يتميز الطفل الوحيد بالعديد من السمات الشخصية المختلفة عن الأطفال الذين يمتلكون إخوة، وقد ظهرت نظرية تصنف هذه السمات بشكل سلبي وتجعلها متلازمة مرضية. قد يتصف الطفل الذي يمتلك أخوة بعدم إتقان مهارات التواصل مع الآخرين، وقد يكون أنانيًا، ومدللًا، ووحيدًا. لكن هل تعتبر هذه الصفات فعلًا مرضية؟ وهل يمكن اعتبار هذه الصفات متلازمة؟ إليك المزيد حول متلازمة الطفل الوحيد في هذا المقال.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا
ما هي متلازمة الطفل الوحيد؟
متلازمة الطفل الواحد (بالإنجليزية: Only child syndrome) هو مصطلح يصف السمات الشخصية السلبية التي يتصف بها الأطفال الذين لا يمتلكون إخوة، وقد تتضمن هذه السمات الأنانية، والوحدة. قد يعرف هؤلاء الأطفال بأنهم غير قادرين على المشاركة والتواصل مع الأطفال الآخرين، وقد لا يتقبلون المساومة أو التنازل عند التعامل مع الآخرين.
لكن هذه المتلازمة هي مجرد نظرية، من الممكن أن تكون قد نشأت في القرن التاسع عشر من قبل بعض علماء النفس المتخصصين بالأطفال. قام الأخصائيون بإجراء استفتاء حول السمات الشخصية للأطفال الذين لا يمتلكون إخوة، وقد أظهر الاستفتاء نتائج سلبية في معظمها.
شارك في هذا الاستفتاء حوالي 200 شخص وصف معظمهم الأطفال الوحيدين بأنهم مدللون وحساسون زيادة عن اللزوم، مما نشر سمعة سيئة للطفل الوحيد، وأصبح القلق يتصاعد حول نشوء الأطفال دون إخوة ليتسموا بصفات شخصية سلبية.
اقرأ أيضًا: الصحة النفسية للمراهقين وطرق تحسينها
هل هي مرض حقيقي؟
كما ذكرنا، اعتمد تحديد متلازمة الطفل الوحيد على استفتاء أجري في القرن التاسع عشر من قبل بعض الأخصائيين النفسيين، وتضمن الفريق الطبيب ستانلي هول (بالإنجليزية: G. Stanley Hall) والطبيب بوهانون (بالإنجليزية: E. W. Bohannon)، لكن العلم الحديث لم يثبت وجود هذه المتلازمة بالفعل، ولم توفر الدراسات القليلة التي أجريت حول الموضوع أية أدلة علمية على أن هذه السمات الشخصية قد تكون مرضية، وتفترض هذه الدراسات أن النظرية التي وضعت هذا الاضطراب غير دقيقة.
سمات الطفل الوحيد
وفقًا لنظرية متلازمة الطفل الوحيد، يتسم الأطفال الذين لا يمتلكون إخوة بعض الصفات الشخصية التي تميزهم عن غيرهم. من الجدير بالذكر أن هذه الصفات ليست دقيقة، وقد تكون ناشئة من اعتقادات المجتمع حين تم إجراء الاستفتاء في القرن التاسع عشر. تتضمن صفات الطفل الوحيد حسب النظرية ما يلي:
- الدلال المفرط.
- الأنانية.
- الافتقار للمهارات الاجتماعية.
- الحساسية المفرطة.
- تلقي الاهتمام الزائد من الوالدين.
- عدم الانسجام مع الآخرين.
- التسلط.
يعتقد أن الأطفال الوحيدون مدللون بإفراط، وذلك لأنهم معتادون على تلقي كل ما يطلبونه من والديهم، وذلك يتضمن الاهتمام الكامل منهما. يعتقد أيضًا أنهم يكبرون ليصبحوا أنانيين ولا يفكرون إلا بأنفسهم وباحتياجاتهم، دون مراعاة للآخرين.
من الاعتقادات الأخرى التي تتبناها النظرية، أن الافتقار للتواصل الاجتماعي مع الإخوة يؤدي إلى الافتقار إلى المهارات الاجتماعية، والتي قد تستمر مع الطفل الوحيد إلى ما بعد البلوغ، والذي قد يؤدي بدوره إلى صعوبة التواصل مع زملاء العمل، وفرط الحساسية تجاه الانتقاد.
الصفات الإيجابية للطفل الوحيد
تعتقد النظرية أيضًا أن الطفل الوحيد يتسم بصفات شخصية إيجابية، إذ أن تلقي الاهتمام الكامل من الوالدين، والتشجيع المستمر منهما يؤدي إلى زيادة إنجازاته في الحياة. يعتقد أن الطفل الوحيد يعتمد على نفسه بشكل كبير، ويعطي أهمية كبيرة لقضاء الوقت وحده، مما يعطيه شعورًا بالاكتفاء بنفسه.
من الممكن أن يكون الطفل الوحيد حساسًا تجاه احتياجات الآخرين، إذ عادةً ما يكون حساسًا تجاه احتياجات والديه.
اقرأ أيضًا: تربية الطفل الصغير: طرق فعالة وممتعة
نتائج الدراسات حول الطفل الوحيد
أجريت دراسة في عام 2021 على 227 أم ل 342 طفلًا، لمعرفة ما إن كان امتلاك الطفل لإخوة أو عدمه يؤثر على العديد من العوامل أم لا، وتضمنت هذه العوامل:
- حضور الطفل للمدرسة.
- الصحة النفسية للوالدين.
- استجابة الأهل لشكوى الطفل من ألم البطن.
أظهرت نتائج الدراسة أن أهالي الأطفال الوحيدين كانوا أكثر ميلًا للاستهانة بألم البطن لدى طفلهم من الأهالي الذين يمتلكون أكثر من طفل. أيضًا، أظهرت النتائج أن حضور الطفل الوحيد إلى المدرسة كان أفضل من حضور الأطفال الذين يمتلكون إخوة، الذين كانوا يميلون للغياب عن المدرسة.
تعارضت هذه النتائج من فرضية متلازمة الطفل الوحيد، التي تنص على أن الطفل الذي لا يمتلك إخوة يكون مفرط الدلال، إذ من المرجح أكثر لأهالي الطفل الوحيد أن يستهينوا بألم البطن لدى طفلهم، ويرسلوه إلى المدرسة حتى لو كان يشعر بأنه مريض. قد يعود ذلك إلى عدم وجود إخوة أصحاء ليقارن الأهل بينهم، والذي يعتاد عليه أهالي الأطفال الذين يمتلكون إخوة، إذ يقارن الأهل بين طفلهم المريض وإخوته الأصحاء. لذا لم يكن أهالي الأطفال الوحيدين مفرطي الحماية لطفلهم على عكس ما تنص عليه النظرية.
تأثير متلازمة الطفل الوحيد على تطور الدماغ
أجريت دراسة في عام 2016، أظهرت نتائجها أن الطفل الوحيد أكثر مرونة من الأطفال الذين يمتلكون إخوة، مما يجعل الإبداع عنده عاليًا. لكن في المقابل، أظهر الأطفال الوحيدون انسجامًا أقل من الأطفال الذين يمتلكون إخوة مع الآخرين. وجدت الدراسة أيضًا اختلافًا في العديد من مناطق الدماغ بين الأطفال الوحيدين والأطفال الذين يمتلكون إخوة، وقد تؤثر هذه المناطق على السلوك المرتبط بالإبداع والانسجام مع الآخرين.
اقرأ أيضًا: تأثير الصحة النفسية على التحصيل الدراسي
الخاتمة:
افترض استفتاء تم إجراؤه من قبل أخصائيين نفسيين للأطفال في القرن التاسع عشر وجود متلازمة مرضية تسمى بمتلازمة الطفل الوحيد، والتي تفترض وجود صفات شخصية مميزة لدى الأطفال الذين لا يمتلكون إخوة، مثل الدلال المفرط، والأنانية، والافتقار للمهارات الاجتماعية. لكن لم تثبت الدراسات وجود هذه الصفات الشخصية، ولم توفر أيضًا على أدلة على وجود هذه المتلازمة. يعتقد معظم الأخصائيين النفسيين أن هذه المتلازمة غير حقيقية.