الولادة الطبيعية هي الطريقة الفسيولوجية التي يخرج بها الجنين إلى الحياة عبر قناة الولادة دون تدخل جراحي، وتُعد الخيار الأكثر شيوعًا وأمانًا في غياب المضاعفات الطبية. تتميز هذه العملية بقدرة جسم المرأة على التكيف مع التغيرات الهرمونية والعضلية لتسهيل الولادة، كما تساعد على تعافي أسرع مقارنة بالولادة القيصرية، إضافة إلى تعزيز الترابط بين الأم ورضيعها منذ اللحظات الأولى.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
الاستعداد للولادة الطبيعية
قد يخطر ببالك سؤال: كيف أستعد للولادة الطبيعية؟ فيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها قبل بدء المخاض للاستعداد للولادة الطبيعية:
- التحدث مع الطبيب: لتعرفي إن كان يمكنك إنجاب طفلك من خلال الولادة الطبيعية أم هناك سبب صحي يمنع ذلك، سواء كان هذا السبب يخصك أو يخص طفلك.
- اختاري من سيكون معك: من المهم أن يكون معك من يدعمك أثناء المخاض كزوجك أو أمك أو إحدى القريبات منك.
- احصلي على معلومات عن الولادة الطبيعية: من خلال مراجع الإنترنت أو عبر سؤال المقربات اللواتي أنجبن أطفالهن بهذه الطريقة لتعرفي ما ينتظرك.
طريقة الولادة الطبيعية
الولادة الطبيعية تتم عبر المهبل، وهي ليست مرحلة واحدة بل عدة مراحل، رافقينا في هذه الفقرة لتتعرفي مراحل الولادة الطبيعية:
المرحلة الأولى: المخاض وفتح عنق الرحم
لكي يولد الطفل، يجب أن يصبح عنق الرحم مرنًا ولينًا ومتمددًا، ويمكن أن تستمر هذه المرحلة لمدة تصل إلى 13 ساعة إذا كان طفلك الأول، ومن سبع إلى ثماني ساعات إذا كان طفلك الثاني أو الثالث، حيث تحدث تقلصات تساعد على توسيع عنق الرحم، تتكون المرحلة الأولى للولادة الطبيعية من ثلاث مراحل فرعية:
المخاض المبكر
من المحتمل أن ينقضي معظم المخاض المبكر في المنزل. في هذه المرحلة، يمكنك الاستمرار في أداء أنشطتك المعتادة، والاسترخاء، وشرب الكثير من السوائل، وتناول وجبات خفيفة مع متابعة الانقباضات، وجديرٌ بالذكر أنه مع مرور الوقت، تزداد قوة الانقباضات وتكونين غير قادرة على التحدث أثناءها، وعندما تصلين لهذه المرحلة فهذا معناه أنك انتقلت إلى مرحلة المخاض النشط.
المخاض النشط
في مرحلة المخاض النشط يفتح عنق الرحم من 4- 7 سنتيمترات، وهذه هي المرحلة التي يجب فيها الانتقال إلى المستشفى (إذا كنت تفضلين الولادة في المستشفى)، تحدث التقلصات كل 3- 4 دقائق وتستمر كل منها حوالي 60 ثانية. تظهر هذه الانقباضات أن عنق الرحم ينفتح بشكل أسرع (حوالي 1 سم في الساعة)، ومع تقدم المخاض، قد ينفتح كيس السائل الأمينوسي (ماء الرأس) ويتدفق السائل من المهبل. بمجرد نزول السائل (ماء الرأس)، تصبح الانقباضات أسرع، تحتاجين في هذه المرحلة إلى: الاسترخاء لأنه يساعد في توسيع عنق الرحم، ويمكنك تغيير وضعيتك، والمشي ببطء أو الجلوس في وضع مستقيم.
المرحلة الأخيرة
يفتح عنق الرحم في هذه المرحلة من 7 – 10 سم، هذا هو الجزء الأكثر إيلامًا وإرهاقًا من المخاض حيث يتسع عنق الرحم إلى أقصى حد. تحدث التقلصات كل دقيقتين إلى ثلاث دقائق وتستمر لمدة تصل من 60 – 90 ثانية، قد تشعرين برغبة شديدة في الدفع لأنك تشعرين بالضغط في منطقة المستقيم وألم في منطقة المهبل، حيث يتحرك رأس الطفل ببطء نحو فتحة المهبل.
لكن لا يجب أن تضغطي في هذه المرحلة وعليك انتظار الطبيب كي يخبرك متى تبدأين بالدفع، حيث سيعطيك الإشارة بمجرد اتساع عنق الرحم بالكامل، قد تشعرين بالتعب، والتهيج، والغثيان، والحرارة أو البرودة بالتناوب، ينصح بالتنفس البطيء والاسترخاء خلال هذه الفترة.
شاهد أيضًا: تطوير روبوت برحم صناعي يستطيع إنجاب الأطفال!
المرحلة الثانية: دفع وولادة الطفل
بمجرد أن يتسع عنق الرحم إلى الحد الأقصى، تبدأ المرحلة الثانية من المخاض، تستمر الانقباضات في هذه المرحلة بقوة، على الرغم من أنها غالبًا ما تكون متباعدة، وتساعد الانقباضات المتكررة على دفع الطفل إلى الأسفل ليخرج رأسه عبر قناة الولادة، قد يطلب منك الطبيب الدفع مع كل انقباض، وستشعرين بضغط شديد، وقد تعانين من ألم شديد حول المهبل ومناطق الحوض المحيطة عندما يبرز رأس الطفل من فتحة المهبل.
في هذه المرحلة قد يقرر الطبيب المعالج إجراء بضع الفرج أي إجراء شق في المنطقة الواقعة بين المهبل والمستقيم لتوسيع فتحة المهبل حتى يخرج الطفل بسلاسة إذا لزم الأمر. قد يطلب منك أن تدفعي برفق أو ببطء مع بروز بقية رأس وجسم طفلك، حتى يخرج الطفل أخيرًا إلى هذا العالم.
شاهد أبضًا: عندما يولد الطفل قبل أوانه: كل ما تحتاج معرفته عن الولادة المبكرة
المرحلة الثالثة: إخراج المشيمة
بعد ولادة الطفل، تستمر الانقباضات في دفع المشيمة للخارج، وهي عملية تُعرف أيضًا باسم “ما بعد الولادة”، يمكن أن يستغرق إخراج المشيمة من بضع دقائق إلى نصف ساعة بعد ولادة الطفل، قد يطلب منك الطبيب وضع الطفل على ثديك، لأن هذا يحفز تقلصات الرحم، بدلًا من ذلك، قد يقوم الطبيب بتدليك بطنك بلطف لتحفيز انفصال المشيمة.
حالة الطفل بعد الولادة الطبيعية
يكون معظم الأطفال مستعدين للرضاعة لبضع دقائق بعد الولادة مباشرة بينما قد يستغرق آخرون وقتًا أطول قليلًا. عادة ما يطلب الطبيب منك إرضاع الطفل في أسرع وقت ممكن بعد الولادة، بشرط أن تكون الأم على استعداد للرضاعة الطبيعية، وتساعد الرضاعة بعد الولادة مباشرة على تقلص الرحم؛ وبالتالي تقليل كمية النزيف.
فوائد الولادة الطبيعية للأم والجنين
- شفاء أسرع للأم: فترة التعافي تكون أقصر مقارنة بالولادة القيصرية.
- مضاعفات أقل: انخفاض خطر الإصابة بالعدوى أو النزيف الشديد.
- تعزيز مناعة الطفل: أثناء المرور عبر قناة الولادة، يكتسب الطفل بكتيريا نافعة تساعد في تقوية جهازه المناعي.
- تنظيم التنفس للرضيع: الضغط الطبيعي على صدر الطفل يساعد على إخراج السوائل من الرئتين؛ مما يسهل بدء التنفس.
- الرضاعة الطبيعية المبكرة: غالبًا تبدأ الأم بالرضاعة خلال ساعات قليلة بعد الولادة، مما يعزز الترابط وإدرار الحليب.
- توازن هرموني أفضل: إفراز هرمونات مثل الأوكسيتوسين والإندورفين يساعد في تقليل الألم وتحفيز الترابط بين الأم والطفل.
مضاعفات الولادة الطبيعيةالمحتملة
بعد الولادة الطبيعية، قد تواجهين بعض المشكلات والمتاعب منها:
عند حدوث نزيف، توقعي تدفقًا كثيفًا للدم الأحمر الفاتح في الأيام القليلة الأولى بعد الولادة كما يحدث خلال الفترات الشهرية. ثم يتناقص تدريجيا ببطء ليصبح ورديًا، أو بنيًا، أو أصفر، أو أبيض.
اتصلي بالطبيب على الفور إذا كنت تعانين من الحمى، أو تنزفين كثيرًا وتغيرين الفوط الصحية كل ساعة، أو إذا كانت تخرج جلطات دموية كبيرة.
شاهد أيضًا: أسباب حمّى النفاس وطرق الوقاية لحماية الأم بعد الولادة
ألم المهبل
إذا كان لديك تمزق مهبلي أثناء الولادة فقد يسبب لك الألم لمدة تصل إلى ستة أسابيع، على الرغم من أن التمزق الشديد قد يستغرق وقتًا أطول من ذلك للشفاء. قد يكون الأمر مؤلمًا أثناء الجلوس، ولتخفيف الألم يمكنك القيام بما يلي:
- استخدام وسادة أو وسادة دائرية تساعدك على الجلوس براحة.
- وضع وسادة ثلجية بين الفوط الصحية والجرح مما سيخفف الألم.
- تناول مسكنات الألم وملينات البراز إذا نصحك طبيبك بذلك.
شاعد أيضًا: الباراسيتامول في كل بيت… لكن هل نعرف حقًا كيف نستخدمه؟
ألم أثناء التبول أو التغوط
نظراً لأن الأنسجة المحيطة بالمثانة والإحليل قد تكون متورمة أو بها كدمات، فقد تشعرين بألم أثناء التبول أو التغوط، ويمكنك تخفيف الألم من خلال ما يلي:
- القيام بتمارين تقوية عضلات حوضك لتخفيف الألم.
- تناول ملينات البراز التي وصفها لك الطبيب إذا كنت تعانين من الإمساك.
- شرب الكثير من الماء، 8-10 أكواب يومياً لتعويض الجفاف الذي قد تسببه الرضاعة الطبيعية.
- تناولي الأطعمة الغنية بالألياف.
الانقباضات
تُعرف أيضًا باسم الآلام اللاحقة، وقد تحدث التقلصات لبضعة أيام بعد الولادة مباشرة، هذه الانقباضات جيدة في الواقع لأنها تعني أن الرحم يتقلص مرة أخرى إلى حجمه ويتم ضغط الأوعية الدموية لمنع النزيف الزائد. يمكن أن تحدث التقلصات أثناء إرضاع طفلك.
تساقط الشعر
إن ارتفاع الهرمونات أثناء الحمل يمنعك من فقدان شعرك في فترة الحمل، لكن تعود الهرمونات إلى مستوياتها الطبيعية بعد الولادة؛ بالتالي العودة إلى دورة تساقط الشعر والنمو الطبيعي.
تقلب المزاج
بعد الولادة، من الطبيعي أن تشعري أن مزاجك متقلب وقد تشعرين بالتهيج والإحباط والقلق، وقد تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة. في هذه الحالة استشيري طبيب نفسي لمساعدتك على الخروج مما أنت فيه.
متى لا ينصح بالولادة الطبيعية؟
لا يُنصح بالولادة الطبيعية في بعض الحالات الطبية التي قد تُشكل خطرًا على الأم أو الجنين، ومن أبرزها:
- وضعية غير طبيعية للجنين: مثل الوضع المقعدي أو العرضي.
- الحمل بتوأم أو أكثر: خصوصًا إذا كان وضع الأجنة غير مناسب للولادة الطبيعية.
- ضيق في الحوض: بحيث يصعب مرور الجنين عبر قناة الولادة.
- انفصال المشيمة أو المشيمة المنزاحة: مما قد يسبب نزيفًا خطيرًا.
- ارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل: لتجنب المضاعفات للأم والطفل.
- وجود عمليات جراحية سابقة في الرحم: مثل الولادة القيصرية المتكررة أو جراحات معقدة.
- مشكلات في نمو أو نبض الجنين: تستدعي التدخل السريع بالقيصرية.
تبقى الولادة الطبيعية الخيار الأكثر شيوعًا وآمنًا في كثير من الحالات، لما تحمله من فوائد صحية للأم والطفل على حد سواء. فهي لا تقتصر على كونها تجربة جسدية فحسب، بل تعد رحلة إنسانية مليئة بالمشاعر، تمكّن الأم من الشعور بالقوة والقدرة على خوض هذه المرحلة الفاصلة في حياتها. ومع التقدم الطبي والدعم النفسي والجسدي، أصبحت الولادة الطبيعية أكثر أمانًا وراحة؛ مما يمنح الأم فرصة لبدء حياتها مع مولودها الجديد بثقة وطمأنينة.