بيئة العمل السامة تسرق طاقتك؟ إليك خطوات ذكية للتصدي لها

هل تشعر بالإرهاق كل صباح قبل الذهاب إلى عملك؟ هل تتكرر لديك الرغبة في الاستقالة دون سبب واضح سوى الإحساس بالاختناق؟ إذاً قد تكون عالقًا في بيئة العمل السامة. ليس شرطًا أن تنهار حتى تتخذ موقفًا؛ فالصمت لا يحميك، والتأقلم لا يعني الشفاء.
تشير دراسات عدة إلى أن البيئة السامة في العمل تؤثر على الصحة النفسية والجسدية بشكل مباشر، وقد تكون سببًا في الاكتئاب، التوتر المزمن، واضطرابات النوم. إليك ما تحتاج معرفته لفهم المشكلة والتحرك بذكاء.

انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.

ما هي بيئة العمل السامة؟

بيئة العمل السامة (بالإنجليزية: Toxic Work Environment) هي مكان يشعر فيه الموظف بانعدام الأمان النفسي وعدم التقدير، وتكثر فيه السلوكيات السلبية التي تعيق الأداء وتستنزف الطاقة الذهنية. وفقًا لدراسة نُشرت في هارفرد، تُعرَّف هذه البيئة بوجود نماذج قيادية مؤذية، أو تحرش، أو تنمّر، أو تهميش مستمر، وتشمل أبرز مظاهر هذه البيئة:

• تحكم مفرط من المدير.

• غياب التقدير أو الاعتراف بالإنجازات.

• انتشار الشائعات والمجموعات المنغلقة.

• تهديدات دائمة بالفصل.

• سلوكيات عدائية أو متحيزة.

• ظلم في توزيع المهام أو الحوافز.

• ثقافة تنافسية غير صحية تزرع الغيرة بدل التعاون.

كيف تحمي صحتك النفسية؟

إذا كنت مضطرًا للبقاء مؤقتًا في بيئة العمل السامة، فاحرص على حماية نفسك نفسيًا وعاطفيًا من آثارها الطويلة. إليك خطوات تساعدك على بناء مناعة داخلية:

• افصل بين العمل وهويتك الشخصية: لا تسمح للتقييمات السلبية أن تُعرّفك أو تهزّ ثقتك بذاتك.

• مارس طقوسًا يومية تعزز قيمتك: مثل التأمل، التمارين الرياضية، القراءة، أو الأعمال التطوعية.

• أحِط نفسك بأشخاص داعمين خارج العمل: الدعم العاطفي من العائلة أو الأصدقاء يصنع فارقًا كبيرًا.

• دوّن مشاعرك يوميًا: الكتابة المنتظمة تخفف الضغط وتمنع تراكم التوتر النفسي.

• ضع خطة خروج واضحة: حدد موعدًا واقعيًا للمغادرة، واعملي على تطوير سيرتك الذاتية والتقديم لوظائف جديدة باستمرار.

شاهد أيضًا: تمني الموت: هل هو عرض أم مرض نفسي بحد ذاته؟

خطوات عملية لإنقاذ نفسك

حين تتحول بيئة العمل إلى مصدر دائم للتوتر والضغط، يصبح من الضروري اتخاذ خطوات واقعية لحماية نفسك واستعادة توازنك النفسي والمهني. إليك مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن أن تنقذك من الغرق في بيئة العمل السامة:

• ضع حدودًا واضحة: لا تسمح لأحد بأن يتعدى على وقتك الشخصي أو يستنزفك خارج ساعات العمل.

• خذ فترات استراحة بعيدًا عن الأجواء السامة: حتى لو لبضع دقائق، يساعدك الابتعاد على إعادة ضبط مشاعرك.

• مارس طقوسًا للتهدئة بعد العمل: كالمشي، التأمل، أو الاستحمام بالماء الساخن، لتفريغ التوتر العالق.

• التزم بالقيم التي تؤمن بها: لا تدفعك العدوانية إلى الرد بالمثل، فذلك سيزيد الأمور تعقيدًا.

• ابحث عن شبكة دعم داخل العمل: زميل تثق به يمكن أن يصنع فرقًا كبيرًا.

• مارس تقنيات إدارة الضغط النفسي: مثل اليوغا، أو التنفس العميق، أو الرياضة المنتظمة.

• خطّط للخروج تدريجيًا: لا تنتظر حتى الانهيار. تحديث سيرتك الذاتية والبحث عن فرص جديدة هو نوع من العلاج أيضًا.

• استعد لأسوأ السيناريوهات قانونيًا: احتفظ بسجل دقيق لأي مضايقات أو ممارسات غير مهنية تتعرض لها، خاصة تلك التي تتعلق بالتمييز أو التهديد أو التحرش. التوثيق يساعدك في حال احتجت للتوجه إلى الموارد البشرية أو لاتخاذ إجراءات قانونية.
• راقب إشارات جسدك ولا تتجاهلها: جسدك يسبقك أحيانًا في كشف ما تحاول إنكاره. الصداع المتكرر، اضطرابات المعدة، أو الخمول المزمن ليست مجرد أعراض عابرة، بل قد تكون رسائل إنذار من جسدك بأن هناك خطرًا نفسيًا يحيط بك.

شاهد أيضًا: فن التخلي: كيف تحرر نفسك من الماضي؟

كيف تتأكد أنك في بيئة عمل سامة؟

إليك بعض المؤشرات الموثقة نفسيًا واجتماعيًا التي تؤكد لك أن تعمل في بيئة العمل السامة، بحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس:

• اضطرابات النوم أو المزاج بعد العمل مباشرة.

• شعور دائم بالقلق أو الحذر الزائد داخل المكتب.

• خوف من طرح الأفكار أو التعبير عن الرأي.

• تكرار النقد غير البنّاء دون تقديم حلول.

• تجاهل واضح لمشكلات الموظفين من قبل الإدارة.

• إحساس بالعزلة أو الإقصاء من قبل الفريق.

إذا كنت تعاني من اثنين أو أكثر من هذه الأعراض بانتظام، فعلى الأغلب أنك تعمل في بيئة سامة.

متى يجب أن تغادر فورًا؟

في بعض الحالات، لا يكون الصبر على بيئة العمل السامة أو التأقلم معها خيارًا صحيًا. إذا كنت تواجه:

• تحرشًا جنسيًا أو لفظيًا مباشرًا.

• تهديدات صريحة بفقدان وظيفتك بلا سبب وجيه.

• تدهورًا واضحًا في صحتك النفسية أو الجسدية.

• تجاهل شكاواك المتكررة من قبل الإدارة أو الموارد البشرية؟

خاتمة

العمل ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل يجب أن يكون بيئة للنمو والإبداع والاحترام. البيئة السامة تسرق أكثر من وقتك؛ تسرق طاقتك، شغفك، وربما صحتك. لا تستهِن بالمؤشرات، ولا تنتظر أن تتحسن الأمور من تلقاء نفسها.

ابدأ بخطوات صغيرة: ضع حدودًا، احمِ نفسك نفسيًا، ولا تتردد في تغيير الطريق إن لزم الأمر. تذكر أن بيئة العمل الصحية ليست رفاهية، بل حق أساسي تستحقه.

أنت تستحق أن تعمل في مكان يعزّز قيمتك، لا أن يستهلكك بصمت.