يهدف صيام شهر رمضان إلى تهذيب النفس والأخلاق وليس الامتناع عن الطعام والشراب فقط، حيث يجب التحلي بالعادات والسلوكيات الإيجابية التي حث عليها ديننا الحنيف.
يعاني بعض الصائمين من نوبات الغضب والعصبية في رمضان، وينتج هذا السلوك الخاطئ نتيجة انخفاض معدل السكر بالدم أو اضطرابات النوم الناتجة عن تغير نمط الحياة وغيرها من اسباب العصبية في رمضان التي نستعرضها معًا.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هي العوامل التي تسبب إثارة الغضب والعصبية في رمضان؟
تتعدد اسباب العصبية اثناء الصيام لتشمل عدة عوامل منها ما يخص العادات الغذائية ومنها ما يخص نمط الحياة والأعباء في رمضان، ومن تلك الأسباب نذكر التالي:
انخفاض مستوى السكر في الدم
يسبب الصيام أو الانقطاع عن الطعام والشراب هبوط مستوى الجلوكوز في الدم (بالإنجليزية: Hypoglycemia)، ومع حدوث هذا الانخفاض يفرز الجسم هرمون الأدرينالين لتحفيز الكبد على إنتاج الجلوكوز، يعرف الأدرينالين بهرمون القتال؛ مما ينتج عنه ارتفاع معدل ضربات القلب، وزيادة معدل التنفس، وتعرق اليدين، والشعور بالغضب والقلق، ويتزامن مع ذلك إنتاج هرمون آخر يعرف بهرمون القلق والتوتر وهو هرمون الكورتيزول، يؤدي ارتفاع معدل الأدرينالين والكورتيزول أثناء الصوم أن يصبح الشخص فريسة نوبة من الغضب والعصبية في رمضان.
الشعور بالجوع
هناك ارتباط وثيق بين الشعور بالجوع والعصبية في رمضان، حيث أن انخفاض مستوى السكر في الدم أثناء الشعور بالجوع يؤثر بشكل مباشر على وظائف الدماغ؛ مما يؤثر على طريقة التحكم في مشاعر الغضب والسلوكيات الناتجة عنها.
أضف إلى ذلك ضرورة التأكيد على أن انخفاض مستوى السكر بالدم الناتج عن الجوع يسبب علو معدل هرموني الأدرينالين و الكورتيزول؛ مما يؤدي إلى الشعور بالعصبية في رمضان.
قلة ترطيب الجسم أو الجفاف
أثبت الباحثون تأثر الحالة المزاجية بقلة شرب الماء أو الإكثار منه، قد يبدو هذا التأثير ليس كبيرًا لدى البعض، لكنّ جفاف الجسم أو رطوبته كان عاملًا مهمًا وضروريًا عند البعض الآخر، فهناك علاقة تستحق البحث بين شرب الماء والشعور بمشاعر القلق وأعراض الاكتئاب؛ وأثناء الصيام ومع الانقطاع عن شرب الماء يتعرض الجسم لحالة من الجفاف تختلف شدتها من شخص لآخر؛ ينتج عن تعطش الجسم للماء ما نلاحظه من مشاعر العصبية في رمضان لدى بعض الأشخاص.
التوقف عن التدخين
يعبر المدخنون عن مشاعرهم بإشعال السجائر، فأصبح هناك ارتباط شرطي أو ادمان جسدي بين مشاعر وسلوكيات المدخن من جهة وبين النيكوتين من جهة أخرى.
يشعر الصائم المدخن بالعصبية في رمضان لاختفاء السبب الشرطي وهو النيكوتين المادة التي أدمن على وجودها عند تولد المشاعر وأداء الأفعال والسلوكيات المختلفة.
الحد من تناول الكافيين
يعتاد البعض تناول القهوة والمشروبات المحتوية على الكافيين بدون اعتدال (أكثر من 4 أكواب أو أكثر من 600 ملغ من الكافيين)؛ مما ينتج عنه تعرضهم لنوبات من الغضب والانفعال عند توقفهم عن تناول تلك المشروبات بنفس المعدل الذي اعتادوا عليه لأي سبب كان.
يسبب ضيق الوقت في رمضان بين المغرب والفجر إلى عدم تناول القدر المعتاد من الكافيين، هذا بالإضافة إلى الامتناع التام عن تناولها أثناء نهار رمضان، يسبب الانخفاض في معدل الكافيين -والذي اعتاده الفرد الصائم في غير أيام رمضان- الشعور بالعصبية في رمضان، والتي يصاحبها أيضًا الإحساس بالصداع وخصوصًا أثناء فترة الصوم.
اضطرابات النوم في رمضان
يسبب تغير نمط الحياة في رمضان التغير في عادات النوم عند الكثيرين؛ مما يسبب إصابة البعض بمشاعر الانفعال والتوتر نتيجة اضطرابات النوم في رمضان، كما أن قلة النوم والأرق يؤدي إلى ارتفاع معدل هرمون الكورتيزول الذي يزيد من مشاعر القلق والانفعال.
كيف تعالج مشاعر العصبية في رمضان؟
يتطلب التحكم في العصبية والغضب العمل ببعض الاستراتيجيات خلال أيام رمضان، بل وتدريب النفس عليها قبل بدء الشهر الكريم، ونذكر منها:
- التعرف على محفزات الغضب وتجنبها، فقد تكون تلك المحفزات أشخاص بعينهم أو مواقف معينة، وتجنب العصبية في رمضان يستدعي الابتعاد عن هؤلاء الأشخاص أو تقليل التعامل معهم، هذا بالإضافة إلى التفكير في طرق مختلفة لمواجهة المواقف المحفزة للعصبية.
- طلب الدعم من الأصدقاء والأهل والتحدث معهم عن محفزات الغضب التي تسبب تلك النوبات العصبية.
- استشارة الاستشاري النفسي المتخصص إذا كان ما تعانيه من العصبية في رمضان خارج عن حد المألوف ولا تستطيع التحكم في التصرفات الناتجة عن تلك العصبية.
- التدرج في تقليل تناول المشروبات التي تحتوي على كافيين، مع العلم أن حد الاعتدال في تناوله يكون بين 200-300 ملغ من الكافيين يوميًا.
- الإقلاع عن التدخين أو الإقلال منه على أقل تقدير يساعد في التخفيف من نوبات الانسحاب التي يعاني منها المدخن أثناء ترك التدخين في نهار رمضان.
- ممارسة الرياضة الخفيفة يساعد على التحكم في نوبات الغضب والعصبية في رمضان، ومن أمثلة تلك التمارين بسيطة المشي أو الركض في المكان، أو مزاولة أي نشاط بدني آخر يستطيع أن يشتت الانتباه عن محفز الغضب.
- تشتيت الانتباه بعيدًا عن العامل المهيج للعصبية لدى الصائم، ومن وسائل تشتيت الانتباه الفعالة، القراءة أو مشاهدة التليفزيون أو نزهة قصيرة فكلها وسائل تساعد في إدارة الشعور بالعصبية والتوتر.
- ممارسة استراتيجيات الاسترخاء مثل اليوغا وسماع الموسيقى الهادئة.
- ممارسة تمارين التنفس العميق للسيطرة على حالات العصبية في رمضان، ومنها أخذ نفس عميق من الأنف في 4 عدات وحبسه في 7 عدات، ثم إطلاق الزفير من الفم في 8 عدات، يمكن تكرار هذا التمرين عدة مرات مع الحرص على استقامة الظهر والأكتاف أثناء أداء تمارين التنفس.
- الحصول على قسط من النوم في نهار رمضان (القيلولة).
- ممارسة العبادات من صلاة وقراءة قرآن وتسبيح هو من الأمور الروحانية التي تخفف من الشعور بالغضب.
- تناول الأطعمة التي تحفز إنتاج هرمونات السعادة مثل البنجر والخضراوات الورقية الداكنة الغنية بحمض الفوليك.
- تناول الأفوكادو والشيكولاتة الداكنة للتقليل من هرمون التوتر.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على التريبتوفان المحفز لإنتاج السيروتونين، مثل: البيض، وصدور الديك الرومي، والشوفان والمكسرات.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميجا 3 والتي تحارب مشاعر الاكتئاب، ومن أمثلتها الأسماك الدهنية والمكسرات وبذور الكتان.
يمكن السيطرة على مشاعر الغضب والعصبية في رمضان من خلال اتباع عدد من الإرشادات التغذوية بالإضافة إلى استراتيجيات أخرى تخص تغيير نمط الحياة، وينصح باتباع تلك النصائح بشكل مسبق قبل بدء رمضان استعدادا لاستقبال الشهر الكريم، ولكي يتم تحقيق الهدف من الصوم لابد من السيطرة على تلك المشاعر السلبية التي ينتج عنها سلوكيات خاطئة تضر بالصائم ومحيطه من الأهل والأصدقاء.