يُعد تضخم البروستاتا الحميد من المشكلات الصحية الشائعة التي تواجه الرجال خاصةً كبار السن، وحيث أنّ غدة البروستاتا واحدة من أهم أجزاء الجهاز التناسلي الذكري؛ فإن الخلل بها سيؤثر سلبًا على وظائف حيوية في جسم الرجل وعلى جودة حياته أيضًا.
نتطرق في هذا المقال إلى أعراض تضخم البروستاتا الحميد، وأسباب الإصابة به، والمضاعفات التي قد تنتج عن إهمال علاجه، بالَافة إلى التعرف على الوسائل العلاجية المتاحة للتخلص من تلك المشكلة الصحية.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
تضخم البروستاتا الحميد
تضخم البروستاتا الحميد (بالإنجليزية: Benign Prostatic Hyperplasia) أو كما يُعرف أيضًا بتضخم غدة البروستاتا من الحالات الشائعة لدى الرجال عند التقدم في السن، إذ يعاني منها حوالي نصف الرجال الذين أعمارهم بين 51-60 عامًا، وحوالي 90 ٪ من الرجال فوق سن 80 لديهم بالفعل.
وتتميز بأنها حالة ينمو فيها حجم البروستاتا الذي يكون عادةً بحجم حبة الجوز أو كرة الغولف إلى حجم ثمرة البرتقال، فالبروستاتا تمر بفترتين رئيسيتين للنمو مع تقدم الرجل في العمر:
- المرحلة الأولى: تحدث عند البلوغ المبكر.
- المرحلة الثانية: تحدث عندما يبلغ الرجل 25 عامًا ثم تستمر خلال معظم حياته.
ولأن البروستاتا تقع مباشرةً تحت المثانة وأمام المستقيم، ويمر مجرى البول عبرها فقد يؤدي التضخم المستمر إلى جعل جدار المثانة أكثر سمكًا الذي بمرور الوقت يُضعفها وتفقد القدرة على التفريغ بالكامل.
يجب التنويه أن تضخم البروستاتا الحميد ليس سرطانًا في حد ذاته، ولا يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، فالأمر لا يستدعي القلق غالبًا، بل أحيانًا لا تتطلب الحالة أي علاج، لكن إذا بدأت في التسبب بأعراض ملحوظة مع الاكتشاف المبكر يصبح العلاج ضروريًا ومفيدًا معها.
الأعراض الشائعة
تختلف حدة الأعراض بين المصابين لكن تميل إلى التدهور تدريجياً بمرور الوقت، ومن أعراض تضخم البروستاتا الحميد كل مما يلي:
- تكرار الحاجة المُلحة إلى التبول خلال اليوم كل ساعة إلى ساعتين.
- مواجهة صعوبة في بدء التبول. زيادة عدد مرات التبول الليلي.
- عدم قدرة الفرد على إفراغ المثانة بالكامل أي الشعور بامتلاء المثانة حتى بعد التبول.
- تدفق بول ضعيف أو متقطع.
- عدم القدرة على التبول، أو ظهور دم في البول لكنه أقل شيوعاً من باقي الأعراض.
يُمكن أن يعاني بعض الرجال من أعراض ملحوظة على الرغم من التضخم الطفيف في غدة البروستاتا، بينما يعاني البعض الآخر من أعراض بولية طفيفة على الرغم من التضخم الشديد؛ لذا يُمكن القول بأن شدة الأعراض لا ترتبط بمدى تضخم حجم البروستاتا.
وجدير بالذكر أن ظهور واحدة من تلك الأعراض لا يجزم بالإصابة بتضخم البروستاتا، فهناك أسباب أخرى صحية محتملة تتشابه أعراضها مع الأعراض السابقة للتضخم، ومن أمثلتها:
- التهاب البروستاتا.
- التهاب المسالك البولية.
- وجود مشكلات في الأعصاب المتحكمة في المثانة.
- وجود حصوات في الكلى أو المثانة.
- تضيق مجرى البول.
أسباب تضخم البروستاتا عند الرجال
ليس من الواضح تمامًا حتى وقتنا الحالي أسباب تضخم البروستاتا الحميد، لكن من المؤكد أنها تحدث بشكل رئيسي للرجال الكبار في السن، ويظن خبراء الطب أن التغييرات الهرمونية الجنسية التي تحدث للرجال مع تقدم العمر قد تلعب دورًا في تلك الحالة الصحية؛ مثل: انخفاض هرمون التستوستيرون النشط في الدم، وهناك العديد من عوامل الخطر لتضخم البروستاتا الحميد التي توصل إليها التقدم الطبي، وتشمل:
- التقدم في العمر (الشيخوخة)، إذ من النادر أن يتسبب تضخم غدة البروستاتا في ظهور علامات وأعراض لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا.
- وجود تاريخ عائلي وراثي من مشكلات غدة البروستاتا.
- الإصابة بمرض السكري، أو الأمراض القلبية التي تتطلب تناول عقاقير حاصرات البيتا قد يزيد من خطر الإصابة بتضخم البروستاتا.
- ارتفاع وزن الجسم ومعاناة السمنة.
- عدم ممارسة نشاطات بدنية مع أسلوب غذائي غير صحي.
مضاعفات المرض
لا يعاني معظم الرجال المصابين بتضخم البروستاتا الحميد أي مضاعفات، لكن في حالة إهمال العلاج مع الحالات الشديدة ذات الأعراض البولية الملحوظة قد تظهر بعض المضاعفات المحفوفة بالمخاطر، وتشمل ما يلي:
- عدم القدرة المفاجئة على التبول أي احتباس البول الحاد، أو المزمن الذي قد يصل بالأمر إلى إدخال أنبوب (قسطرة) في المثانة لتصريف البول.
- عدوى المسالك البولية الناتجة عن عدم القدرة على إفراغ المثانة بالكامل.
- ظهور حصوات في المثانة، أو تلف جدار المثانة.
- تلف الكلى من الضغط الواقع على المثانة واحتباس البول، أو قد تنتقل عدوى المثانة إلى الكلى.
- الإصابة ببعض المشكلات الجنسية الشائعة؛ مثل: ضعف الانتصاب.
تشخيص تضخم البروستاتا الحميد
يلجأ الطبيب إلى وسائل تشخيصية مختلفة حتى يتأكد من الإصابة بتضخم البروستاتا الحميد، وقد يلجأ إلى فحوصات مساعدة تعمل على تحديد حجم التضخم بعد التشخيص، واستبعاد وجود حالات مرضية أخرى، ومن أهم تلك الفحوصات ما يلي:
- إجراء فحص بدني شامل مع معرفة التاريخ الطبي الكامل.
- إجراء اختبارات الدم والبول؛ حتى يستبعد الطبيب وجود عدوى أو حالات صحية أخرى تسبب نفس الأعراض.
- إجراء اختبار المستقيم الرقمي عبر إدخال الطبيب لإصبعه وهو مرتدي قفازًا ومرطبًا في المستقيم لكي يستطيع تقدير حجم البروستاتا وتطور الحالة.
- إجراء اختبار تدفق البول لقياس مدى بطء مجرى البول مقارنةً بالتدفق الطبيعي للبول، وقياس كمية البول المتبقية بعد التفريغ.
- قد يلجأ الطبيب إلى الأشعة فوق الصوتية، أو تنظير المثانة؛ حتى يرى ما بداخل مجرى البول والمثانة بعد إعطائك مخدرًا موضعيًا.
- إجراء خزعة البروستاتا حيث يتم فيها فحص أنسجة من البروستاتا مجهريًا، وقد يساعد هذا الطبيب في تشخيص سرطان البروستاتا أو استبعاده.
الفرق بين تضخم البروستاتا الحميد وسرطان البروستاتا
يُعد تضخم البروستاتا الحميد حالة غير سرطانية شائعة تصيب الرجال مع التقدم في العمر نتيجة زيادة حجم الغدة، ويسبب أعراضًا بولية مزعجة مثل تكرار التبول وصعوبة تفريغ المثانة، بينما يُعتبر سرطان البروستاتا نموًا غير طبيعي لخلايا خبيثة قد يبدأ بلا أعراض واضحة ثم يتطور مسببًا دمًا في البول أو السائل المنوي وآلامًا في العظام في مراحله المتقدمة، والفرق الأساسي أن التضخم الحميد لا يهدد الحياة وإنما يؤثر على جودة الحياة، في حين أن سرطان البروستاتا قد يكون مهددًا للحياة إذا لم يُكتشف ويُعالج مبكرًا.
طرق العلاج
قد لا يحتاج المصابون بأعراض خفيفة إلى خطة علاجية بجانب المراقبة المستمرة للتأكد من عدم تدهور حالتهم، ويُطلق على هذا الوضع مصطلح الانتظار اليقظ، ويوجد أيضًا طرق لعلاج تضخم البروستاتا الحميد متنوعة ومتاحة في الحالات التي تعاني أعراضًا شديدة.
العلاجات الدوائية
تُعد الاختيارات الدوائية خط العلاج الأول الذي يلجأ إليه الطبيب للتخلص من تضخم البروستاتا الحميد في معظم الحالات، فقد يستخدم علاج واحد أو مزيج حسب الحالة والأعراض، وتشمل الاختيارات ما يلي:
- حاصرات ألفا (بالإنجليزية: Alpha Blockers): تعمل على إرخاء عضلات البروستاتا والمثانة؛ مما يحسن الأعراض لكنها لا تقلل من حجم البروستاتا المتضخم، ومن أشهر أنواعها: الفوزوسين (الاسم التجاري: Uroxatral)، وتيرازوسين (الاسم التجاري: Hytrin)، وتامسولوسين (الاسم التجاري: Flomax).
- مثبطات مختزلة ألفا-5 (بالإنجليزية: 5-Alpha-Reductase Inhibitors): يقلل هذا النوع من الأدوية حجم غدة البروستاتا المتضخمة، كما أنها تزيد من تدفق البول وتقلل حاجة المريض إلى إجراء عملية جراحية للبروستاتا، لكن تحتاج إلى حوالي 6 أشهر حتىتظهر نتائجها فعالة؛ مثل: فيناسترايد (الاسم التجاري: Proscar)، ودوتاستيريد (الاسم التجاري: Avodart).
- مثبطات إنزيم فوسفودايستريز-5 (بالإنجليزية: Phosphodiesterase-5 Enzyme Inhibitors): تساعد في إرخاء العضلات الملساء في الجزء السفلي من المسالك البولية، ويعد هذا العقار من أفضل الاختيارات في المرضى الذين يعانون تضخم البروستاتا الحميد والضعف الجنسي في الوقت ذاته؛ مثل: تادالافيل (الاسم التجاري: Cialis).
شاهد أيضًا: مشاكل مرض السكري والجنس..معاناة يواجهها مرضى السكري
العلاج الجراحي
قد تستدعي بعض الحالات إجراء جراحة تضخم البروستاتا عندما لا تجدي الاختيارات الدوائية نفعًا، أو عندما يحدث انسداد في المسالك البولية، أو عندما تتكون حصوات في المثانة، وتتضمن الإجراءات الجراحية عدة خيارات متنوعة تشمل كل مما يلي:
- استئصال البروستاتا عبر الإحليل (TURP): عملية جراحية يزيل الطبيب فيها الأنسجة التي تسد الإحليل بأداة خاصة، لكن قد تتسبب في حدوث نزيف، والتعرض إلى العدوى، والعجز الجنسي.
- شق البروستاتا عبر الإحليل (TUIP): عملية جراحية يقوم الطبيب فيها بعمل شقين صغيرين في عنق المثانة وفي البروستاتا؛ لتوسيع مجرى البول وتحسين تدفقه.
- التبخير الكهربائي عبر الإحليل: تستخدم هذه التقنية الطاقة الكهربائية الناتجة من قطب كهربائي لتسخين أنسجة البروستاتا بسرعة، وتخفيف انسداد المسالك البولية.
- رفع مجرى البول في البروستاتا: إجراء جراحي طفيف التوغل يفصل فصوص البروستاتا المتضخمة؛ لتوسيع مجرى البول بإدخال أداة في مجرى البول وتحريكها للأمام.
- العلاج بالليزر: من أفضل الوسائل طفيفة التوغل التي يصل الطبيب فيها الحرارة إلى البروستاتا بطرق متنوعة؛ مما يتسبب في موت وإزالة الأنسجة المتضخمة، أو تبخير أنسجة البروستاتا وإذابتها مباشرةً.
شاهد أيضًا: هل هناك علاقة بين استئصال البروستاتا والجماع؟
العلاج بالنباتات والمكملات الغذائية
اكتسبت عدة نباتات عشبية والمكملات الغذائية المشتقة منها شعبية كبيرة في أنحاء العالم للمساعدة في التخلص من تضخم البروستاتا الحميد على الرغم من عدم وجود أدلة علمية كافية حولها، لكن لا يُمكن إنكار حقيقة أن الجميع يُفضل الاتجاه نحو قوة الطبيعة للشفاء من الحالات الطبية المختلفة، وتحتوي القائمة التالية على أكثر العناصر النباتية شيوعًا في تضخم البروستاتا الحميد:
- النخيل القزم الأمريكي.
- جذور عشب جنوب إفريقيا.
- لحاء شجرة البرقوق الأفريقي (بيجيوم أفريكانو).
- جذور نبات القراص اللاذع.
- حبوب لقاح الجاودار (سيكال سيريل).
- بذور القرع.
شاهد أيضًا: سن اليأس للرجل متى يبدأ وما هي علاجاته؟
تعرفنا على أعراض وأسباب تضخم البروستاتا الحميد؛ مما يزيد الإدراك حول أهمية إجراء الفحوصات الدورية خاصةً على الجهاز التناسلي بهدف الاطمئنان على الصحة الجسدية، بالإضافة إلى ضرورة اكتشاف وجود أي خلل مبكر، تجنبًا أن تؤول الأمور إلى مضاعفات غير مرغوبة والتي ستكون ذات تأثيرات سلبية على جوانب الحياة المختلفة.