من المعروف أن ألم الظهر يُرافق عادةً بداية الدورة الشهرية، ويُعتبر جزءًا طبيعيًا من الأعراض المصاحبة لنزول الطمث. لكن اللافت أن نسبة ليست قليلة من النساء تُعاني من ألم أسفل الظهر بعد الدورة، أي بعد انتهاء النزيف، مما يثير تساؤلات حول أسبابه وارتباطه بتغيرات جسدية أو مشكلات صحية.
في هذا المقال، نناقش هذا العرض الشائع من زاوية علمية دقيقة، موضحين أبرز أسباب حدوثه، ومتى يستدعي التدخل الطبي، وكيف يمكن التعامل معه بفعالية.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما سبب ألم أسفل الظهر بعد الدورة؟
لفهم ما سبب ألم أسفل الظهر بعد الدورة، لا بد من التوقف عند مجموعة من العوامل الجسدية والهرمونية التي قد تستمر حتى بعد انتهاء النزيف. إليكِ أبرز الأسباب المحتملة:
التغيرات الهرمونية بعد الطمث
انخفاض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون بشكل مفاجئ بعد انتهاء الدورة يمكن أن يترك أثرًا ملموسًا على الجسم. فهذه الهرمونات لا تُنظم فقط التبويض، بل تؤثر أيضًا على الجهاز العصبي والمزاجي والعضلي. عند هبوطها السريع، قد يحدث اختلال في توازن المواد الكيميائية مثل البروستاجلاندينات، والتي بدورها تسبب تقلصات عضلية في الرحم قد تمتد إلى الظهر.
التقلصات المتأخرة المرتبطة بتغير الهرمونات يمكن أن تُسبب ألمًا موضعيًا في منطقة الحوض والظهر، ويكون الألم أكثر وضوحًا لدى النساء اللاتي يعانين من حساسية هرمونية أو عدم انتظام في دورتهن الشهرية.
الشد العضلي المرتبط بالانقباضات
على الرغم من انتهاء النزيف، قد يظل الرحم في حالة “استعادة” أو انكماش لتقليل حجمه وإعادة التوازن إلى أنسجته. هذا الانقباض يمكن أن يؤدي إلى شد عضلي في عضلات الحوض وأسفل الظهر، خاصةً إذا كانت المرأة تعاني من ضعف في منطقة الظهر أو من وضعية جلوس خاطئة خلال فترة الدورة.
كما أن بعض النساء يُعانين من زيادة في إفراز مادة البروستاجلاندين خلال الدورة، والتي لا تتوقف فورًا بعد الطمث، بل تستمر بنشاطها في أنسجة الرحم، مما يجعل هذه التقلصات المؤخرة مؤلمة ومزعجة.
بطانة الرحم المهاجرة
تُعد بطانة الرحم المهاجرة ( بالإنجليزية: Endometriosis) من أكثر الأسباب شيوعًا خلف آلام أسفل الظهر التي تظهر بعد الدورة، خصوصًا إذا كانت الآلام متكررة وشديدة. في هذه الحالة، تنمو خلايا شبيهة ببطانة الرحم خارج مكانها الطبيعي، مثل على المبايض أو جدار الحوض أو حتى المثانة، وتستجيب هذه الخلايا للتغيرات الهرمونية تمامًا كما تستجيب بطانة الرحم الطبيعية، ما يسبب التهابات ونزيفًا مجهريًا وألمًا حادًا، لا يقتصر فقط على وقت الدورة بل قد يمتد بعدها.
الألم الناتج عن هذه الحالة قد يكون أعمق من الألم العضلي، ويُشبه الطعن أو الحرق، وقد يتزامن مع أعراض أخرى مثل ألم الجماع أو اضطرابات الهضم أو تأخر الحمل.
تكيس المبايض أو اضطرابات التبويض
عند وجود تكيسات على المبيض أو عند حدوث خلل في عملية التبويض، يُفرز المبيض كميات غير متوازنة من الهرمونات، أو تظهر أكياس صغيرة تضغط على الأعصاب القريبة من العمود الفقري ومنطقة الحوض. هذا الضغط قد يتسبب في شعور بثقل أو ألم حاد في أسفل الظهر، وقد يظهر هذا الألم مباشرة بعد انتهاء الدورة.
في بعض الحالات، يكون الألم مرتبطًا بكيس يتعرض للتمزق البسيط (وهو أمر شائع في التبويض)، أو بحدوث نزيف داخلي بسيط داخل الكيس نفسه. كما أن اضطرابات التبويض تُسبب أيضًا عدم انتظام في الدورة، مما يزيد من صعوبة توقع وقت الألم وارتباطه بزمن محدد.
شاهد أيضًا: كل ما ترغب بمعرفته عن ألم أسفل الظهر
هل ألم أسفل الظهر بعد الدورة مباشرة مؤشر لمشكلة خفية؟
إذا لاحظتِ أن ألم أسفل الظهر بعد الدورة مباشرة يتكرر أو يزداد حدّة، فقد يكون مرتبطًا بعوامل مثل التهابات الحوض أو عدوى المسالك البولية. في بعض الحالات، قد تكون هذه الآلام أولى مؤشرات لمشكلة صحية أكبر تتطلب تقييمًا سريريًا.
ألم أسفل الظهر بعد الدورة بأسبوع
في الكثير من الحالات، يظهر ألم أسفل الظهر بعد الدورة بأسبوع خلال فترة التبويض، وهي مرحلة طبيعية في منتصف الدورة الشهرية. لكن أحيانًا، يرتبط الألم بوجود أكياس صغيرة على المبيض أو نشاط هرموني غير منتظم يسبب ضغطًا على العضلات المحيطة بالحوض.
ألم أسفل الظهر بعد الدورة باسبوعين
قد تلاحظين ألم أسفل الظهر بعد الدورة بأسبوعين تحديدًا، وهو وقت يتزامن مع نهاية فترة الإباضة. في هذه المرحلة، قد تزداد الحساسية العضلية أو يحدث احتقان بسيط في المبيضين، خصوصًا إذا وُجدت مشاكل في انتظام التبويض أو تكيس المبايض. الألم في هذه الحالة عادةً ما يكون خفيفًا لكنه ملحوظ.
أسباب ألم أسفل الظهر بعد انتهاء الدورة
إذا كنتِ تتساءلين عن أسباب ألم أسفل الظهر بعد انتهاء الدورة، فالأسباب قد تتراوح من أمور بسيطة مثل الجفاف والتوتر العضلي، إلى أسباب أكثر تعقيدًا مثل الالتهابات المزمنة، مشاكل العمود الفقري، أو أمراض نسائية مثل بطانة الرحم المهاجرة.
متى يجب القلق من ألم أسفل الظهر بعد الدورة؟
في حالات معينة، قد يكون الألم عرضًا لحالة تستدعي المتابعة الطبية، خاصة إذا:
-
استمر الألم لأكثر من أسبوع بعد الدورة.
-
كان الألم يعيق الحركة أو يصاحبه نزيف.
-
ترافق مع حرارة أو تغيرات في البول.
-
لم يتحسن مع العلاجات المنزلية أو المسكنات.
شاهد أيضًا: قبل استخدام دواء كتافاست لتخفيف الألم: إليك كل ما تحتاج معرفته
نصائح فعالة لتخفيف ألم أسفل الظهر بعد الدورة
للتعامل مع ألم أسفل الظهر بعد انتهاء الدورة، جربي هذه الطرق الفعالة:
-
الكمادات الدافئة على أسفل الظهر.
-
تمارين التمدد البسيطة واليوغا.
-
تقليل الكافيين والملح في النظام الغذائي.
-
استخدام مسكنات الألم تحت إشراف طبي.
-
مراجعة الطبيب النسائي في حال تكرار الألم بعد كل دورة.
شاهد أيضًا: أسباب الم اسفل الظهر للحامل وكيفية علاجه
خلاصة
رغم أن الم أسفل الظهر بعد الدورة قد يبدو عارضًا بسيطًا، إلا أنه قد يخفي وراءه مؤشرات مهمة عن صحتك الهرمونية أو النسائية. انتبهي للأعراض المرافقة، وراقبي النمط المتكرر للألم، ولا تترددي في استشارة الطبيب عند الحاجة. الجسد يُخبرك دائمًا بشيء، والإنصات له هو أول خطوة نحو التوازن والعافية.