يُعد الفشل الكلوي من الأمراض الخطيرة التي تؤثر بشكل مباشر على قدرة الجسم في التخلص من السموم وتنظيم السوائل والأملاح؛ مما ينعكس سلبًا على الصحة العامة للمريض. ومع تزايد معدلات الإصابة به في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري التعرف على أعراض الفشل الكلوي المبكرة وأسبابه الرئيسية لضمان الاكتشاف المبكر وتجنّب المضاعفات الخطيرة. في هذا المقال نستعرض بالتفصيل كل ما يهمك حول الفشل الكلوي، من الأسباب والعوامل المؤدية إليه، إلى أبرز الأعراض وطرق الوقاية والعلاج.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو الفشل الكلوي؟
- يعرف الفشل الكلوي المزمن (بالإنجليزية: Chronic Renal Failure) أو مرض الكلى المزمن (بالإنجليزية: Chronic Kidney Disease)، بأنه حالة تتصف بفقدان تدريجي لوظائف الكلى، أي انخفاض في قدرة الكلى على تصفية الفضلات والسوائل من الدم، وتعني كلمة مزمن أن هذه الحالة الصحية تتطور على مدى فترة طويلة من الوقت ولا يمكن عكسها.
- يتفاقم مرض الكلى عندما تتراكم الفضلات بمستويات عالية في الدم وتؤدي إلى مضاعفات، مثل: ارتفاع ضغط الدم، وفقر الدم، وضعف العظام، وتلف الأعصاب، بالإضافة إلى أنها مع الوقت تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- ينتج فشل الكلى في معظم الأحيان عن حالات طبية تضغط على الكلى بمرور الوقت، مثل: مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، أو التهاب الكلى على المدى الطويل.
- يعاني حوالي نسبة 15% من البالغين من أمراض الكلى في مرحلة ما من حياتهم، لكن غالبًا ما تظهر الحالة لدى كبار السن فهي تحتاج إلى الوقت لكي تتطور، كما تتأثر بها النساء أكثر من الرجال وذلك بنسبة قليلة.
- يمكن علاج بعض أسباب مرض الكلى المزمن؛ وبالتالي عودة وظائفها الطبيعية، إذ يساهم العلاج المبكر في منع أمراض الكلى من التفاقم، لكن في حال تطورها تؤدي في النهاية إلى تلف الكلى الذي يحتاج إلى الغسيل الكلوي أو زرع الكلى للحفاظ على الحياة..
- قد تؤدي عدم قدرة الكلى على إزالة البوتاسيوم من مجرى الدم إلى حدوث مشاكل في القلب والموت المفاجئ وقتها.

ما هو الفرق بين الفشل الكلوي الحاد والمزمن؟
يتلخص الفرق بين الحالتين في كون الفشل الكلوي الحاد هي حالة مرضية مفاجئة وقابلة للعلاج غالبًا، أما المزمن فهو تدريجي ويتطلب متابعة وعلاجًا طويل الأمد، ولمزيد من التفصيل نذكر التالي:
الفشل الكلوي الحاد
- يحدث بشكل مفاجئ وسريع خلال ساعات أو أيام.
- يكون غالبًا بسبب الجفاف الشديد، الصدمات، التسمم، أو بعض الأدوية.
- يمكن الشفاء منه في كثير من الحالات إذا تم العلاج بسرعة.
- ترتفع فيه نسبة الكرياتينين واليوريا بشكل مفاجئ.
الفشل الكلوي المزمن
- يحدث تدريجيًا وببطء على مدار أشهر أو سنوات.
- ينتج غالبًا عن السكري، ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى المزمنة.
- يكون عادة غير قابل للشفاء الكامل، لكن يمكن السيطرة عليه.
- قد ينتهي بالحاجة إلى غسيل الكلى أو زراعة كلى.
أعراض الفشل الكلوي
تتطور علامات المرض ببطء فهي تحتاج إلى وقت طويل حتى يتفاقم تلف الكلى وتبدأ الأعراض بالظهور، فقد لا يعاني الأشخاص من أي عارض إلا بعد تطور المرض وحدوث التلف الذي لا يمكن إصلاحه، كما قد تتشابه الأعراض التي يعاني منها المصاب مع أعراض بعض الأمراض الأخرى، حيث أن الكليتين قابلتين للتكيف بشكل كبير لتعويض الوظيفة المفقودة، وتكون أعراض فشل الكلية هي كالتالي:
- الغثيان والقيء.
- فقدان الشهية.
- شعور بالتعب والوهن.
- مشاكل في النوم.
- صعوبة في التركيز.
- تغير في كمية البول.
- انتفاخ حول العينين.
- جفاف وحكة مستمرة بالجلد.
- تطور بقع بنية على الجلد.
- انخفاض القدرة العقلية.
- عدم وجود صفاء ذهني.
- الشعور بالنعاس.
- ظهور دم في البول.
- ظهور الكدمات بسهولة.
- تشنجات عضلية مؤلمة.
- تورم القدمين والكاحلين.
- فقدان الوزن.
- انقطاع الطمث.
- ألم في العظام.
- قد يكون البول شاحبًا ورغويًا.
- حاجة مستمرة للتبول.
- زيادة التبول ليلًا.
ملاحظة: يحدث ضيق في التنفس (في حال تراكم السوائل في الرئتين)، كما يتعرض المريض لألم في الصدر (في حال تراكم السوائل حول بطانة القلب)، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم الذي يصعب السيطرة عليه.

عوامل الخطر للإصابة بالفشل الكلوي
يمكن لأي شخص الإصابة بمرض الكلى المزمن وفي أي عمر، لكن هناك عوامل ترفع من احتمال الإصابة بفشل الكلى مثل:
- وجود تاريخ عائلي من مرض الكلى المزمن.
- الإصابة بمرض السكري.
- ارتفاع ضغط الدم.
- التقدم بالعمر.
أسباب الفشل الكلوي
إن معظم حالات الفشل الكلوي تأتي نتيجة المعاناة من حالات طبية أخرى تساهم في تلف وحدات صغيرة في الكلى تسمى النيفرون (بالإنجليزية: Nephron)، وهي المسؤولة عن تصفية النفايات والسوائل من الدم:
أسباب الإصابة الأكثر شيوعًا
وفي معظم الوقت يكون السببين الرئيسين للفشل الكلوي:
- داء السكري: حيث يصاب واحد من كل ثلاثة بالغين مصابين بمرض السكري بفشل الكلى.
- ارتفاع ضغط الدم: فقد يصاب واحد من كل خمسة بالغين مصابين بحالة ارتفاع ضغط الدم بالفشل الكلوي.

أسباب الإصابة الأقل شيوعًا
- التهاب كبيبات الكلى وهي مجموعة أمراض تسبب الالتهاب وتلف وحدات ترشيح الكلى، وتعد ثالث أكثر سبب شيوعًا للفشل الكلوي بعد مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
- تشوهات تحدث أثناء نمو الجنين، مثل: حصول تضييق يمنع تدفق البول بصورة طبيعية، أو عودة البول إلى الكلى، الأمر الذي يسبب التهاب ويضر بالكلى.
- الأمراض الوراثية، مثل: أمراض الكلى متعددة الكيسات التي تؤدي لتكون تكيسات كبيرة وتلف الأنسجة.
- الانسداد الناجم عن حصوات الكلى، أو الأورام، أو تضخم غدة البروستات لدى الرجال.
- مرض الذئبة وباقي الأمراض التي تؤثر على عمل وصحة جهاز المناعة في الجسم. وجود تشوه خُلقي في الكلى أو المسالك البولية.
- التهاب الكلى المتكرر وحصى الكلى المتكررة.
- الالتهابات البولية المتكررة.
شاهد أيضًا: الذئبة الحمراء والزواج.. كيفية التغلب على تأثيراتها السلبية
مراحل تطور مرض الكلى المزمن
تشمل مراحل الفشل الكلوي المزمن خمس مراحل رئيسية، تقدر على حسب معدل الترشيح الكبيبي (GFR)، والذي يقيس مدى قدرة الكلى على تنقية الدم:
المرحلة الأولى – تلف الكلى الخفيف
- معدل الترشيح الكبيبي ≥ 90
- عادة لا تظهر أعراض واضحة، وقد يكتشف المرض عن طريق الفحوصات الدورية.
المرحلة الثانية – تلف الكلى الطفيف إلى المتوسط
- معدل الترشيح الكبيبي 60–89
- قد تبدأ بعض الأعراض الخفيفة مثل التعب أو ارتفاع ضغط الدم.
المرحلة الثالثة – تلف الكلى المتوسط إلى الشديد
- معدل الترشيح الكبيبي 30–59
- تظهر أعراض مثل التعب الشديد، تورم القدمين والكاحلين، اضطرابات في التبول.
المرحلة الرابعة – تلف الكلى الشديد
- معدل الترشيح الكبيبي 15–29
- يصبح المريض بحاجة إلى استعداد لغسيل الكلى أو زراعة الكلى، مع متابعة دقيقة للطعام والأدوية.
المرحلة الخامسة – الفشل الكلوي النهائي
- معدل الترشيح الكبيبي < 15
- الكلى غير قادرة على أداء وظيفتها، ويصبح غسيل الكلى أو زراعة الكلى ضروريًا للحياة.
طرق التشخيص
على الأرجح يخضع المصابين بالأمراض المزمنة، مثل: مرض السكري وارتفاع ضغط الدم للمراقبة الطبية لوظيفة الكلى، ويحدث ذلك كجزء من روتين الرعاية الصحية طويلة الأجل، ففي معظم الأحيان ينتج فشل أحد الكليتين أو كلاهما عن معاناة المريض من حالة صحية أخرى، ويمكن تشخيص الفشل الكلوي باستخدام أحد الطرق التالية:
- إجراء اختبارات الدم مثل: تحليل الكريتيانين، وعلى الأرجح يخضع المصابون لعمل تحليل معدل الترشيح الكبيبي (GFR) للتحقق من وظيفة الكلية، وتحليل نيتروجين اليوريا في الدم (BUN) لقياس تراكم الفضلات في الدم.
- إجراء اختبار البول لمعرفة كمية البروتين، أو البحث عن خلايا غير طبيعية، أو لمعرفة تركيز الشوادر.
- تحليل خزعة الكلى إذا كان التشخيص النهائي يتطلب ذلك.
- فحص البطن بالموجات فوق الصوتية.
طرق العلاج
يعتمد علاج الفشل الكلوي على نوعه (حاد أو مزمن) ودرجة تدهور وظائف الكلى والحالة الصحية العامة للمريض. في حالات الفشل الكلوي الحاد يركّز العلاج على معالجة السبب الأساسي مثل تعويض السوائل، علاج العدوى، إيقاف الأدوية الضارة بالكلى، ومراقبة الأملاح ونسبة الكرياتينين، وغالبًا ما تتحسن الحالة مع العلاج السريع. أما الفشل الكلوي المزمن فلا يوجد له شفاء كامل، لكن يمكن السيطرة عليه من خلال ضبط ضغط الدم، والتحكم في السكر، والالتزام بنظام غذائي خاص، وتناول الأدوية التي تقلل الضغط على الكلى، وفي المراحل المتقدمة قد يحتاج المريض إلى غسيل الكلى أو زراعة كلى كحل نهائي.
شاهد أيضًا: نسخة معدلة من البكتيريا المعوية تقضي على حصوات الكلى

النظام الغذائي لمرضى الفشل الكلوي
يُعد النظام الغذائي لمرضى الفشل الكلوي جزءًا أساسيًا من العلاج، حيث يساعد على تقليل الضغط على الكلى وإبطاء تدهور وظائفها:
- تقليل الصوديوم (الملح) للسيطرة على ضغط الدم ومنع احتباس السوائل.
- تنظيم كمية البروتين حسب مرحلة المرض لتقليل تراكم السموم في الجسم.
- تقليل البوتاسيوم والفوسفور في الحالات المتقدمة لتجنب اضطراب ضربات القلب وضعف العظام.
- يُنصح بالإكثار من الخضروات والفواكه المسموح به.
- شرب السوائل بالكميات التي يحددها الطبيب.
- تجنب الأطعمة المصنعة والمعلبة.
شاهد أيضًا: ما هو تأثير القهوة على الكلى؟
وسائل الوقاية من مرض الكلى المزمن
تُعد الوقاية من الفشل الكلوي ممكنة في كثير من الحالات من خلال اتباع نمط حياة صحي يقلل من عوامل الخطر المؤدية لتلف الكلى. ويشمل ذلك:
- التحكم في مرض السكري وارتفاع ضغط الدم بانتظام، وشرب كميات كافية من الماء.
- تجنب الإفراط في تناول المسكنات دون استشارة طبية.
- يُنصح بالحفاظ على وزن صحي.
- تقليل الملح والبروتين الزائد في الطعام.
- الابتعاد عن التدخين.
- إجراء فحوصات دورية لوظائف الكلى خاصة لمرضى السكر والضغط.
ملاحظة: الاكتشاف المبكر والالتزام بالعادات الصحية يلعبان دورًا رئيسيًا في حماية الكلى من الفشل.

لا تكون أعراض الفشل الكلوي أمرًا سهل الملاحظة، ففي بعض الحالات تتفاقم المشكلة مع الوقت دون إرسال علامات تحذيرية؛ لذلك على المصابين بالأمراض المزمنة الانتباه إلى ضرورة فحص ومراقبة وظيفة الكلى، لأنه في حال التشخيص المبكر للفشل الكلوي؛ يمكن تخفيف حدته وإعادة وظيفة الكلى إلى طبيعتها.