اكتئاب ما بعد الولادة هو أمر شائع لدى الكثير من النساء، وهو يأتي بأشكال متعددة، فنجد أن بعض الحالات تأتي بسيطة في صورة انزعاج متكرر أو حالات مؤقتة من الشعور بالضيق، بينما تصل بعض الحالات الشديدة إلى التأثير على جودة حياة الأم بشكل كبير، حتى أن بعضها قد يشكل خطرًا على صحة الأم وطفلها على حد سواء.
في هذا المقال سنلقي الضوء على اكتئاب ما بعد الولادة أعراضه وأسبابه وطرق علاجه، كما نوضح وسائل الوقاية منه.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
تعاني معظم الأمهات الجدد بعد الولادة من اكتئاب ما بعد الولادة أو ما يسمى بالكآبة النفاسية (بالإنجليزية: Postpartum depression)، يبدأ هذا النوع من الاكتئاب في غضون أول يومين بعد الولادة، ويستمر طيلة فترة النفاس أو لمدة عام، حيث تعاني خلاله الأم من اضطرابات المزاج بعد الولادة ونوبات بكاء وقلق وصعوبة في النوم، وهو يعد مزيجًا من التغيرات الجسدية والعاطفية والسلوكية.
ونذكر أن اكتئاب بعد الولادة يصيب الرجال أيضًا، وهو ما يطلق عليه اكتئاب الآباء بعد الولادة، إذ قد يشعر الآباء بالحزن، والإرهاق، والقلق، وتغيرات في أنماط الأكل والنوم.
سبب إصابة المرأة باكتئاب بعد الولادة
قد لا يوجد سبب محدد للاكتئاب بعد الولادة، لكن المشاكل الجسدية والعاطفية تلعب دورًا هامًا في هذا الشأن، وبشكل عام تعتبر الأمور التالية أهم ما قد يسبب اكتئاب ما بعد الولادة:
- التغيرات الهرمونية واضطرابات ما بعد الولادة: إن الانخفاض الحاد والكبير في هرمونات الحمل والولادة، مثل هرمون الإستروجين والبروجسترون قد يساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أو ما يُعرف باكتئاب حمى النفاس.
- الصراع الزوجي والخلافات العائلية: العلاقة المتوترة بين الزوجين قد تساهم في ارتفاع احتمال إصابة الأم بحالات الاكتئاب بعد الولادة القيصرية أو حتى الطبيعية.
- القلق وقلة النوم: رعاية المولود الجديد تسبب القلق وقلة النوم؛ مما يجعل الأم المنجبة حديثًا تشعر أنها فقدتِ السيطرة على حياتها.
- إنجاب توأم أو أكثر من وليد: لوحظ ارتفاع نسب الإصابة بأعراض الاكتئاب بعد حالات إنجاب التوائم، وأيضًا في حالة تجربة الأمومة الأولى.
- تاريخ من الاكتئاب: من الأسباب النفسية لاكتئاب ما بعد الولادة هو الإصابة بالكآبة قبل الحمل أو أثناء الحمل أو وجود حالات مشابهة في العائلة.
- الأمهات ذوات الأعمار الصغيرة: نسبيًا قد تكون الأمهات ذوات السن الصغير أكثر عرضة للإصابة.
- إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة: وهو أحد الأسباب المنطقية للإصابة بالحزن والاكتئاب.
- الإجهاض: من الممكن أن يكون فقدان الجنين سببًا مباشرًا للإصابة بالاكتئاب.
شاهد أيضًا: العلاقة بين اليوغا والعلاج النفسي
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة يسبب أعراض اكتئاب حمى النفاس والتي تكون من خفيفة إلى شديدة، ومن هذه الأعراض:
أعراض خفيفة وشائعة
- صعوبة الترابط والتعامل مع الطفل، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى رفضه، أو الشعور بالرغبة في التخلي عنه.
- فقدان المتعة بالأشياء وطغيان النظرة السوداوية على ما يجري من أحداث.
- الرغبة في العزلة والبقاء بعيدة عن المحيطين.
- ضعف القدرة على التفكير وقلّة التركيز.
- الشعور بالخزي أو الذنب أو النقص بدون مبرر.
- حزن غير مبرر ونوبات من البكاء.
- الإرهاق ومشاكل في النوم.
- تغيرات المزاج بعد الولادة.
- قلق وأرق وتهيج.
- فقدان الشهية.
- الخوف واليأس.
شاهد أيضًا: ما هي أسباب رفض الطفل للرضاعة الطبيعية؟
أعراض شديدة ونادرة
وفي حالات نادرة قد تشتد الأعراض وتتطور حالة الاكتئاب وتصبح ذهان ما بعد الولادة، بنسبة واحد في الألف من الإصابات، وتشمل الأعراض التالي:
- أفكار مهووسة بالطفل وخوف غير مبرر من كل ما يحيط به.
- الهلوسة والأوهام.
- الطاقة المفرطة.
- جنون العظمة.
- الارتباك.
ملاحظة: وعن تأثير اكتئاب ما بعد الولادة على الأم، نقول أنه قد يصل تطور أعراض الاكتئاب إلى احتمالية حدوث محاولات لإيذاء النفس أو الطفل.
مدة اكتئاب بعد الولادة
- يبدأ الاكتئاب الذي يحدث بعد الولادة عادة في أول يومين بعد إنجاب الطفل، لكن لا يمكن إدراك ذلك على الفور لأن مشاعر الحزن والإرهاق تكون شعورًا طبيعيًا.
- يستمر اكتئاب حمى النفاس لمدة تصل إلى أسبوعين، وفي بعض الحالات يستمر لمدة ستة أسابيع، ومن الممكن أن يستمر لمدة سنة أو أكثر إذا تُرك دون علاج.
- بينت الدراسات أن نصف الأشخاص (آباء أو أمهات) الذين عانوا من الاكتئاب بعد إنجاب الطفل لا يزالون يعانون من أعراض الاكتئاب بعد ثلاث سنوات من الولادة.
طرق التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة طبيعيًاً واجتماعيًا
عندما يتم تشخيص الأعراض يصبح العلاج أسهل، ونلفت الانتباه أن الاعتراف بالمرض قد يكون أقل تعقيدًا من محاولة تجنب الاعتراف بالكآبة، لأن الاعتراف ومعرفة السبب قد يؤدي إلى اجتياز شوطًا كبيرًا على طريق العلاج، ومن أهم طرق علاج اكتئاب ما بعد الولادة:
- طلب المساعدة من الآخرين: أكبر خطأ قد ترتكبه الأم المكتئبة هو اختيار العزلة، أو الاعتقاد أنه من غير المناسب الاستعانة بالمحيط أو المختصين.
- تلقي العلاج النفسي: وذلك في أقرب وقت ممكن بعد الولادة وحالما تتأكد الأعراض بأنها حالة اكتئاب حمى النفاس، ومن ابرز وسائل العلاج الناجحة هو العلاج النفسي والسلوكي.
- مضادات الاكتئاب: مع الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كان الطفل يتلقى الرضاعة الطبيعية أم لا.
- مشاركة تجاربك مع الآخرين: من أمهات وآباء كانوا قد أصيبوا بهذا النوع من الاكتئاب من قبل، سواء عبر الإنترنت أو أحد المقربين من العائلة أو الأصدقاء. أخذ قسط من الراحة والنوم بشكل كاف: لا بد أن يساعد النوم بجودة عالية في تعافي حالة الاكتئاب؛ لذا يمكن الاستعانة بالنساء في العائلة لتحمل مسؤوليات الطفل على أن تحظى الأم بالوقت الكافي من النوم والراحة خلال فترة النفاس والتعافي من أعراض الاكتئاب.
- البقاء على اتصال مع العائلة والأصدقاء: من أهم خطوات العلاج في حالات الاكتئاب عمومًا واكتئاب ما بعد عملية الولادة خاصة هو دعم الأم بعد الولادة.
- اتباع نظام غذائي معتدل: يتسم بالتوازن مع ضرورة تجنب الكحول والإقلاع عن التدخين والتقليل من الكافيين.
- عدم الابتعاد عن الشريك: يجب البقاء على تواصل مع الزوج حتى لو كان خارج البلاد، وهذا ما يمثله دور الزوج في اكتئاب ما بعد الولادة.
شاهد أيضًا: متى يجب عليك مراجعة طبيب نفسي؟ إليك 10 علامات لا تتجاهلها
علاج اكتئاب بعد الولادة طبيًا
لا بد من المتابعة مع الطبيب والمعالج النفسي المتخصص في علاج اكتئاب ما بعد الولادة القيصرية أو الطبيعية أو حتى خلال مرحلة الحمل (في حال ظهرت عليك أعراض الاكتئاب)، وعليك اتباع هذه الخطوات:
- خلال فترة الحمل: يمكن الذهاب للطبيب لمراقبة العلامات والأعراض، فقد يصف مضادات الاكتئاب حتى أثناء الحمل إذا تأكدت الإصابة أو كان هناك حالات اكتئاب في حمل سابق.
- بعد الولادة: في حالة وجود تاريخ مع الاكتئاب، فقد يوصي الطبيب بتناول مضادات الاكتئاب أو العلاج النفسي بعد الولادة مباشرةً.
- تناول الأدوية والعقاقير: يجب أن تكون هذه المرحلة تحت إشراف طبي -بل وخلال مراحل العلاج كاملة- خاصة في حال كان الطفل يتلقى الرضاعة الطبيعية.
شاهد أيضًا: تطعيم الشهرين… لحظة حاسمة في رحلة صحة طفلك
تؤثر صحة الأم النفسية على جميع أفراد الأسرة بما فيهم الأم نفسها ورضيعها الصغير، ولا يجب أن نعتبر اكتئاب ما بعد الولادة علامة على إخفاق الأم وعدم قدرتها على تحمل المسؤولية، بل يجب أن تجد الأم في هذه الحالة الدعم الكافي من أفراد أسرتها والمحيطين بها، ويجب أيضًا الاعتراف بالمشكلة النفسية التي تعاني منها الأم التي أنجبت حديثًا مع ضرورة طلب العلاج من المختص في حالة تطور الأعراض كما ذكرنا.