تشهد عدة مناطق حول العالم تفشياً متسارعاً لوباء الكوليرا، حيث سجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 400 ألف إصابة وقرابة 5 آلاف وفاة منذ بداية عام 2025، وسط تحذيرات من أن الوضع يواصل التدهور بفعل النزاعات، الفقر، والكوارث المناخية. ورغم تراجع الإصابات مقارنة بالعام الماضي، فإن الارتفاع الكبير في أعداد الوفيات يثير القلق ويدق ناقوس الخطر حول جاهزية الأنظمة الصحية لمواجهة هذا المرض القاتل.
انضم إلى قناة بابونج المجانية على الواتساب نصيحة صحية يومية للحصول على نصائح طبية متنوعة يوميًا.
ما هي الكوليرا
الكوليرا مرض بكتيري حاد يسببه بكتيريا ضمّية (بالإنجليزية: Vibrio cholerae)، ويتميز بإسهال شديد وفقدان سريع للسوائل والأملاح في الجسم. ينتقل عادةً عبر شرب مياه أو تناول أطعمة ملوّثة، وغالباً ما يزداد انتشاره في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. على الرغم من شدته، فإن الكوليرا قابلة للعلاج بسهولة إذا تم التدخل مبكراً بواسطة محاليل الإماهة الفموية أو الوريدية، بينما قد يؤدي التأخر في العلاج إلى الوفاة خلال ساعات قليلة.
شاهد أيضًا: قد تنشر الجراثيم بسبب هذه الأخطاء في غسل اليدين
أسباب عودة تفشي الكوليرا
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن انتشار الكوليرا ليس محصوراً بالبيئة فحسب، بل يرتبط بعدة عوامل متداخلة:
-
النزاعات المسلحة: تعطل أنظمة المياه والصرف الصحي وتزيد من النزوح الجماعي.
-
الكوارث الطبيعية: مثل الفيضانات التي تلوث مصادر المياه وتعيق الوصول إلى مياه نظيفة.
-
التغير المناخي: ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يساعد على تكاثر البكتيريا المسببة للمرض.
-
ضعف البنية التحتية الصحية: تأخر في التشخيص والعلاج يزيد من معدلات الوفاة.
الدول الأكثر تضرراً
تشير البيانات إلى أن عدة دول في إفريقيا وآسيا تتحمل العبء الأكبر من التفشي الحالي:
-
السودان: الأكثر تأثراً عالمياً مع أكثر من 2400 وفاة خلال عام واحد.
-
جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد: سجلتا أعلى معدلات وفيات، وصلت إلى 7.7% و6.8% على التوالي.
-
دول جديدة: عادت الكوليرا للظهور في بلدان لم تسجل تفشيات كبيرة منذ سنوات، مما يعكس هشاشة الوضع الصحي العالمي.
شاهد أيضًا: احذر! طبق الأرز البريء قد يتحول إلى سم قاتل
خطورة المرض وطرق العدوى
الكوليرا مرض بكتيري شديد العدوى يمكن أن يهدد الحياة إذا لم يُعالج بسرعة، وينتشر عبر المياه والطعام الملوّثين، خاصة في البيئات التي تفتقر إلى النظافة والبنية التحتية الصحية المناسبة:
-
طرق الانتقال: ينتقل المرض عادةً عبر شرب مياه ملوثة أو تناول أطعمة غير مطهوة جيداً أو ملوثة بالبكتيريا، كما يزداد خطره في البيئات المكتظة وسوء النظافة الشخصية.
-
فئات معرضة للخطر: الأطفال وكبار السن والمرضى وأصحاب المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة والمضاعفات الخطيرة.
-
أعراض شديدة: يسبب الكوليرا إسهالاً حاداً وفقداناً سريعاً للسوائل والأملاح، مما قد يؤدي إلى جفاف حاد وصدمة إذا لم يُعالج فوراً.
-
سرعة التدخل مهمة: التشخيص المبكر والعلاج السريع عاملان حاسمان لإنقاذ الحياة، حيث يقلل العلاج المبكر بشكل كبير من معدلات الوفاة.
-
تأثير الكوارث: المناطق المتضررة من الفيضانات أو النزوح الجماعي تشهد تفشيات أسرع للمرض بسبب تلوث المياه وانقطاع الخدمات الصحية.
كيف يمكن علاج الكوليرا؟
على الرغم من خطورة الكوليرا، فإن العلاج فعال وبسيط نسبياً عند التدخل المبكر، ويشمل:
-
محاليل الإماهة الفموية (ORS): تعويض السوائل والأملاح المفقودة هو العلاج الأول والأكثر فاعلية للحالات الخفيفة والمتوسطة.
-
العلاج الوريدي: يستخدم للحالات الشديدة التي تعاني من جفاف سريع، لتجنب الصدمة والجفاف الخطير الذي قد يؤدي إلى الوفاة.
-
المضادات الحيوية: تُستخدم لتقليل مدة الإسهال وشدة العدوى، وتسرع من الشفاء خاصة في الحالات الشديدة.
-
التطعيم: توفر بعض اللقاحات الفموية حماية مؤقتة وفعالة ضد الكوليرا، وتستخدم في المناطق عالية المخاطر للحد من التفشي.
كما أن التدخل الطبي المبكر يقلل بشكل كبير من معدلات الوفاة، بينما تأخر العلاج يزيد من المخاطر بشكل كبير، مما يؤكد أهمية الاستجابة السريعة وانتشار الوعي الصحي في المجتمعات.
شاهد أيضًا: مفاجأة: التنظيف المفرط قد يضر.. تعرّف على فوائد الاتساخ للصحة!
جهود المواجهة والوقاية
لمواجهة الكوليرا، توصي منظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية الدولية بعدة خطوات وقائية وعلاجية:
-
تحسين إمدادات المياه النظيفة والصرف الصحي: توفير مياه شرب آمنة وبنية تحتية سليمة يقلل بشكل كبير من فرص انتشار المرض.
-
تعزيز أنظمة الاستجابة السريعة: مراقبة تفشي المرض وعزل الحالات المصابة فوراً يحد من انتقال العدوى.
-
نشر التوعية الصحية: تعليم المجتمعات أسس النظافة الشخصية، وتعقيم الطعام والمياه، وغسل اليدين باستمرار.
-
دعم الأنظمة الصحية في الدول الفقيرة: ضمان وصول العلاج والمستشفيات المتخصصة إلى المناطق الأكثر تأثراً يمكن أن يقلل من معدلات الوفيات بشكل كبير.
إن الوقاية الفعالة تعتمد على مزيج من التدخل الطبي المبكر، تعزيز البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، والتعليم الصحي المستمر، وهو ما يشكل خط الدفاع الأول ضد الكوليرا في أي منطقة معرضة للتفشي.
خلاصة
الكـوليرا ليست مجرد أزمة صحية، بل انعكاس لأزمات أوسع تشمل النزاعات، الفقر، وتغير المناخ. ورغم أن المرض يمكن علاجه بسهولة، إلا أن التأخر في التدخل يحوله إلى كارثة إنسانية. التحذير الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية اليوم رسالة واضحة للعالم: التحرك المبكر وتوفير المياه الآمنة والرعاية الصحية هو السبيل الوحيد لتقليل الخسائر وإنقاذ الأرواح.