في تصريح جديد، أعلنت الفنانة الأردنية صفاء سلطان عن تعرضها لحالة صحية مفاجئة، عُرفت إعلاميًا باسم “وجه القمر”. حالة طبية لفتت الأنظار، وخاصة بعد أن كشفت صفاء عن ارتباطها بالتوتر النفسي وتغيرات هرمونية مفاجئة. فما هي حالة وجه القمر؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الحالة صحيًا ونفسيًا؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو مرض وجه القمر الذي أصيبت به صفاء سلطان؟
مرض “وجه القمر”، المعروف أيضًا باسم الوجه البدري (Moon Face)، هو الاسم الشائع لمتلازمة كوشنج (بالانجليزية: Cushing syndrome)، والتي تعرف طبيًا بفرط كورتيزول الدم (بالإنجليزية: Hypercortisolism).
تظهر هذه الحالة نتيجة ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم بشكل مستمر عن الحد الطبيعي، ما يؤدي إلى تراكم الدهون في جانبي الوجه ليأخذ شكلًا مستديرًا يشبه القمر البدر، ومن هنا جاءت التسمية الشائعة للمرض.
دور هرمون الكورتيزول في الجسم
هرمون الكورتيزول يتم إنتاجه في الغدد الكظرية الموجودة أعلى الكليتين، ويؤدي وظائف مهمة تشمل:
-
تحسين استجابة الجسم للتوتر النفسي والضغوط اليومية.
-
دعم جهاز المناعة وحماية الجسم من الالتهابات.
-
تحويل الدهون، الكربوهيدرات، والبروتينات إلى طاقة.
-
الحفاظ على ضغط الدم ضمن المستويات الطبيعية.
-
تنظيم مستويات السكر في الدم.
-
تقليل الالتهابات في الجسم عند الحاجة.
ارتفاع هذا الهرمون بشكل مفرط يؤدي إلى تغيرات جسدية ونفسية واضحة، أبرزها ظهور الوجه القمري.
اقرأ أيضًا: هوس نتف الشعر: ما هو وكيف تتغلب عليه؟

أسباب مرض وجه القمر
تنقسم أسباب مرض وجه القمر إلى قسمين رئيسيين: داخلية المنشأ وخارجية المنشأ.
1. الأسباب الداخلية
-
أورام الغدة النخامية: قد تؤدي هذه الأورام إلى إفراز هرمون موجه للغدة الكظرية (ACTH) يحفزها على إنتاج الكورتيزول بكميات كبيرة، وتعرف الحالة حينها باسم مرض كوشنج (بالانجليزية: Cushing syndrome).
-
الأورام الكظرية القشرية: أورام تنشأ مباشرة على الغدة الكظرية وتزيد إنتاج الكورتيزول.
-
أورام أخرى: في حالات نادرة، يمكن أن تنشأ أورام في الرئة، البنكرياس، أو الغدة الدرقية وتفرز هرمونات تؤثر على إنتاج الكورتيزول.
2. الأسباب الخارجية
-
الأدوية القشرانية السكرية (بالانجليزية: Glucocorticoids): مثل البريدنيزون، والتي تُستخدم لعلاج الربو المزمن، والذئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي، أو أدوية تثبيط الجهاز المناعي بعد عمليات الزرع.
-
هذه الحالات غالبًا تتحسن عند التوقف عن تناول الدواء تحت إشراف طبي.
عوامل الخطر المرتبطة بمرض وجه القمر
هناك عدة عوامل صحية ونمطية يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بمرض وجه القمر، ويجب الانتباه إليها لتقليل المخاطر أو التدخل المبكر عند ظهور أي أعراض:
-
السمنة المفرطة: الوزن الزائد يزيد من تراكم الدهون في الجسم، وخاصة في منطقة البطن والوجه، مما يجعل الأعراض المرتبطة بمتلازمة كوشنج أكثر وضوحًا. كما أن السمنة تؤثر على استقلاب الهرمونات وتوازن الكورتيزول، فتزيد احتمالية ظهور انتفاخ الوجه وتغيرات الجسم المرتبطة بالمرض.
-
مرض السكري من النوع الثاني: ارتفاع مستويات السكر في الدم المزمن يؤثر على وظيفة الغدد الكظرية ويزيد من مقاومة الجسم للأنسولين، مما قد يفاقم تأثير الكورتيزول ويجعل الجسم أكثر عرضة لتراكم الدهون في مناطق الوجه والرقبة، وبالتالي ظهور الوجه القمري.
-
ارتفاع ضغط الدم المزمن: الكورتيزول المرتفع يزيد من ضغط الدم عن طريق تعزيز احتباس الصوديوم والماء في الجسم. الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم المستمر يكونون أكثر عرضة لتفاقم أعراض متلازمة كوشنج، خاصة في الجهاز الدوري، ما يزيد من خطر المضاعفات الصحية المصاحبة.
-
التعرض المستمر للتوتر النفسي والضغط النفسي: الإجهاد المزمن يحفز الغدد الكظرية على إفراز الكورتيزول بشكل أكبر، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور أعراض مؤقتة مشابهة لوجه القمر، حتى عند الأشخاص الأصحاء هرمونيًا. إدارة التوتر النفسي أمر أساسي لتقليل خطر تفاقم الحالة.
-
العوامل الوراثية والاستعداد الجيني: بعض الأشخاص لديهم قابلية جينية لتطور اضطرابات الغدد الصماء، بما في ذلك زيادة إنتاج الكورتيزول. الوراثة يمكن أن تلعب دورًا في سرعة ظهور أعراض الوجه القمري عند التعرض لمؤثرات خارجية أو داخلية.
-
الاستخدام الطويل لبعض الأدوية الستيرويدية: الأشخاص الذين يتناولون أدوية مثل البريدنيزون أو الستيرويدات القشرية لفترات طويلة هم أكثر عرضة لتطور متلازمة كوشنج الخارجية المنشأ، والتي تظهر غالبًا بانتفاخ الوجه وتغيرات واضحة في الجسم.
-
التاريخ الصحي لبعض الأمراض المزمنة: وجود أمراض مزمنة مثل الربو المزمن، الذئبة، أو أمراض المناعة الذاتية يزيد من احتمالية التعرض لمستويات مرتفعة من الكورتيزول، سواء نتيجة الأدوية أو التغيرات الهرمونية المرتبطة بالمرض.
اقرأ أيضًا: ما هي أمراض الشتاء؟ تعرف على أعراضها وطرق الوقاية منها

أعراض مرض وجه القمر
تتعدد الأعراض بين جسدية ونفسية، وتشمل:
-
تراكم الدهون في الوجه وظهور الملامح المستديرة.
-
تراكم الدهون في أعلى الظهر وأسفل الرقبة، ما يعرف بالحدبة.
-
ضعف العضلات وفقدان الكتلة العضلية.
-
ترقق الجلد مع تشققات حمراء إلى أرجوانية، غالبًا في البطن والذراعين.
-
ارتفاع ضغط الدم ومستويات السكر في الدم.
-
تغيرات نفسية مثل الاكتئاب، القلق، وصعوبة التفكير.
-
فرط نمو الشعر أو الصلع.
-
أعراض أقل شيوعًا مثل بطء التئام الجروح، ضبابية الرؤية، ومشكلات النمو لدى الأطفال.
تشخيص مرض وجه القمر
يعتمد التشخيص على عدة خطوات طبية دقيقة، من بينها:
-
الفحص الجسدي: لتقييم مظهر الوجه والتغيرات الجسدية.
-
تحليل البول لمدة 24 ساعة: لقياس مستوى الكورتيزول.
-
الفحوصات التصويرية: مثل التصوير المقطعي المحوسب أو الرنين المغناطيسي للكشف عن الأورام.
-
اختبار الديكساميتازون (Dexamethasone suppression test): لتقييم قدرة الجسم على تنظيم إنتاج الكورتيزول.
علاج مرض وجه القمر
يعتمد العلاج على سبب الحالة وشدتها، ويشمل:
-
تعديل أو إيقاف الأدوية القشرية السكرية إذا كانت السبب وراء ارتفاع الكورتيزول.
-
الجراحة، العلاج الإشعاعي أو الكيميائي في حال وجود أورام.
-
الأدوية المثبطة لإنتاج الكورتيزول مثل كيتوكونازول لتخفيف الأعراض.
العلاج المبكر يحسن النتائج بشكل كبير ويقلل من المضاعفات التي قد تهدد الحياة.

الوقاية من مرض وجه القمر
يمكن اتباع عدة إجراءات للوقاية أو الحد من شدة المرض:
-
المتابعة الطبية الدورية: للكشف المبكر عن أي اضطرابات هرمونية أو أورام محتملة.
-
إدارة التوتر النفسي: ممارسة التأمل، والرياضة، وتقنيات الاسترخاء لتقليل تأثير الضغط النفسي على الجسم.
-
الالتزام بتعليمات الطبيب عند استخدام أدوية قشرية طويلة الأمد.
-
مراقبة عوامل الخطر الصحية مثل السمنة، ضغط الدم، ومستوى السكر في الدم.

خاتمة
تجربة صفاء سلطان مع وجه القمر تذكّرنا بأهمية الانتباه إلى إشارات الجسم، وضرورة الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية معًا. متلازمة كوشنج، رغم أنها قد تبدو نادرة، إلا أن التعامل المبكر معها يمكن أن يمنع مضاعفات خطيرة ويعيد للمريض مظهره الطبيعي وصحته النفسية. مشاركة صفاء لقصتها تشجع على رفع الوعي حول الأمراض الهرمونية وأهمية الفحص الدوري وإدارة التوتر النفسي في حياتنا اليومية.