يُعدّ الشاي مشروبًا شائعًا في مختلف الثقافات، ويحتل مكانة بارزة على مائدة الكثيرين بفضل نكهته المميزة وفوائده الصحية المتعددة. لكن، ورغم شعبيته، تقع فئة كبيرة من الناس في أخطاء شرب الشاي التي قد تحوّل هذا المشروب المفيد إلى عامل خطر على الصحة، خصوصًا عند تناوله في أوقات غير مناسبة أو بطريقة مفرطة. في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز هذه الأخطاء، مدعومة بتوصيات خبراء التغذية ونتائج الدراسات العلمية الحديثة.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
تناول الشاي بعد الطعام مباشرة
من أكثر أخطاء شرب الشاي شيوعًا هو تناوله مباشرة بعد الوجبات، خاصة تلك الغنية بالحديد، إذ يحتوي الشاي على مركبات تُعرف بالتانين (بالإنجليزية: Tannins)، وهي مركبات نباتية تتفاعل مع الحديد الموجود في الطعام، وتقلل من قدرة الجسم على امتصاصه. الخطورة هنا تكمن في تأثير الشاي تحديدًا على الحديد غير الهيمي، وهو النوع الموجود في المصادر النباتية مثل العدس، السبانخ، والبقوليات.
لتفادي هذا التأثير، يُنصح بترك فاصل زمني لا يقل عن ساعة إلى ساعتين بين تناول الوجبة وشرب الشاي، لضمان امتصاص الحديد بشكل سليم.
شاهد أيضًا: اليوم الدولي للشاي: احتفال بمشروب له جذور عميقة وأثر عالمي
غلي الشاي لفترات طويلة
يُعتبر غلي الشاي لفترات طويلة من أكثر أخطاء شرب الشاي شيوعًا، فكثيرًا ما يُعتقد أن غليه لفترة أطول يعزز النكهة أو “يقوي” مفعوله، بينما في الواقع، تؤدي هذه العادة إلى تفكك بعض المركبات المفيدة، وإطلاق مركبات مهيّجة للجهاز الهضمي، مثل الفلوريد والكافيين الزائد. هذا الإفراط لا يسبب فقط خسارة للمغذيات، بل قد يساهم أيضًا في اضطرابات مثل احتباس الماء في الجسم وتهيّج المعدة لدى البعض، خصوصًا عند استهلاكه بشكل متكرر.
توصيات خبراء التغذية تشير إلى أن وقت التخمير المثالي للشاي، سواء الأسود أو الأخضر، يجب أن لا يتجاوز 3 إلى 5 دقائق. هذا التوقيت كفيل باستخلاص فوائده المضادة للأكسدة دون التسبّب في الإفراط في المركبات التي قد تضر أكثر مما تنفع.
الإفراط في شرب الشاي
يعد الإفراط في استهلاك الشاي من أبرز أخطاء شرب الشاي التي يغفل عنها الكثيرون. ورغم أن كوبًا أو اثنين في اليوم قد يكون مفيدًا، إلا أن تجاوز ثلاثة أكواب يوميًا قد يسبب مضاعفات غير مرغوبة مثل الحموضة، والصداع، والتوتر العصبي، والدوخة، بسبب الجرعة الزائدة من الكافيين. دراسة صادرة عن هاردفرد (بالإنجليزية: Harvard Health Publishing) تؤكد أن الكافيين الموجود في الشاي قد يؤثر على امتصاص الكالسيوم والمغنيسيوم، مما يؤثر سلبًا على صحة العظام وتوازن المعادن في الجسم.
شاهد أيضًا: 5 عادات تفعلها بعد الخامسة مساءً تسبب ألزهايمر… أوقفها الآن!
شرب الشاي مساءً
من أخطاء شرب الشاي التي تؤثر بشكل مباشر على جودة النوم، هو تناوله في ساعات المساء أو قبل النوم مباشرة. فالكافيين الموجود في الشاي، وإن كان أقل من القهوة، يبقى مادة منبهة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتعيق الدخول في مراحل النوم العميق. ووفقًا لمؤسسة النوم الوطنية (بالإنجليزية: National Sleep Foundation)، يُفضل تجنّب الكافيين بجميع مصادره قبل 6 ساعات على الأقل من موعد النوم لتفادي الأرق أو اضطراب دورة النوم الطبيعية.
نصائح لتجنب أخطاء شرب الشاي
للاستفادة من فوائد هذا المشروب العريق وتفادي أخطاء شرب الشاي الشائعة، إليك مجموعة من الإرشادات البسيطة التي تساعدك على الاستمتاع بالشاي دون الإضرار بصحتك:
-
تناول الشاي بعد الوجبة بساعتين على الأقل لتقليل تأثير مركبات التانين على امتصاص الحديد، خصوصًا في الوجبات النباتية.
-
لا تغلِ أوراق الشاي، سواء كان أسودًا أو شايًا أخضر، لأكثر من 5 دقائق حتى لا تفقد فوائده المضادة للأكسدة وتجنّب تهيج المعدة.
-
اكتفِ بحد أقصى 2 إلى 3 أكواب من الشاي يوميًا لتفادي الإفراط في الكافيين وتأثيره على الأعصاب والجهاز الهضمي.
-
اختر الشاي الخالي من الكافيين (بالإنجليزية: Decaf) في المساء إن كنت من محبي الشاي الليلي، لتقليل فرص الأرق واضطرابات النوم.
-
تجنّب إضافة كميات كبيرة من السكر أو الحليب كامل الدسم، ويفضّل استخدام بدائل صحية أو تقليل الإضافات للحفاظ على قيمة الشاي الغذائية.
خلاصة
قد يبدو شرب الشاي عادة بسيطة وتلقائية، لكنها تخفي وراءها الكثير من التفاصيل الصحية التي يجب الانتباه لها. إن تجنّب أخطاء شرب الشاي لا يتطلب تغييرات جذرية، بل يتطلب وعيًا صغيرًا يصنع فرقًا كبيرًا. دع كوب الشاي اليومي يبقى مصدرًا للراحة والصحة، لا سببًا لمشكلات يمكن تفاديها بخطوات بسيطة ومدروسة.