في السنوات الأخيرة، بات الحديث عن الزئبق في سمك التونة، يشغل بال الخبراء والمهتمين بالصحة العامة. وبينما تُعدّ التونة مصدرًا غنيًا بالبروتين وأحماض أوميغا-3 الداعمة للقلب والدماغ، فإنّ مستويات الزئبق العالية فيها تطرح تساؤلات جدية حول سلامة تناولها بانتظام.
في هذا المقال، نغوص في عمق الحقيقة العلمية وراء الزئبق في التونة، نستعرض مستويات التلوث، الفئات الأكثر عرضة، والتوصيات الرسمية لتناول آمن.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هو الزئبق؟
الزئبق هو عنصر كيميائي ثقيل يُرمز له بالرمز (Hg)، ويُعد المعدن السائل الوحيد في درجة حرارة الغرفة. يوجد الزئبق بشكل طبيعي في القشرة الأرضية، وينبعث إلى البيئة من مصادر طبيعية مثل البراكين وحرائق الغابات، وأيضًا من أنشطة بشرية كحرق الفحم والتعدين. تكمن خطورته في قدرته على التحول إلى “ميثيل الزئبق”، وهو الشكل العضوي الأكثر سُمّية، الذي يتراكم في الأحياء البحرية ويتزايد تركيزه كلما صعدنا في السلسلة الغذائية. وعند استهلاك الإنسان لهذه الكائنات، خاصة الأسماك المفترسة مثل التونة، قد يتعرض لتراكم الزئبق في جسمه، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لوظائف الدماغ والقلب والجهاز العصبي.
الزئبق في سمك التونة
لكن لماذا تُعدّ التونة من أكثر أنواع الأسماك احتواءً على الزئبق مقارنة بغيرها؟ يعود ذلك إلى مجموعة من العوامل البيئية والبيولوجية، أبرزها ما يلي:
-
التونة في قمة السلسلة الغذائية: تتغذى على أسماك أصغر ملوثة بالفعل بكميات من الزئبق، ما يؤدي إلى تراكمه في أنسجتها بمرور الوقت، في ظاهرة تُعرف باسم التركيز الأحيائي (بالإنجليزية: Bioaccumulation).
-
الزئبق غير قابل للإخراج بسهولة: جسم الأسماك لا يستطيع التخلص من الزئبق، فيبقى مخزنًا في العضلات، وهو ما يصل إلى المستهلكين في نهاية المطاف.
شاهد أيضًا: مكملات الكولاجين: كل ما ترغب بمعرفته
ما مدى تلوث الأنواع المختلفة من التونة؟
تُقاس تركيزات الزئبق إما بوحدة “جزء في المليون (ppm)” أو “ميكروغرام لكل 85 غرامًا (3 أونصات)”. وفقًا لبيانات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) وهيئة حماية البيئة (EPA)، إليك أبرز الأنواع وتركيزاتها:
النوع | الزئبق (ppm) | الزئبق (ميكروغرام/85 غرام) |
---|---|---|
تونة خفيفة معلبة | 0.126 | 10.71 |
تونة سكيبجاك طازجة/مجمدة | 0.144 | 12.24 |
تونة ألباكور معلبة | 0.350 | 29.75 |
تونة يلوفين طازجة/مجمدة | 0.354 | 30.09 |
تونة ألباكور طازجة/مجمدة | 0.358 | 30.43 |
تونة بيغ آي طازجة/مجمدة | 0.689 | 58.57 |
ما أضرار التعرض المزمن لمادة الزئبق في التونة
يُعدّ التعرض المزمن لمادة الزئبق الموجودة في التونة مصدر قلق صحي حقيقي، خصوصًا مع تراكمه التدريجي في الجسم. وقد ربطت الدراسات بين ارتفاع مستويات الزئبق وظهور مجموعة من الأعراض والمضاعفات، من أبرزها:
-
تلف خلايا الدماغ: لأن الزئبق في سمك التونة يعتبر أنه مادة قادرة على قتل الخلايا العصبية وإضعاف القدرات الإدراكية مثل التركيز والذاكرة.
-
اضطرابات عصبية وحركية: تظهر على هيئة ضعف في المهارات الحركية الدقيقة، ورُعاش، وأعراض شبيهة بالقلق والاكتئاب.
-
زيادة خطر أمراض القلب: بسبب دور الزئبق في أكسدة الدهون، وهي عملية تساهم في تصلب الشرايين وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.
-
تأثيرات خطيرة على الجنين: الزئبق يعبر المشيمة ويؤثر سلبًا على تطور الدماغ والجهاز العصبي لدى الجنين، ما قد يؤدي إلى تأخر في النمو أو اضطرابات سلوكية لاحقًا.
شاهد أيضًا: ما هي الأطعمة التي تساعد في الوقاية من الصداع النصفي؟
من الأكثر عرضة للخطر؟
الفئات التالية يُفضل أن تبتعد كليًا أو تحد من تناول التونة قدر الإمكان، لتجنب مخاطر الزئبق في سمك التونة:
-
الحوامل أو من يخططن للحمل.
-
المرضعات.
-
الأطفال تحت سن 12 عامًا.
-
الرُضّع.
-
كبار السن أو أصحاب الأمراض العصبية.
شاهد أيضًا: ما لا تعرفه عن ملونات الطعام: خطر مخفي في طبقك اليومي!
كم مرة يمكن تناول التونة بأمان؟
بحسب توصيات FDA وEPA:
-
البالغون الأصحاء: 2 إلى 3 وجبات من السمك أسبوعيًا (ما يعادل 85–140 غرامًا للوجبة)، مع التركيز على الأنواع المنخفضة بالزئبق.
-
الأنواع المسموح بها بانتظام: تونة سكيبجاك (بالإنجليزية: Skipjack)، بالظإضافة إلى التونة الخفيفة المعلبة (بالإنجليزية: Light Tuna).
-
الأنواع التي يجب تقليلها: تونة ألباكور، بحيث لا تزيد عن مرة أسبوعيًا، وتونة يلوفين إذ يمكن تناولها مرة أسبوعيًا على الأكثر.
-
الأنواع التي يُفضل تجنبها تمامًا: تونة بيغ آي (بالإنجليزية: Bigeye)، لأنها تحتوي على أعلى مستويات الزئبق بين جميع أنواع التونة الشائعة، بمعدل قد يتجاوز 0.68 جزء في المليون. هذا التركيز المرتفع يجعلها غير آمنة للاستهلاك المنتظم، خاصة للأطفال والنساء الحوامل، نظرًا لارتباطها بمخاطر تراكم الزئبق في الجسم وتلف الأعصاب والدماغ على المدى الطويل.
شاهد أيضًا: 9 عناصر غذائية لإطالة عمر المرأة
بدائل صحية أقل احتواءً على الزئبق
للحفاظ على الفوائد الغذائية للأسماك دون التعرض لخطر الزئبق في سمك التونة، يُنصح بتناول:
-
السلمون.
-
السلطعون.
-
بلح البحر.
-
الإسكالوب.
-
السردين.
جمعيها غنية بالأوميغا-3، ومنخفضة المحتوى الزئبقي، وآمنة للاستهلاك المتكرر.
الخلاصة
التونة ليست عدوًا للصحة، لكنها ليست طعامًا يوميًا أيضًا. فوائدها الغذائية لا تُنكر، لكن ما تحويه من زئبق يجعل من الضروري التعامل معها بوعي وانتقائية.
اختر الأنواع الأخف، لا تتجاوز الكميات الموصى بها، واحمِ أطفالك وجنينك عبر تقليل أو تجنب الأنواع الأعلى تلوثًا. بذكاء في الاختيار، يمكنك الاستفادة من خيرات البحر دون أن تبتلع مخاطره.