جرعة طاقة، وهي ما يعمل كمخدّر مؤقت للضغط العصبي.

الأكل بسبب الاكتئاب

بنفس التفسير السابق، هرمونات الاكتئاب المفرزة تحفّز جسمك لتناول الأطعمة لعلها تخرجه من حالة الحزن، وهي تعطيك دفعة طاقة مؤقتة، لكن للأسف يعود الشعور بالاكتئاب مرة أخرى بعد تناول الطعام.

الإلهاء عن المشاعر الأصلية

يكون الأكل هنا وسيلة لإسكات الشعور بالغضب أو الخوف أو الحزن،أو غيرها من المشاعر السلبية، ويكون اللجوء للطعام هنا لتخدير النفس وتجنب المشاعر السيئة واستبدالها بالجيدة بشكل مؤقت.

الشعور بالملل 

نعم، ألم تأكل في كثير من الأحيان لأنك شعرت أنه ليس هناك شيئًا لتفعله سوى الأكل؟ عندما نشعر بالفراغ والملل، نفضّل أن نملأ وقتنا بأي شيء يشتت انتباهنا عن مشاعرنا السيئة التي يسببها الشعور بالملل..

الأكل العاطفي بسبب الشعور بالملل

عادات طفولية

غالبًا ما يقوم الآباء بمكافأة أبنائهم على درجاتهم الجيدة في الامتحان بمشوارٍ لتناول الآيس كريم، أو وجبة بيتزا، أو بعض المال ليشتروا به ما تشتهي أنفسهم. أحيانًا يقدمون لنا الحلوى ونحن صغارًا عندما نستاء، لأنها ببساطة تعدّل المزاج وخاصة بالنسبة لطفلٍ صغير. تنتقل هذه العادات وتكبر مع البعض وتبقى حتى بعد البلوغ، حيث يُصبح الدافع للأكل العاطفي هو الحنين لذكريات الماضي، عندما كان أهلك يقومون بمراضاتك بما تحب من الطعام.

شاهد أيضًا: انتبه..13 ضررًا تسببه لك الوجبات السريعة

التأثيرات الاجتماعية

عندما تلتقي بصديقك الذي يحب الأكل كثيرًا، فبمجرد رؤيته، سيقول لك: “هيا بنا نأكل”، طبعًا ستوافق أنت لأن الجلوس مع الأصدقاء طريقة رائعة لاستعادة السعادة والنشاط وتخفيف التوتر، ويكون الأكل معهم دواء أيضًا، لكن هذه الصحبة هي ما تؤدي أيضًا إلى الإفراط في تناول الطعام، لأنك ستأكل مع صديقك مجاملة له ولن تنتبه إلى الكميات المأكولة.

طرق فعالة للتحكم في الأكل العاطفي

بالتأكيد يجب أن نتعلم طرق أكثر صحّة لعلاج الأكل العاطفي، ويجب أن تتضمن تجنّب المحفزات وقهر الرّغبة الشديدة في الأكل. كما حددنا المشكلة من جذورها يجب أن نعالجها أيضًا من الجذور. إليك أهم النصائح لتجنب الوقوع في فخ الأكل العاطفي:

ابحث عن طرق أخرى لتغذية مشاعرك

تفشل النُّظم الغذائية في حلّ اضطرابات الأكل لأنها تقدّم نصائح غذائية منطقية لكنها في ذات الوقت لا تقدم أي نتائج إيجابية مع شخص ليس لديه سيطرة على عاداته الغذائية، وأول ما يجب أن تفعله هو إيجاد بدائل عن الأكل للإشباع العاطفي. ومن أمثلة ذلك:

  1. إذا كنت تشعر بالاكتئاب والوحدة: اتصل بالشخص المفضل لديك والذي يجعلك تشعر بتحسن دائمًا – بدون أكل – ويمكنك البوح بمشاكلك والبكاء أمامه لو اقتضى الأمر، يمكنك أيضًا اللعب مع كلبك أو قطتك، أو قراءة كتاب أو مشاهدة فيلم.
  2. في حالة القلق والتوتر: اذهب لممارسة بعض الرياضة، أو تمارين اليوغا، استمع إلى أغانيك المفضلة بينما أنت تتمشى، أو أبقِ بين يديك كرة الضغط، كل ذلك يفرّغ الطاقة السلبية لديك.
  3. لمعالجة الإرهاق: خُذ حمامًا ساخنًا وخذ قيلولة.
  4. للتخلص من الملل: يمكنك القيام بكثير من النشاطات، اذهب إلى أصدقائك، شاهد فيلمًا كوميديًا مع بعض الفوشار، افعل أي نشاط تستمتع أنت به (حاول وضع قائمة تحوي جميع نشاطاتك المفضلة، كي تنظر فيها فورًا عندما تشعر بالملل).

شاهد أيضًا: اضطراب الأكل القهري مرض نفسي لا يجب إهماله

لتجنب الأكل العاطفي اجتمع مع الأصدقاء

التفكير قبل تناول الطعام

عندما تفكّر في الأكل ولا تعرف أن تقرر بنفسك هل هو الجوع الحقيقي أم الجوع العاطفي، فما عليك سوى إعطاء نفسك بعض الوقت للتحقّق. هل يمكنك تأجيل بدء تناول الطعام لمدة 5 دقائق فقط؟ امنح نفسك هذه الفرصة للتفكير واتخاذ القرار. قد ينظر البعض منكم إلى هذا البند وكأنه خطوة سهلة، نظرًا إلى قلّة الوقت المطلوب للانتظار، لكن دائمًا ما يكون الممنوع مرغوب، ستشعر برغبة لا تُقاوم للأكل في تلك الـ 5 دقائق، وستشعر أنها نصف ساعة لا 5 دقائق، لذا كُن حازمًا مع نفسك ولا تستسلم.

في تلك الدقائق، اسأل نفسك: كيف تشعر؟ هل تطلب معدتك الأكل أم أنك تشعر ببعض الملل لذا ستأكل؟ تحقق من عاطفتك، وبعد ذلك حتى لو أكلت، فستضع في الحسبان أنك لستَ جائع، أو أنك جائع بنسبة معينة، سيختلف الوضع بالمقارنة مع سيطرة الأكل العاطفي عليك دون أن تعلم.

الأكل الواعي

من خلال الإبطاء في تناول الطعام في أي وقت، فأنت تستمتع بطعامك وتستلذّ به أولًا، وتعطي نفسك فرصة للشبع دون إفراط، ستنتبه عندما تشبع وتتوقف، وتكون قد أشبعت رغبتك في الأكل. هذا ما نسميه الأكل الواعي، وهو عكس الأكل العاطفي الطائش.

لبدء الأكل ببطء، خُذ نفسًا عميقًا قبل بدء التناول، خُذ وقتك في المضغ، ووقتًا بين اللقمة والأخرى، إذا كنت تأكل بالملعقة فضعها جانبًا بين كل لقمتين، وامضغ جيدًا، وتناول لقمة من كل طبق لوحدة، وحاول التركيز على طعم اللقمة، رائحة الطعام وتذوّقه جيدًا، صدقني ستستمتع به. هذا سيساعدك أيضًا على تناول كميات أقل والشبع بدون تخمة، كون إشارات امتلاء المعدة تستغرق وقتًا لتصل إلى عقلك، فمن الأجدر أن تراعي هذا الوقت، لذا فإن قضاء وقت للتفكير في كل لقمة والاستمتاع بها سيساعد على تجنب الإفراط في تناول الطعام.

شاهد أيضًا: الطعام والمزاج: هل يغير الأكل مزاجك للأفضل أم الأسوأ؟

تعلّم أن تتقبّل مشاعرك

عندما تحارب الأكل العاطفي، قد يبدو الأمر وكأنك تحارب الطعام ذاته، فأنت لا تريد أن يسيطر عليك الطعام العاطفي! ولكن الأمر حقيقةً ليس كذلك، لأن الأكل العاطفي في الواقع نابعٌ من الشعور بالعجز عن السيطرة على مشاعرك.

اسمح لنفسك بالإحساس بشعور غير مريح، فهذا أمرٌ طبيعي تمامًا، فليس من الطبيعي أن تكون سعيدًا طوال الوقت أصلًا. لا تخشى أن تفتح المجال لمشاعرك السيئة بأن تأخذ مجالها وتملأ حيّزًا في حياتك، لأنك لن تستفيد شيئًا من قمعها أو تجنّبها. عندما تترك مشاعرك تأخذ مجراها، سترى أنك هدأت بعد فترة، واستعدت قوّتك، سترى أن تلك المشاعر فقدت قوّتها في السيطرة على انتباهك ودفعك إلى تناول الطعام دون وجود جوع حقيقي لديك.

الالتزام ببعض العادات الصحية

تساعد العديد من العادات الصحية على الالتزام بما ذكرناه سابقًا من نصائح، عدا عن أنها مطلوبة منا في الأصل، لنعيش في راحة وقوّة أكثر. ومن أهم هذه العادات:

  1. التمارين اليومية: مارس الرياضة أيًا كان نوعها، لا تنتظر أن تكون حزينًا لتستعين بها، حيث أن النشاط البدني جيّد لحالتنا الصحية والنفسية، وهو يساعد دائمًا في رفع الحالة المزاجية، واعلم أن الالتزام بالرياضة مهما كان نوعها أسهل مما تتوقع.
  2. النوم: احرص على أخذ كفايتك يوميًا من النوم، فإذا لم تحصل على حاجة جسمك من النوم، سيطلب جسمك الطاقة التي تجعله يقظًا، وهذه الطاقة سيحصل عليها من الأطعمة السكرية، ومن هنا ستكون قد سمحت للأكل العاطفي باقتحام يومك؛ لذا عليك الحصول على حاجتك من النوم لتحظى بيومٍ جيدٍ مفعمٍ بالطاقة بدون الحاجة إلى الأكل الزائد.
  3.  الالتزام بالأكل الصّحي: التقيّد بمواعيد محددة للأكل، واتباع نظام غذائي صحي سيساعد على الإلتزام قدر الإمكان بعدم الأكل العشوائي.
  4. الراحة والاسترخاء: لابد من تخصيص وقتًا كافيًا للراحة والتواصل مع الأشخاص الإيجابيين، ولا تجعل علاقاتك الاجتماعية محدودة، فالانعزال قد يدفعك إلى الأكل العاطفي.

مارس الرياضة لتجنب الأكل العاطفي

من المهم أن نكون أكثر وعيًا بعلاقتنا مع الطعام، وأن نميز بين الجوع الحقيقي والجوع العاطفي، ولا بد أن نلجأ دائمًا لطرق صحية في التعامل مع مشاعرنا مثل التمارين الرياضية، والتأمل، أو التحدث إلى مختص نفسي عند الحاجة، حيث أن تجاهل العلاج السريع لمشكلة الأكل العاطفي سيؤدي إل آثار جانبية سيئة للغاية على صحتنا الجسدية والنفسية.

الأسئلة الشائعة عن الأكل العاطفي

  • من خصائص الجوع العاطفي أنه يرتبط بمشاعر معينة مثل السعادة أو الحزن، يميل الشخص حينها إلى تناول كميات غير منطقية من الطعام ويكون الميل فيها للاطعمة المالحة والحلوة والمقلية.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح الصحة والرشاقة لكم وللعائلة!

فيديوهات ذات صلة

x9k91eo

الدكتور عبدالله عمر يوضح: كيف تحافظ على بشرتك وتتفادى أخطاء العناية الشائعة

مواضيع ذات صلة

مشاركة