القلق هو مجموعة من الاستجابات المعرفية والفسيولوجية والسلوكية التي تحدث في أجسامنا لمواجهة مواقف خطيرة أو مخيفة. من الناحية المعرفية، يتم تقييم المخاطر للموقف في أذهاننا، ومن الناحية الفسيولوجية، يكون جسمنا مستعدًا لاتخاذ الإجراءات، ومن ثمّ نحن نتحرك بعيدًا عن التهديد أو نواجهه.
الاستجابة للقلق طبيعية تمامًا وضرورية للحفاظ على أنفسنا في مأمن من التهديدات الجسدية. ومع ذلك، يمكن أن يتحول القلق إلى مشكلة عندما يتم توجيهه نحو أشياء لا تشكل تهديدًا، فإذا ظهر على الشخص باستمرار أعراض القلق مثل القلق والخوف والرهاب، فهذه الأعراض يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة الحياة.
يُعد اضطراب القلق عند الأطفال من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا، وقد يؤثر على حياتهم الدراسية والاجتماعية. يظهر القلق في صورة خوف مفرط أو توتر دائم يتجاوز المواقف العادية ويحتاج إلى دعم وعلاج مناسب.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
أنواع اضطراب القلق عند الأطفال
يتغير قلق الأطفال مع تقدمهم في السن، حيث يظهر الأطفال في مرحلة الطفولة القلق تجاه أشياء بسيطة لا يفهمونها، مثل الخوف من القوى الخيالية كالوحوش والأشباح، ومع تقدم العمر، يتحول مصدر الخوف إلى قضايا واقعية مثل الأداء والقبول والنجاح.
بشكل عام، من المتوقع أن ينخفض مستوى قلق الأطفال وخوفهم مع تقدمهم في السن، وتنقسم اضطرابات القلق عند الأطفال إلى 5 مجموعات مختلفة حسب مصدر القلق والمخاوف:
اضطراب القلق المعمم
يشعرون باستمرار بالقلق الشديد بشأن العديد من الأحداث والمواقف المختلفة التي مروا بها في الماضي أو اعتقدوا أنهم قد يواجهونها في المستقبل.
اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال هو حالة نفسية يشعر فيها الطفل بخوف مفرط من الابتعاد عن والديه أو من يحبهم، مما يسبب له توترًا وصعوبة في النوم أو الذهاب إلى المدرسة. يُعد هذا الاضطراب شائعًا في مراحل الطفولة المبكرة ويحتاج إلى تفهم ودعم من الأهل للتغلب عليه.
شاهد أيضًا: اكتشفي أخطاء الآباء التي تدمر ثقة الأطفال بأنفسهم
اضطراب القلق الرهابي
هذا الاضطراب النفسي هو أحد أنواع اضطراب القلق عند الأطفال الذي يتطور فيه خوف محدد ومستمر وشديد من كائن أو مخلوق أو حدث أو موقف معين. ويكون لديهم تصور غير واقعي عن الخطر أو الأذى الشخصي الذي قد يصيبهم. وغالبًا ما يُلاحظ الرهاب المحدد في مناطق تتواجد بها الحيوانات أو فحص الطبيب أو التطعيم أو ركوب المصعد أو الطيران على متن طائرة.
اضطراب الرهاب الاجتماعي أو القلق الاجتماعي عند الأطفال
اضطراب القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي عند الأطفال هو خوف شديد من المواقف الاجتماعية أو التحدث أمام الآخرين، يجعل الطفل يتجنب التفاعل أو المشاركة في الأنشطة. قد يشعر بالخجل المفرط أو القلق من تقييم الآخرين له؛ مما يؤثر على ثقته بنفسه وأدائه الدراسي والاجتماعي.
اضطراب الهلع عند الأطفال
اضطراب الهلع عند الأطفال هو نوبات مفاجئة من الخوف الشديد أو الذعر دون سبب واضح، يصاحبها أعراض جسدية مثل تسارع ضربات القلب وضيق التنفس والدوخة. قد يشعر الطفل بفقدان السيطرة أو الخوف من الموت.
اضطراب الهلع هو إحدى حالات اضطراب القلق عند الأطفال التي تستدعي التدخل والدعم النفسي المبكر لتجنب تطورها إلى اضطرابات أشد.

صفات الأطفال الذين يعانون من القلق
الصفة الأبرز لدى الأطفال المصابين باضطرابات القلق هي ميلهم لتجنّب المواقف التي تثير فيهم الخوف أو التوتر. ورغم أن هذا التجنّب يساعدهم مؤقتًا على الهروب من الشعور بالقلق، إلا أنه يحدّ من قدرتهم على مواجهة المواقف الصعبة والتأقلم معها مستقبلًا. كما أن هؤلاء الأطفال غالبًا ما يتوقعون حدوث أمور سلبية؛ مما يجعلهم يتجاهلون الإشارات الإيجابية في حياتهم، في حين أنهم يركّزون باهتمام مفرط على أي علامات تشير إلى تهديد أو خطر محتمل.
شاهد أيضًا: لماذا يعاني الأطفال من نوبات الغضب عند حل الواجب؟
الأعراض التي تظهر عند الأطفال المصابين بالقلق
تتنوع أعراض اضطراب القلق عند الأطفال بشكل كبير، حيث يمكن أن يشير النطاق الكامل لسلوك الطفل النشط أو العصبي أيضًا إلى اضطراب القلق. ومع ذلك، فإن هذه الأعراض لا تقدم اليقين الكافي للتشخيص. تشمل أعراض اضطراب القلق عند الأطفال ما يلي:
- عدم تعلم مهارات مثل اللغة أو النظافة.
- العزلة الاجتماعية السلبية أو فرط النشاط.
- سلوك إيذاء النفس مثل نتف الشعر.
- سلوكيات قهرية.
- الارتعاش.
- ضيق في التنفس.
- العصبية عند أداء الواجبات المدرسية والمهام.
- البكاء المفرط عند الأطفال الصغار.
- العودة إلى العادات القديمة مثل التبول في الفراش.
- القلق المفرط عند الانفصال عن الوالدين.
- الخوف بشأن صحتهم وصحة أحبائهم .
- تغييرات في أنماط الأكل نقص الانتباه وصعوبة التركيز.
- صعوبة النوم والاستيقاظ متأخرًا.
- التعب بسرعة.
- القلق من حدوث شيء سيء في الحياة اليومية.
- صعوبة أداء الألعاب والأنشطة اليومية.
- صداع أو ألم جسدي غير مبرر.
- التلعثم.
اضطراب القلق عند الأطفال يصيب الأولاد والبنات بنفس الدرجة، إلا أن الأعراض قد تختلف بين الجنسين؛ فغالبًا ما يميل الصبيان إلى إظهار القلق من خلال السلوك العدواني أو العنف. ويُلاحظ هذا الاضطراب بشكل خاص لدى الأطفال والمراهقين الحساسين أو الخجولين أو المتحفظين، الذين قد يصبحون سريعي الغضب عند مواجهة المواقف اليومية المتغيرة، أو يتصرفون بقلق زائد في البيئات الجديدة. وبصورة عامة، يتميّز الأطفال والمراهقون المصابون باضطرابات القلق بانخفاض ثقتهم بأنفسهم وصعوبة التعامل مع المواقف التي يمكنهم السيطرة عليها في الأصل.

أسباب القلق عند الأطفال
- المناخ الأسري غير المستقر.
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور.
- الفقر المادي والتدهور الاجتماعي.
- النزاعات والعنف داخل الأسرة.
- البيئة ذات المستوى التعليمي المنخفض.
- مرض خطير يصيب أحد الوالدين.
- وفاة أحد الأحباء وخاصة الأخ أو الأخت.
- إصابة الطفل بأمراض خطيرة أو التعرض لحادث خطير.
- الابتعاد عن الوالدين.
- انفصال الوالدين.
- التجارب المهددة للحياة (الكوارث الطبيعية – الحرائق).
ملاحظة: هناك أيضًا عامل وراثي محتمل، إذ يُعتقد أن الاستعداد الجيني قد يرفع من خطر الإصابة باضطرابات القلق لدى بعض الأطفال.
شاهد أيضًا: كيفية شرح الزلازل للأطفال وطريقة دعمهم نفسيًا

متى يصبح القلق مرضًا عند الأطفال؟
يصبح القلق مرضًا عند الأطفال عندما يتجاوز الحد الطبيعي الذي يشعر به أي طفل في مواقف جديدة أو صعبة، ويبدأ بالتأثير سلبًا على حياتهم اليومية وسلوكهم. ويُعد القلق مرضيًا عندما:
- يستمر لفترة طويلة دون تحسّن واضح.
- يمنع الطفل من الذهاب إلى المدرسة أو ممارسة أنشطته المعتادة.
- يؤثر في نومه أو شهيته أو تواصله مع الآخرين.
- يظهر عليه خوف مفرط أو غير مبرر من مواقف معينة.
علاج اضطراب القلق عند الأطفال
يُشرف على علاج اضطرابات القلق عند الأطفال عادةً طبيب الأطفال أو المعالج النفسي المتخصص في علاج الأطفال، إذ يمتلك هؤلاء الخبرة الكافية لتقييم مدى الحاجة إلى العلاج ونوعه المناسب. ويعتمد مسار العلاج ومدته على الاحتياجات الفردية لكل طفل وحالته الخاصة.
عند اختيار المعالج لاضطراب القلق عند الأطفال، من المهم التأكد من أنه يُعامل الطفل باحترام ويأخذ مشاعره على محمل الجد، وأن الطفل يشعر بالارتياح والثقة أثناء الجلسات العلاجية.

العلاج السلوكي
عادةً ما يُعالج اضطراب القلق عند الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين باستخدام العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وهو الأسلوب الأكثر فاعلية في هذه الحالات. ويُفضل البدء بالعلاج في وقت مبكر لتفادي تفاقم الأعراض أو تعميمها على مواقف جديدة.
يهدف العلاج إلى تعديل أنماط التفكير والسلوكيات السلبية التي تغذي مشاعر القلق، مما يساعد على الحد من التوتر والخوف. وتشمل أساليب العلاج تمارين سلوكية، ولعب أدوار، وتدريبات على الاسترخاء لتعزيز قدرة الطفل على المواجهة.
خلال جلسات العلاج السلوكي المعرفي، يتعلّم الطفل التعرف على الأفكار غير المنطقية التي تثير قلقه، ثم يعمل مع المعالج على تقييم مدى واقعيتها وتقدير احتمال حدوث المواقف المخيفة فعليًا. ومن خلال التعاون، يتم تطوير أفكار واستراتيجيات جديدة تمكّنه من التعامل بثقة أكبر مع المواقف المقلقة، إلى جانب عناصر علاجية أخرى داعمة لتعزيز النتائج.

الوقاية من القلق
بصفتك والدًا أو شخصًا بالغًا قريبًا من الطفل، يمكنك أن تلعب دورًا مهمًا في الوقاية من اضطرابات القلق ومساعدة الطفل على التعامل مع مخاوفه. فالخوف – حتى لدى البالغين – ينشأ غالبًا من الإحساس بفقدان السيطرة على الموقف، لذلك فإن أفضل وسيلة للتغلب على القلق هي مساعدة الطفل على استعادة الشعور بالتحكم والأمان. ومن خلال دعمك المستمر وتوفير بيئة آمنة ومطمئنة، يمكنك تعزيز ثقته بنفسه وتقليل شعوره بالخوف والتوتر.
شاهد أيضًا: ما هي العوامل التي تؤثر على قدرات الطفل العقلية والمعرفية؟
تشير الأبحاث إلى أن نحو 10٪ من الأطفال يعانون من اضطراب القلق مع بلوغهم سن السادسة عشرة، كما أن إهمال علاج هذه الاضطرابات خلال المراهقة يزيد من احتمال الإصابة بها في مرحلة البلوغ بنسبة تتراوح بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف. وغالبًا ما يظهر اضطراب القلق عند الأطفال مصحوبًا بالاكتئاب؛ مما يجعل التشخيص المبكر والتدخل العلاجي السريع أمرين بالغَي الأهمية للحفاظ على الصحة النفسية والنمو السليم للطفل.
لذلك، إذا لاحظت على طفلك أعراض القلق المستمرة أو المبالغ فيها، فمن الضروري استشارة طبيب نفسي مختص بالأطفال للحصول على التقييم والعلاج المناسبين.