في زمنٍ يمتلئ بالأحداث المتسارعة، لم تعد الحرب محصورة في ميادين القتال فقط. اليوم، صداها يصل إلينا عبر الهواء، يحمل رسائل غير مرئية تهدد صحتنا، خصوصًا مع تصاعد التوترات الإقليمية، وتزايد الحديث عن استخدام صواريخ متقدمة، واحتمالات الخلل في مفاعلات نووية قريبة من حدودنا. السؤال الذي يطرحه كثيرون: هل نتنفس هواءً نظيفًا فعلًا؟
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
الغلاف الجوي ليس حاجزًا صامتًا
من يعتقد أن الدخان أو الإشعاع يبقى في مكانه، فهو لا يعرف كيف يعمل الغلاف الجوي. الرياح لا تعترف بالحدود السياسية. في لحظة، قد يتحرك دخان صاروخ أُطلق في منطقة نزاع إلى دولة مجاورة. هذا ما يجعلنا جميعًا جزءًا من المعادلة، حتى لو لم نكن طرفًا مباشرًا في الحرب.
الحرب تلوّث الجو قبل الأرض
خلال المعارك، يتم استخدام صواريخ باليستية، دفاعات جوية، وأسلحة متطورة تُطلق في طبقات الجو العليا. هذه الأدوات تخلّف انفجارات ضخمة، تُطلق معها كميات كبيرة من الغازات السامة، بقايا احتراق، وجزيئات معدنية دقيقة. هذه المكونات لا تسقط مباشرة، بل تبقى عالقة في الجو لفترات طويلة، وتسافر لمسافات بعيدة.
ما نراه في السماء من سحب مضيئة أو خطوط غريبة عند الفجر، ليس مجرد مشهد عابر، بل قد يكون ناتجًا عن هذه الانفجارات الجوية، كما صرّح خبراء المناخ في مصر وعدة دول مؤخرًا.
مفاعلات نووية: قلق صامت
وجود مفاعلات نووية في مناطق النزاع يضيف طبقة جديدة من القلق. المفاعل قد لا ينفجر، لكن أي تسريب بسيط للإشعاع، سواء بفعل القصف أو خلل فني، يؤدي إلى إطلاق مواد مشعة في الهواء. هذه المواد قد تستمر في الجو لأيام، وتنتقل بفعل الرياح إلى مناطق غير متوقعة، فتدخل أجسامنا دون أن نشعر، وتستقر في الرئتين والأنسجة.
الدول المجاورة تحت وطأة تلوث الهواء الناتج عن الحروب
الدول المتأثرة بتلوث الهواء الناتج عن النزاعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بين إسرائيل وإيران، هي الدول المحيطة مباشرة بهذه المناطق الحساسة. تشمل هذه الدول:
- مصر.
- الأردن.
- لبنان.
- سوريا.
- العراق.
- دول الخليج العربي: مثل الإمارات والسعودية والكويت وقطر والبحرين وعُمان.
بسبب القرب الجغرافي من مواقع إطلاق الصواريخ والانفجارات الجوية، تتأثر هذه الدول بشكل مباشر بنقل الدخان، الغازات السامة، والجسيمات الدقيقة التي تُنتج عن القصف العسكري. تنتقل هذه الملوثات عبر الرياح إلى مسافات واسعة، ما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء وزيادة نسب التلوث، الأمر الذي يعرض صحة السكان لمخاطر متعددة، خصوصًا فئات الأطفال، وكبار السن، وذوي الأمراض التنفسية. هذا التلوث لا يقتصر على اللحظة المباشرة للنزاع، بل يستمر تأثيره لفترات طويلة، مما يجعل هذه الدول في دائرة الخطر البيئي والصحي بسبب الأوضاع العسكرية المحيطة بها.
كيف يتأثر الجهاز التنفسي؟
الجهاز التنفسي هو أول ما يتعرض للتلوث الهوائي. عندما نتنفس هواءً ملوثًا بجزيئات دقيقة أو إشعاعات غير مرئية:
-
تتهيج الأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة.
-
تزداد نوبات الربو والحساسية بشكل حاد.
-
تضعف وظائف الرئة مع الوقت، خصوصًا لدى كبار السن والأطفال.
-
بعض الجزيئات، مثل تلك الناتجة عن الإشعاع أو المعادن الثقيلة، تخترق الرئتين وتصل إلى الدم، مسببة مشاكل طويلة الأمد.
شاهد أيضًا: اليود والإشعاع النووي: هل حان وقت استخدامه للحماية؟
من هم الأكثر عرضة للخطر؟
-
مرضى الجهاز التنفسي (كالربو والانسداد الرئوي).
-
كبار السن.
-
الأطفال، لأنهم يتنفسون بسرعة وبتكرار أعلى من البالغين.
-
من يعيشون في مناطق مفتوحة أو قريبة من بؤر التوتر.
شاهد أيضًا: فوائد ممارسة اليوغا يوميًا للصحة العقلية والجسدية
هل نستطيع حماية أنفسنا؟
رغم أن التلوث الجوي الناتج عن الحروب أو التسربات النووية يصعب التحكم به على مستوى الأفراد، إلا أن هناك خطوات عملية لتقليل التأثير:
-
متابعة الأخبار والمصادر الرسمية بشأن الظواهر الجوية أو التحذيرات البيئية.
-
إغلاق النوافذ خلال فترات التوتر الجوي أو عند ظهور سحب مشبوهة.
-
استخدام الكمامات عالية الجودة (مثل N95) عند الخروج.
-
تركيب فلاتر هواء في المنازل أو تشغيل أجهزة تنقية الجو.
-
الامتناع عن النشاط البدني الخارجي في الأيام التي يلاحظ فيها تغيّر في الهواء أو رائحة غريبة.
شاهد أيضًا: تمرين التنفس الصباحي لداليا مصطفى للتخلص من التوتر
رسائل لا نراها… لكنها تصل إلى صدورنا
في النهاية، لا تحتاج الحرب إلى أن تطرق بابك لتؤذيك. يكفي أن تُطلق قذيفة هناك، أو يُفتح مفاعل هناك، ليصل أثره إلى رئتيك هنا. في عالم مترابط، أصبح الهواء رسولًا يحمل رسائل الصراع، ويضعنا جميعًا أمام تحديات صحية لا يمكن تجاهلها.